واشنطن ـ يوسف مكي
اكتشف علماء الآثار الذين حفروا في قرية صغيرة جنوب المكسيك منحوتات حجرية تسلط الضوء على مدينة مفقودة من أميركا الوسطى، ويعتقد أن مدينة لامبتييكو القديمة في وادي أواكساكا تنحاز إلى جانب القوة الإقليمية ل " مونتي ألبان"، ويعتقد الباحثون أنهم وجدوا أدلة على أن العلاقة بين المستوطنتين ربما تكون أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد في السابق، حيث سعت لامبتييكو إلى أن تكون أكثر استقلالية، وشهد تاريخ المكسيك الغني موجات من الثقافات مع ممارسات سياسية وثقافية ودينية معقدة مع زيادة قوة مدن مختلفة، فيما ظهرت حضارة الزابوتيك قبل نحو 2500 عام وازدهرت في المنطقة المعروفة باسم وادي أواكساكا، وعلى مدى قرون تحولت القوة من المستوطنات الصغيرة إلى معقد مركزي للسلطة في مونتي ألبان.
واكتشف علماء الآثار أنقاض مدينة لامبتييكو في فترة الستينات في المدينة الحديثة Tlacolula de Matamoros في أواكساكا، وكان الموقع يمثل مستوطنة أصغر من مونتي ألبان والتي بلغت ذروتها بين عامي 500-850 م، وعثر الباحثون بعد الفحص الأولى تحت الأنقاض على مبنى على غرار الأنماط النموذجية لمونتي ألبان، ما يشير إلى أنه عند بناء الموقع كانت المدينتان على علاقة ثقافية وثيقة، إلا أن استعادة القطع الأثرية من الموقع في السنوات الأخيرة ألقت بظلال من الشك حول العلاقة بين لامبيتيكو والمدينة المجاورة الأكبر.
واقترح بحث جديد من فريق في متحف فيلد في شيكاغو أنه خلال قرون الاحتلال ذهبت لامبتيكو خلال فترة إعادة تنظيم حيث تغير تصميم المباني، ومن بين القطع الأثرية التي عثر عليها حجر التمساح المنحوت في الصخر والذي اشار إلى التحرك نحو الاستقلال المعماري وحركة ثقافية أعمق، وأضاف جاري فينمان أمين متحف فيلد " خلال هذه الفترة تحولت العلاقة بين لامبيتيكو مونتي ألبان، حيث بدأ الناس في لامبتيكو إعادة نمذجة مبانيهم وإعادة توجيه استخدام المساحات لتمييز أنفسهم عن مونتي ألبان"، وفي حين عُثر على منحوتات مماثلة للتماسيح في مواقع أميركا الوسطى الأخرى إلا أن علماء الأنثروبولوجيا يعتقدون أن الحجر الذي عثر عليه في لامبيتيكو فريد من نوعه، ليس فقط لأنه نادر في هذه الفترة الزمنية ولكن لأن الباحثين يعتقدون أنه تحرك من هيكل تمت إعادة تشكيله، ويشير وجود حامل للفحم من أجل البخور إلى دوره في الطقوس بعد نقله.
وأضافت ليندا نيكولاس عالمة الآثار في متحف فيلد " نعتقد أن حجر التمساح كان جزء من درج مؤدي إلى هيكل في قلب مركز مدني احتفالي في لامبتيكو، وعندما أعاد الشعب بناء المنطقة الأساسية للموقع تم حجب المدخل للهيكل وتفكيك الدرج"، وعلى الرغم من أن هذه التغيرات تبدو مثل تحريك الأثاث إلا أن الباحثين يعتقدون أنها حركة ثقافية أعمق بكثير، وفي ثقافة أميركا الوسطي استخدمت هذه الهياكل في الطقوس الشعائرية فضلا عن أهمية الساحات للاحتياجات الاحتفالية والترفيهية، فيما بُني الهيكل الخاص بلمبتيكو في نفس الاتجاه مع مدخل في الطرف الشمالي، ولكن أغلق المدخل بعد عدة قرون وبُني الدرج في الزاوية، وبالمثل تمت تغطية اللوحات الجدارية، ويسعى الفريق البحثي حاليا للإجابة على عدد من الأسئلة حول مدى هذا التحول الثقافي والسياسي وأسبابه.
أرسل تعليقك