توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشاعر العراقي سعدي يوسف في ذمة الله و إجماع في أوساط نظرائه على أنه قدَم أضافة جديدة للشعر و الادب العربي

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الشاعر العراقي سعدي يوسف في ذمة الله و إجماع في أوساط نظرائه على أنه قدَم أضافة جديدة للشعر و الادب العربي

لندن – سامر موسى

غيَب الموت الشاعر العراقي سعدي يوسف بعد صراع مرير مع المرض في العاصمة البريطانية . ويعتبر الفقيد صاحب مسيرة شعرية وأدبية الطويلة جعلته أحد أكبر الشعراء العرب على الرغم من أنه كان مثيرا للجدل في بلاده. وارتكز شعره على تجارب شخصية وانطباعات من الحياة اليومية وتحدى فيه شعر التفعيلة التقليدي، وبات لأسلوبه تأثير كبير على الشعر العربي المعاصر.

وقد توفي الشاعر في مقرّ إقامته بلندن، في نحو الساعة الرابعة وعشر دقائق من صباح أمس السبت 12 يونيو- حزيران 2021. وقد تمّ تأخير نعيه إلى اليوم بناءً على رغبة الشاعر الفقيد، وسيوارى الثرى يوم الإثنين في مقبرة (هاي غيت) بلندن دون مُشيّعين تنفيذًا لوصيّته. وكان محبّو الشاعر وقرّاؤه في كل مكان يخشون رحيله في أي وقت، بعدما اعتلّتْ صحته منذ دخوله أحد المستشفيات في العاصمة البريطانية في الرابع من أبريل/-نيسان الماضي متأثراً بمضاعفات سرطان الرئة.

ويُعدّ سعدي يوسف الذي رحل عن عمر يناهز الـ87 عاماً، أبرز الشعراء العراقيين وأكثر جدلاً في العقود الأخيرة؛ بسبب تحويلاته الفنّية الجمالية التي أحدثها في القصيدة العربية، .
ولد الشاعر في أبي الخصيب، في البصرة عام 1934، حيث أكمل دراسته الثانوية، وتخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954، وعمل في التدريس والصحافة الثقافية، وبعد انقلاب البعثيين الأول سُجن في فبرابر/ شباط فبراير 1963، قبل أن يفارق بلده إلى طهران ودمشق ثم الجزائر حيث أقام لسنوات، قبل أن يعود الى وطنه بعد انقلاب البعثيين الثاني في يوليوز/ تموز 1968، ولكن لم تطل إقامته بعد حملة قمع متصاعدة ضد الشيوعيين وضد كل من يشتبه في معارضتهم للنظام البعثي، إذ تنقّل الشاعر بين مدن كثيرة: بلغراد، نيقوسيا، باريس، بيروت، دمشق، عدن، طنجة… ليستقر أخيراً في لندن ويحصل على الجنسية البريطانية.

ينتسب سعدي يوسف – تحقيبيّاً- إلى الجيل الثاني من شعراء العراق المُجدّدين، الذي برز في منتصف القرن العشرين، وأعقب جيل الرواد من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي. كانت قصائده في بحر الخمسينيّات؛ أي في (القرصان) 1952، و(أغنيات ليست للآخرين) 1955، و(51 قصيدة) 1959، ما زالت تترسّم خطى القصيدة الكلاسيكية لغة وبناءً وإيقاعًا، أو بالأحرى بلاغة البنية التقليدية للقصيدة الحرّة إلى ذلك الوقت، لكن ابتداءً من (قصائد مرئية) 1965 بدا كأنّ الشاعر يضيق بمنجز الروّاد وسائدهم الجمالي وهو يستعير لغة الحياة اليومية ومشاغلها وتفاصيلها، ويعيد سرد حكايات ومشاهد وبورتريهات من خلالها، باحثاً عن معنى جديد يتشكّل داخل ألوان من المفارقة كبديل لوجهي الاستعارة والتشبيه المعهودين، على نحو صار يؤدي وظيفة مغايرة في خلق الصورة، ويربطها بالسياق الكلّي ويقرّبها كمنحة من القارئ بعد تبديد الغموض والإبهام.

من هنا، أخذ الشاعر يهتدي إلى كتابة شعرية مختلفة تقطع مع النموذج الرومانسي- الغنائي أو النزوع الأسطوري- الميتافيزيقي، فيما هي تنفر من أساليب التجريد اللغوي وتستمدّ مصادرها من الأغاني الشعبية في جنوب العراق حيث نشأ، ومن عالم المشهديّات العابرة والصور الشفّافة والعلاقات المادّية، ومن مُردّدات مزاجه الشخصي ومشروعه الأوطوبيوغرافي، مُحاوِراً شعراء أساسيّين؛ مثل: والت ويتمان، وغارسيا لوركا، ويانيس ريستوس، وكفافي، وبي ضاو.

وابتداءً من هذه اللحظة المفصليّة؛ حيث ابتدع قناع الأخضر بن يوسف كتمثيل كنائي عن صورة الشاعر الغريب والمتشظّي، ستتشكّل قصيدة التفاصيل كخيار شعري وأسلوبي عُرِف به سعدي يوسف، ودان له معظم ما كُتب من شعر عربي، بهذه الصفة أو تلك، منذ نهاية السبعينيات إلى اليوم. ذلك الخيار الذي امتدّ، عميقاً وحزينًا ومُشْرعاً على جميع المنافي، من الأخضر بن يوسف إلى «الشيوعي الأخير».

من داخل محكيّاتها الرئيسية إذن، لا يمكن لنا أن نَفْصل قصيدة سعدي يوسف عن شرطها الجمالي والسياسي في آن، وعن علاقاتها التي كانت تعرض، بطريقة مُميّزة وماكرة، ذلك الرهان الإبستيمولوجي للعمل الفني المفتوح، مُتّخذًا صفة المشروع الحذر الذي لا يثق في أوليات الحداثة وكليشيهاتها المجملة وعوالمها الكُلّية. المغامرة الشعرية والمغامرة التاريخية للذات لا ينفصل بعضهما عن بعض. إنّهما يقتسمان الرهان نفسه، والمجهول نفسه. لهذا، نكتشف كيف كانت قصيدة سعدي يوسف تتحوّل، باستمرار، إلى حديقة عامة ونبوءات حيّة وتاريخ مفتوح على الأسرار وشهادة قاسية للأجيال الآتية.ونعى عدد كبير من الشعراء والكتّاب الشاعر العراقى سعدى يوسف، وكتب الناقد العراقي ماجد السامرائي: «وداعاً شاعرنا الأثير سعدي يوسف وأنت تقول للحياة: لقد قلت فيك، ولك ما سيبقى خالداً على الأزمنة الآتية بذاكرة أجيالها».

وكتب الشاعر والناقد العراقي علي جعفر العلاق: «سعدي يوسف، أيها العظيم الذي لن يتكرّر، وداعا.»وقال الشاعر العراقي يحيى السماوي: «… ورحل الشاعر الرمز سعدي يوسف.. رحل الأشعر منّا جميعا.. رحل عن أحداقنا ليقيم في قلوبنا وفي ذاكرة الأبد».

وكتب الشاعر العراقي عارف الساعدي: «اليوم رحل أحد أهمّ أعمدة الحداثة الشعرية العربية، الشاعر المختلف عليه، والذي مزق هويته، ولكنه استعادها بشعريّته العالية. أنا الآن في دار الشؤون الثقافية أقلب في مجلة الأقلام وفي أعدادها الأولى، حيث اسم سعدي يوسف منقوشاً في كل عدد مُحرّراً ومسؤولاً وشاعراً فيها. أخيراً هدأت روحه اللائبة والقلقة، وداعاً لروح الشعر وخلاصته».

وقال الشاعر التونسي منصف الوهايبي: «وداعاً سعدي يوسف.. سأكونُ خزّافاً/ فقالَ أبي: ستتركنا، إذن: وأقولُ: كيف؟/ يقولُ: من يخلُقْ من الصّلْصال أشكالَ الطّيور يَطِرْ».
وكتب الشاعر الفلسطيني غسان زقطان: «الوداع يا سعدي يوسف، تَعلّمنا منك واعترضنا عليك، ولك في البساط خيوط كثيرة، نتذكر اسمك الذي اتكأنا عليه، فيأتي العراق صاحب الأيادي البيضاء على الشعر».

وكتب الشاعر الزجال وبيت الشعر في المغرب مراد القادري: «الشاعر سعدي يوسف يختار عنواناً جديداً لإقامته الشعرية ويرحل عن عالمنا. سعدي يوسف، الصديق الكبير للمغرب ولبيت الشعر، لم يبخل بالحضور والمشاركة متى دعاه صوت الشعر إلينا».

وكتب الروائي اليمني علي المقري: «كانت عدن تبدو كفقاعة في ذاكرة سعدي يوسف. تظهر دائما في أحاديثه وكتاباته حيث كان شاهداً على فورة أحلامها وفجيعة خرابها. اليوم تفقد عدن أحد أعلامها الذين مرّوا ولم يغادروها أبدا. تفقد الكتابة العربية أحد المشاغبين الكبار، مجد الكتابة وحرّيتها».

وقال الناقد المصري رضا عطية الذي أعدّ واحدة من أهمّ الأطاريح النقدية تحت عنوان الاغتراب في شعر سعدي يوسف: «أنعي إلى الثقافة العربية والشعر العربي، سعدي يوسف.. الذي حمل العراق في منفاه يرفرف في شعره ودماً يسري في شرايينه. وداعاً الأخضر بن يوسف».

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

وفاة شيخ شعراء فلسطين هارون هاشم رشيد عن عمر ناهز 93 عامًا

وفاة الشاعر صلاح فايز أبرز شعراء زمن الفن الجميل عن عمر 86 عامًا

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشاعر العراقي سعدي يوسف في ذمة الله و إجماع في أوساط نظرائه على أنه قدَم أضافة جديدة للشعر و الادب العربي الشاعر العراقي سعدي يوسف في ذمة الله و إجماع في أوساط نظرائه على أنه قدَم أضافة جديدة للشعر و الادب العربي



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon