توقيت القاهرة المحلي 17:39:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قبل أن يستقر به المقام في مقر رئاسة الوزراء البريطانيّة

محطات وعلامات بارزة في حياة بوريس جونسون السياسي والرجل

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - محطات وعلامات بارزة في حياة بوريس جونسون السياسي والرجل

بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الجديد
لندن - مصر اليوم

عاش بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الجديد حياة صاخبة داخل قلب الحدث وتحت الأضواء، قبل أن يستقر به المقام في 10 دوانينغ ستريت - العنوان الرسمي لمقر رئاسة الوزراء البريطانيّة -، سواء في السياسة نائبًا ووزير ظلّ وعمدة للعاصمة ووزيرًا، أو فيما يتعلّق بأموره الشخصية زواجات وخيانات وطلاقات ومشادات مع نساء كثيرات.

ولمع نجمه غالبًا عبر مواقف محرجة في الفضاءين معًا حتى سماه البعض بالمهرّج لكثرة هفواته العلنيّة، وتصريحاته الاستفزازية، ومواقفه المتناقضة وفضائحه المتكررة؛ لكّن ذلك لم يكن كافيًا بأي وقت ليوقف طموحه، أو ليحول دون ارتفاع شعبيته في بعض الأوساط، أو ليعطّل صعوده نحو قمّة هرم السّلطة.

على أن بناء صورة متكاملة عن عقل الرجل الذي سيكون وجه السّياسة البريطانيّة لشهور حاسمة قادمة على الأقل لن تكون ممكنة من خلال استعراض تصريحاته ومواقفه عبر المراحل؛ إذ إنّه معروف بقدرته العجائبيّة على الانتقال من النقيض إلى النقيض، ومن موضع التأييد إلى موضع الإدانة، ومن مكانة الحليف إلى مكانة العدو، بحسب اتجاه الريح وتقلبات الأزمنة. فهو مثلًا، وبصفته سياسيا ينتمي لحزب المحافظين، كان من أشد منتقدي الولايات المتحدّة وقتما كانت حكومة توني بلير العماليّة الحليف الأوثق للرئيس جورج دبليو بوش لحظة حرب العراق 2003. وهو وصف بريطانيا وقتها بأنها استعبدت من قبل واشنطن وأصبحت كمطيّة لها. لكنّه اليوم صديق مقرّب من الرئيس دونالد ترمب ويَعِدُ بأن يبني أقوى التفاهمات الاقتصاديّة مع الولايات المتحدة فور انتهاء عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبيّ. ولعل موقفه من المسألة الأخيرة - أي قضية البريكست - لا يزال طازجًا في أذهان الناس، إذ كان من مؤيدي البقاء وتثبيت العلاقات مع «أصدقائنا على البر الأوروبيّ» قبل أن ينقلب على عقبيه زعيمًا لمعسكر كارهي الاتحاد.

ولذلك فإن استعادة جونسون من خلال نصوص كتبه المنشورة ربما تبدو أفضل رهان ممكن لبناء صورة أكثر تكاملًا عنه. فكثيرون - لا سيما في العالم العربي - قد لا يعرفون أن هذا السياسي الذي يتنقل في شوارع لندن بدراجته روائي قديم، وصحافي متمرّس (كان رئيس تحرير مجلّة سبكتاتور اليمينية الأسبوعيّة) ومؤرّخ أيضًا، وكتبه باعت في مجموعها - رغم رداءتها بحسب أغلب النّقاد - ما يقرب من نصف مليون نسخة. وقد كان حذّر القّراء عشية تصعيده رئيسًا للوزراء من أن متطلبات المنصب قد تعيقه عن إنهاء مُسودات الفُصول الأَخيرة من كتابه الأحدث عن شكسبير - أُحجية العبقريّة - الذي من المفترض نشره مطلع العام المقبل.

وللحقيقة، فإن جونسون ليس بأوّل روائي أو مؤرّخ بريطاني يصبح رئيسًا للوزراء، إذ إن بنجامين ديزرائيلي (1804 - 1881) نشر 14 رواية أدبيّة قبل وصوله للمنصب التنفيذي الأرفع في البلاد، بينما فاز وينستون تشيرتشل (1874 - 1965) بجائزة نوبل للآداب عام 1953 على مجمل أعماله المكتوبة وفيها سيرة ذاتيّة ومقالات صحافية، بصفته مراسلا حربيا، وتأريخ للحربين العالميين وسجل لحياة دوق مالبرو كما رواية يتيمة (سافرولا - 1900) وهي حكاية عن مغامرة أفريقيّة في دولة تقوم فيها ثورة؛ بطلها شخصيّة تشبه كاتب الرواية أكثر من أي أحد آخر. وعلى الرّغم من أنّ كثيرًا من النّقاد الأدبيين يصرّون على فصل النّصوص المكتوبة عن كاتبيها لا سيّما في فضاء الرّواية تحديدًا، فإن مؤرخي الثقافة الشعبيّة رأوا أعمال ديزرائيلي موسومة بإرهاصات لا يمكن تجاهلها عن سياساته المُحافظة في السّلطة، كما في رواية تشرشل، وجذور آيديولوجيته بشأن الصّراعات وهو الذي كان خلال العقود التالية لنشرها (بطل) حربين عالميتين راح ضحاياهما عشرات الملايين من البشر.

فماذا تقول لنا كتابات جونسون إذن عن شخصيته السياسيّة الملتبسة؟

روايته الوحيدة إلى الآن وتحمل عنوان (Seventy - Two Virgins) أي 72 عذراء (أو حوريّة من حوريّات النعيم) نشرها عام 2004 وهي نص كوميدي الطابع في 336 صفحة عن محاولة اغتيال ينفّذها إسلاميّون متطرفون ضد رئيس أميركي (يفترض أنّه جورج دبيلو بوش) وهو يلقي خطابًا له أمام البرلمان البريطاني أثناء زيارة إلى لندن، لتنتهي المحاولة بالفشل بعد سلسلة من الأخطاء والزلات المتتابعة واحتجاز رهائن لثلاث ساعات ونصف من النّهار. وقد فشلت الخطّة - تخبرنا الرواية - بفضل نائب في البرلمان البريطاني اسمه روجر بارلو يصبح في النهاية بطلًا ونجمًا إعلاميًّا، تكاد تتطابق معالم شخصيته مع شخصية جونسون نفسه الغرائبيّة لدرجة أنه بدوره يتنقل بالدّراجة إلى مقرّ عمله وكان يصرّ على ضرورة فصل الأمور الشخصيّة عن العمل السّياسي، علمًا بأن جونسون فُصل بعد صدور الرّواية بشهرين من منصب وزير ظلّ في المعارضة المحافظة بعدما تبيّن كذبه العلني بشأن علاقة خيانة زوجيّة.

الرّواية المتهالكة إبداعيا - باعت نحو 50 ألف نسخة لكنها تلاشت من الساحة الأدبيّة عاجلًا - يسيطر عليها نفس استشراقي بغيض متلفّع بالإسلاموفوبيا ويعتبر أن من طبيعة المسلمين الميل إلى القتل والعنف مدفوعين بوعود الجنس الجماعي المفتوح في الجنة، ويعمم وصف العرب بأن «أنوفهم معقوفة» و«عيونهم زائغة»، بينما يدعو البريطانيين المسلمين من أصول غير بيضاء بـ«ملوني القهوة». وهو إلى جوار انحيازه الآيديولوجي الجلي ضد الشرقيين فإن طريقة تقديمه للشخصيات النسويّة في الرواية تشير إلى نظرة جنسيّة محضة تجاههن لا تنجو منها الخيّرات ولا الشريرات. ولذا لا يستغرب المرء من تصريحاته الأخيرة - بعد 15 سنة من صدور الرّواية - في وصف النساء المسلمات المنتقبات بـ«أكياس القمامة المتنقلة». ولا تقتصر الكراهيّة والشتائم على المسلمين وحدهم بل يطال بعضها أيضًا السياسيين الفرنسيين والأميركيين، ولذا نصحه أحد الصحافيين في جريدة «ذي غارديان» البريطانيّة بسحب كل النسخ من الأسواق قبل الالتقاء بالرئيس الفرنسي قريبًا للتداول بشأن موضوعة البريكست!

عمل جونسون الأهم بالنسبة إليه هو كتابه عن «The Churchill Factor How One Man Made History» أو «دور تشرشل: كيف صنع رجل فردٌ التاريخ» الذي صدر عام 2015 وتجاوزت مبيعاته الربع مليون نسخة. ورغم أنه تعرّض لانتقادات كثيرة في الأوساط الأكاديميّة ووصفه بعضهم بـ«التأريخ الكسول»، فإنّه كان أشبه بدعاية بروباغاندا سياسيّة لا نص أكاديمي، تبدو غايته الوحيدة إقناع النّاخبين البريطانيين بأنّ جونسون هو تشيرشل جديد.

بين كتابي الحوريّات والفرد الذي صنع التاريخ نشر جونسون عام 2007 «The Dream of Room» أو حلم روما، ويجادل فيه بأسباب نجاح الإمبراطوريّة الرومانيّة في خلق ثقافة أوروبيّة متجانسة مقابل فشل الاتحاد الأوروبي المعاصر بهذه المهمة. وقد تحوّل الكتاب إلى سلسلة وثائقيّة يقود المشاهدين خلالها عبر أوروبا مستكشفًا أسرار الحوكمة في الإمبراطوريّة القديمة محاولا بالطبع إقناع الجمهور البريطاني بأنّه محافظ مثقف ليبرالي يليق بأيامنا الرّاهنة. وفي الكتاب إشارة سلبيّة بما خصّ الإسلام أيضًا إذ يقول: «ولا شكّ بأن الاعتقاد بتموضع مشكلة العالم الإسلامي في الإسلام نفسه لا يُجافي الحقيقة».

تطرح النّصوص الجونسونيّة - إن جاز التعبير - في مجموعها صورة سياسي ميكافيللي متقلّب، عنده نوازع عنصريّة عميقة ومواقف مسبقة من الآخرين ومع ذلك فهي قابلة للتغيّر بسهولة وفق تحولات الأيّام، ممتلئ نرجسيّة وتوهمًا في تعامله مع ذات متورّمة. لكّن مثل تلك الأوصاف قد لا تكون مدعاة للإدانة التامّة في عالم السياسة المعاصرة. بل لعلّها تحديدًا سرّ تصعيد بوريس جونسون إلى قمّة هرم السلطة في بريطانيا هذه الأيّام.

قد يهمك ايضا

دراغي يلمج إلى فرض رسوم على قائمة من المنتجات الأميركية

اسعار اليورو في مصر اليوم الخميس 25-7- 2019

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محطات وعلامات بارزة في حياة بوريس جونسون السياسي والرجل محطات وعلامات بارزة في حياة بوريس جونسون السياسي والرجل



اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon