توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شبرا بلولة قرية مصرية صغيرة تنتج أكثر من نصف ياسمين العالم

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - شبرا بلولة قرية مصرية صغيرة تنتج أكثر من نصف ياسمين العالم

صناعة العطور
القاهرة ـ مصر اليوم

ينمو الياسمين، الذي يعد عنصرا أساسيا في صناعة العديد من العطور، بكثرة حول قرية شبرا بلولة المصرية، التي تساهم بقدر كبير في الإنتاج العالمي.عندما يتعلق الأمر بالعطور، يفكر معظم الناس على الفور في العلامات التجارية الفرنسية الشهيرة مثل "شانيل رقم 5"، و"مس ديور"، و"أوبيوم" لمصمم الأزياء الفرنسي الشهير إيف سان لوران، و"شاليمار".

ومع ذلك، قد لا يعرف كثيرون أن أحد المكونات الأساسية في العديد من هذه العلامات التجارية الشهيرة يأتي على الأرجح من قرية صغيرة في مصر.
تقع شبرا بلولة السخاوية (الشهيرة باسم شبرا بلولة) على بُعد حوالي 97 كلم شمال العاصمة المصرية القاهرة، وتنتج أكثر من نصف إنتاج العالم من الياسمين. وتنتج هذه الأزهار رائحة أنثوية كلاسيكية تدخل في صناعة العديد من العطور، وهو ما يجعل الياسمين "حجر أساس في صناعة العطور".
يقول حسين فخري، صاحب مصنع لاستخلاص الياسمين في مصر ورئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للزيوت العطرية وتجارة الروائح: "لقد وصلنا إلى 2500 طن من الأزهار المعالجة سنويًا أو كل موسم، وهو ما يمثل حوالي 60 في المئة من الإنتاج العالمي".
ويضيف فخري، الذي أدخل والده زراعة الياسمين إلى القرية في الخمسينيات من القرن الماضي: "شبرا بلولة لديها أعلى كثافة إنتاج في مصر. خذ بوصلة، وضع نقطة على شبرا بلولة ثم ارسم دائرة نصف قطرها حوالي 30 كلم، فهذه هي المنطقة التي يأتي منها الياسمين المصري كله".
وتُزرع معظم أراضي شبرا بلولة، التي تبلغ مساحتها حوالي 257 فدانًا، بالياسمين، في حين تزرع أراض قليلة شجرة عطرية أخرى تسمى البرتقال المر.
وتنقسم حقول الياسمين إلى صفوف، وعندما تتفتح الأزهار في الليل، تنبعث منها رائحة غريبة نفاذة. ويحب القرويون التحدث مع الزوار القلائل الذين يجتازون طرق المدينة غير المعبدة حول الزهور الجميلة التي تحيط بهم، وقد يطلبون منهم حتى المساعدة في عملية قطف الزهور.
وبالنسبة للقرويين، لا يعد الياسمين مجرد زهرة ذات رائحة طيبة فحسب، لكنه يعد مصدر رزقهم الرئيسي. يقول محمد فرج، الذي يعمل في جمع الياسمين: "الجميع في هذه القرية، من أكبر السكان إلى أصغرهم سنا، يعملون في قطف زهور الياسمين. يستيقظ الأطفال، بدءا من سن السابعة، عند الفجر، ويقطفون الياسمين لبضع ساعات ثم يتوجهون إلى المدرسة. وأنا كنت أفعل ذلك منذ أن كنت في التاسعة من عمري".
ويُعد حصاد الياسمين، الذي يحدث خلال الفترة من يونيو حزيران إلى ديسمبر كانون الأول، عملية رائعة وفريدة من نوعها. فكل يوم قبل غروب الشمس، تبدو حقول الياسمين ورائحتها مثل أي منطقة خضراء أخرى، مع عدد قليل من الأزهار التي تظهر هنا أو هناك. لكن بعد ساعات قليلة فقط، تتفتح البراعم الناضجة تمامًا وينتشر عبيرها عبر الحقول، وكأنها تدعو القرويين للتوجه إلى جمعها في الظلام.
يقول فرج: "يبدأ الناس في قطف الزهور خلال الفترة من الفجر [الساعة الثالثة صباحا] إلى حوالي الساعة التاسعة صباحا، لأنه بعد شروق الشمس تفقد الأزهار التي لم تُقطف رائحتها وتصبح غير صالحة للاستخدام".
وأوضح فخري أن "هذه النبتة هي ملكة الليل. لقد كيفت نفسها بشكل أساسي على التلقيح بواسطة الحشرات الليلية مثل الفراشات بدلاً من النحل والطيور، التي تنشط بشكل أساسي خلال فترات النهار. تتفتح الأزهار أثناء الليل وتطلق أفضل عطورها. لذا، يجب قطفها في تلك اللحظة".
ويجب قطف أزهار الياسمين بعناية، واحدة تلو الأخرى، للحفاظ على زيوتها. يقول فرج: "أثناء عملية قطف الزهور، يتعين علينا أن نوازن بين القطف السريع وفي نفس الوقت عدم الضغط بشدة على الأزهار حتى لا تفقد زيوتها".
وضيف: "أفضل شيء هو جمع البراعم البيضاء الناضجة، لأنها ستظل تزهر على أي حال بعد قطفها بساعات قليلة". ويجب ترك البراعم الوردية الصغيرة غير الناضجة ليوم أو يومين.
ويعتبر قطف الأزهار من شجيرات الياسمين، التي يبلغ ارتفاعها نحو المتر، أمرا شاقا. وفي العديد من المقابلات التلفزيونية، أعرب جامعو الزهور عن إحباطهم بشأن أجورهم المتدنية، وهو الأمر الذي عبر عنه فرج أيضا، قائلا: "قطف الياسمين ليس مجزيًا من الناحية المالية للشباب مثلي؛ فنحن نبحث عن وظائف أخرى ذات عائد مالي أفضل. نحن نقطف الياسمين طوال الليل ثم نبيع ما نقطفه لتاجر الجملة [الذي يرسلها إلى المصنع] مقابل 30 جنيها مصريا [1.44 جنيها إسترلينيا] للكيلوغرام الواحد من الأزهار. ويمكن للشخص أن يجمع في المتوسط نحو ثلاثة كيلوغرامات من الأزهار، وهو ما يعني أن إجمالي ما يحصل عليه يصل إلى 90 جنيها مصريا (4.31 جنيهاً إسترلينياً) في اليوم، وهذا قليل".
ويمكن أن يعزى انخفاض سعر الأزهار المقطوفة إلى المنافسة مع الهند، التي تعد ثاني أكبر منتج للياسمين بعد مصر.
ومع ذلك، يمكن أن يكون السبب الآخر هو تعقيد استخراج زيت الياسمين - المادة المستخدمة في العطور - من الأزهار، التي تخضع لعملية من خطوتين: أولاً، تُخلط الأزهار مع الهكسان، وهو مشتق بترولي متطاير عديم اللون والرائحة، حتى يمكن استخراج عجينة الياسمين، وهي منتج وسيط يشبه الزبدة ويحتوي على كل من زيت الياسمين والشمع. ثم يُفصل زيت الياسمين عن الشمع باستخدام الكحول الإيثيلي.
وخلال هذه العملية، يقل وزن أزهار الياسمين بشكل ملحوظ. يقول فخري: "لقطف كيلوغرام من الأزهار، يتعين على قاطف الأزهار أن يجمع ما بين 4000 و6000 زهرة فردية. أحتاج طنًا واحدًا من الأزهار - حوالي ستة ملايين زهرة - لإنتاج حوالي 2.6 أو 2.7 كجم من عجينة الياسمين، وتنتج هذه العجينة كيلوغراما واحدا من زيت الياسمين".
وعلى الرغم من تدني الأجور، يظل قطف الياسمين مصدر دخل رئيسيا لمعظم القرويين، وخاصة النساء وكبار السن، حسب فرج، الذي يقول: "الناس هنا ينتظرون موسم حصاد الياسمين لتغطية التزاماتهم المالية الكبيرة - فهم يحددون مواعيد حفلات الزفاف على أساس موسم الحصاد".
وبدأ حصاد الياسمين في قرية شبرا بلولة في جذب المزيد من الاهتمام الوطني بسبب التغطية الإعلامية، كما بدأت مجموعات سياحية في زيارة القرية، وهو ما فتح الباب أمام مصادر دخل محتملة أخرى للقرويين.
تقول كايرن أيمن الله أشرف، مؤسسة شركة "سول ترافيل": "أزور قرية شبرا بلولة منذ عام 2018، ثم بدأت في تنظيم رحلات صغيرة للأطفال الذين يقومون برحلات تعليمية واستكشافية. لكن في عام 2020، بدأت في تنظيم رحلات السياحة الداخلية".
وعندما طرحت كارين الفكرة لأول مرة على القرويين، شككوا في نجاحها. وتقول عن ذلك: "قالوا لي: من سيسافر إلى هنا ليرى بعض الأشجار؟" وتضيف: "لكنني نظمت 16 مجموعة سياحية في موسمي 2020 و2021".
ويحب الكثيرون من جامعي الثمار وجود السائحين، ويقول فرج: "نشعر بالسعادة عندما يزورنا الناس، ويلتقطون الصور معنا، ونشعر بأن عملنا موضع تقدير من الآخرين".
وتقول كارين إن العلاج بالطبيعة، وخاصة التواصل مع النباتات، يساعدها على تعزيز صحتها، وتشير إلى أن الياسمين مفيد بشكل خاص لذلك. وتقول: "الياسمين يساعد في اليقظة الذهنية بسبب رائحته ولونه وملمسه".
ويُستخدم زيت الياسمين الأساسي - الذي يختلف عن زيت الياسمين العادي في أنه يُستخلص عن طريق التقطير أو الضغط على البارد بدلاً من الاستخراج بالمذيبات - على نطاق واسع في العلاج بالروائح للمساعدة في تحسين الحالة المزاجية.
وأظهرت دراسة نشرتها مجلة البحوث الصحية أن استنشاق زيت الياسمين الأساسي يزيد من موجات الدماغ المرتبطة بالمشاعر الإيجابية، مثل الشعور بالصحة والنشاط والانتعاش والرومانسية. ويُعتقد أيضًا أنه يقلل من المشاعر السلبية، وخاصة النعاس.
تقول نور وليد، مديرة التسويق في شركة أريج للعلاج بالعطور: "إن استنشاق الياسمين أو استخدامه في التدليك العطري يحسن الحالة المزاجية، وتشير أبحاث إلى أنه يزيد المشاعر الإيجابية، ويرفع مستويات الطاقة".
وفي أوائل العقد الأول من القرن الحالي، طور المصنع المملوك لفخري طريقة باستخدام مذيبات عضوية خالية من البنزين لتلبية احتياجات قطاع العلاج بالروائح. وفي عام 2019، اكتشف المصنع كيفية استخراج الزيت العطري من الياسمين، وهو إنجاز قالت العديد من الأبحاث في هذه الصناعة إنه لا يمكن القيام به.
يقول فخري: "وجدنا طريقة لإنتاج الزيت العطري عن طريق التقطير بالبخار، في خطوة غير مسبوقة على مستوى العالم. إننا كشركة مصرية صغيرة نفتخر للغاية بنجاحنا في تحقيق ذلك".
وأدى تطوير هذه التقنية الجديدة إلى زيادة اهتمام قطاع العلاج بالروائح بالياسمين المصري، لأن هذه الطريقة لا تستخدم أي مشتقات بترولية. وقد حدث هذا في الوقت المناسب تمامًا، عندما انخفض الطلب بشكل كبير في عام 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا.
يقول فخري: "من خلال قدرتنا على إنتاج هذا الزيت الأساسي، كنا قادرين - بكل بساطة - على إنقاذ هذا القطاع والسماح للمزارعين بتسليم إنتاجهم خلال عام 2020".
ويكتسب زيت الياسمين الأساسي المنتج محليًا شعبية متزايدة. تقول نور وليد: "إننا ننتج زيت الياسمين أيضًا عن طريق التقطير بالبخار ونبيعه بكميات كبيرة، وهو أغلى بكثير، وسنقدمه للعلامات التجارية قريبًا".
وسواء اُستخدم الياسمين القادم من شبرا بلولة في العطور أو في العلاج بالعطور، فإنه يساهم بشكل كبير في العديد من المنتجات العالمية، وفي نفس الوقت يوفر سبل العيش لآلاف القرويين في مصر.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبرا بلولة قرية مصرية صغيرة تنتج أكثر من نصف ياسمين العالم شبرا بلولة قرية مصرية صغيرة تنتج أكثر من نصف ياسمين العالم



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon