التغيرات المناخية تهدد عرش الزيتون في مصر

تعد منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا من بين المناطق الأكثر عرضة لتأثير تغير المناخ، ومع الزيادة البالغة في درجات الحرارة أصبحت الأزمة أكثر وضوحا على المنتجات الزراعية. وحذر التقرير من الاحترار العالمي الذي زاد من 1.5 درجة وحتى 2 درجة خلال القرن الحادي والعشرين ما لم تتخذ إجراءات من أجل تخفيضات جذرية في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الإحتباس الحراري في العقود المقبلة، مشيراً إلى أن درجات حرارة سطح الأرض سترتفع حتى عام 2050، ما يترتب عليه عواقب وخيمة أكثر.

ووفقا لدراسة أجريت عام 2019 بمشاركة علماء من هيئة الأرصاد الجوية المصرية، والمركز القومي للبحوث وجامعة القاهرة ومعلمين في باريس، سجلت درجات الحرارة اليومية في مصر ارتفاعا بنحو 1.3 درجة مئوية منذ عام 1960، فيما بلغ معدل الزيادة الحالي حوالي 0.4 درجة مئوية لكل 10 سنوات، لذا أصبح الطقس بالفعل أكثر سخونة من المتوسط العالمي وأسرع من المتوسط العالمي.

يعد هذا تطورا مهما بشكل خاص بالنظر إلى مكانة مصر في سوق الزيتون العالمية، حيث كانت مصر أكبر مصدر لزيتون المائدة في العالم خلال موسم 2019/2018، وفقا لموقع أوليف أويل تايمز، وأنتجت ما يقرب من ربع الإجمالي العالمي، طبقا لإحصاءات المجلس الدولي للزيتون.

وشهدت الإنتاجية في بساتين الزيتون انخفاضا كبيرا في النصف الأول من عام 2021، فإن هذا العام كان من بين أسوأ ما شهدت تلك الزراعات من إنخفاض إنتاج منذ عقود، إذ بلغ محصول الزيتون المحلي نحو 497 ألف طن في العام 2019-2020، فيما يتراوح محصول هذا العام بين 100 و200 ألف طن حتى الآن، وكان من المرجح أن يصل حجم محصول الزيتون في موسم 2021/2020 إلى 690 ألف طن.

وأظهرت دراسة نشرتها الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية في أغسطس الماضي، إن صيف عام 2021 هو الأشد حرارة منذ خمس سنوات، حيث سجلت الحرارة 3-4 درجات مئوية فوق المعدلات العادية.

ويقول دكتور محمد فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة، إن في الأونة الأخيرة لاقى الزيتون إهتمام كبير من زراعية، وأصبح زراعة وصناعة وتجارة مربحة لأصحابها، وأفضل حالاً من كثير من الفاكهة الأخرى، بسبب أنه مجال خصب لاستقطاب فرص عمل متخصصة وخبيرة، وعمالة موسمية مميزة حيث يستوعب الفدان أكثر من 60 يومية عمل موسمية تتعدى قيمة اليومية أحياناً  250 جنيه "يومية الجمع".

ويضيف رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة، أن إنتاج الزيتون يتأثر بالتقلبات المناخية بشكل كبير وتغير المناخ في مصر بوتيرة أسرع من المتوقع، يتسبب في تهديد عرش إنتاجية الزيتون، موضحاً أن الموجات الحارة المتصلة بداية من شهر يونيو كان لها أثر كبير على الانتاجية وجودة الثمار وخاصة التحجيم ولها تأثير أكبر على نسبة الزيت ودرجة التلوين.

وأشار فهيم إلى الخسائر الكبيرة جداً في إنتاجية الزيتون وإنتاج المزارع عموماً بسبب المناخ، حيث اصطدم الزيتون بالمناخ القاسي مما أدى إلى تدهور انتاجيته بدرجة غير مسبوقة أدت إلى نقص حاد في الإنتاجية الذى بلغ من 60 لـ 75 %.

وتابع إن عدم استيفاء احتياجات البرودة اللازمة أدي إلى نقص فى المحصول تجاوز30% للأصناف الأجنبية مثل مانزانيلو وبيكول (الأسبانية) وصنف كالاماتا (يوناني)، وتسببت الموجات الحارة المتتالية في مايو – يونيو –يوليو – أغسطس – سبتمبر إلى نضج مبكر للثمار مما أثر على حجم الثمرة والمادة الجافة ونسبة الزيت وخاصة الأصناف الأجنبية والتي أدت إلى نقص فى الأوزان النهائية للمحصول، وانخفاض المحصول النهائي بحوالى تقريبا ما بين 20-35% عن المحصول المقدر على الشجر في بداية الصيف.

ونوه فهيم أن التقلبات الكبيرة في الطقس تأتي ضمن أزمة تغير المناخ بمصر ويمكن أن تؤدي إلى تغيير لا رجعة فيه في البيئة، فموقع مصر الجغرافى وهشاشة مناخ البلاد يفاقمان من تأثير التغيرات الطفيفة في الأحوال الجوية، حيث يمتد فصل الصيف الآن إلى معظم العام ونتيجة لهذا التغيير، ينحسر إنتاج المحاصيل الزراعية التي لم تعتد على مثل هذا المناخ.

قد يهمك أيضًا:

علماء يُؤكّدون أنّ التغيّر المُناخي يُقلّص فصل الشتاء لحساب الصيف

توقعات بحدوث كارثة مناخية في جزيرة "غرينلاند" مع تسارع عملية ذوبان الجليد