واشنطن - مصر اليوم
قامت شركتا "Verizon" و "AT&T" بتشغيل خدمات الـ"5G" بعد تأخير دام ستة أسابيع، من دون أن تكون الشبكات متاحة بالقرب من العديد من المطارات في الوقت الحالي، بعد صراع الشركات مع إدارة الطيران الفيدرالية وشركات الطيران، فيما سيتمكّن الأشخاص في بعض مناطق الولايات المتحدة من الوصول إلى الخدمات بدءاً من اليوم.
وتتّخذ شركة "AT&T" نهجاً حذراً في طرحها للتقنية، إذ تُتاح خدمات الجيل الخامس من الإنترنت الخاصّة بها في "أجزاء محدودة" من ثماني مناطق، بما في ذلك ديترويت وشيكاغو وتكساس.
وقد صرّحت شركة "Verizon" بأن 100 مليون شخص إضافيّ سيحصلون على إمكانية الوصول إلى شبكة "5G" هذا الشهر في أكثر من 1700 مدينة.
جدير بالذكر استخدام هذه الشركات لطَيف "C-Band" في عملية إطلاق تقنية الجيل الخامس، وهو يحتوي على نطاق تردّدي أكبر من طيف النطاق المنخفض المستخدم في عمليات نشر الـ"5G" السابقة.
وسوف يُتيح استعمال هذا الطيف سرعات تنزيل وتحميل أكبر من الإصدارات السابقة من هذا الجيل. وتدّعي شركة "Verizon" بأن هذا الطَيف أسرع بما يصل إلى 10 مرات من تقنية "4G"، مع سرعات تنزيل تجاوزت 1 غيغابايت في الثانية في بعض المناطق.
وكان قد حذّر الرؤساء التنفيذيّون لكبرى شركات الطيران الأميركيّة لنقل الركّاب والشحن، من أزمة طيران "كارثيّة" هذا الأسبوع، فيما تنشر شركات الاتّصالات AT&T وVerizon خدمات 5G جديدة. ورأوا أنّ هذه الخدمة التي من المقرَّر أن تبدأ يوم الأربعاء، قد تجعل عدداً كبيراً من الطائرات غير صالحة للطيران، مما يتسبّب في حدوث فوضى للرحلات الجوية الأميركيّة، وربما تقطّع سبل عشرات الآلاف الأميركيّين في الخارج، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" يوم الإثنين.
هذا التحذير لم يكن جديداً، إذ بدأ بالتفاعل منذ أواخر العام الماضي، لاسيّما بعد أن أرسلت شركتا "إيرباص" و"بوينغ" رسالة مشتركة إلى حكومة الولايات المتّحدة، تعربان فيها عن مخاوفهما من أنّ إدخال شبكات 5G اللاسلكيّة التي ستصبح نشطة قريباً، قد يكون له تأثير خطير على النقل الجوّي التجاريّ.
أثار هذا الموضوع بلبلة كبيرة في العلاقة ما بين خدمة إنترنت الجيل الخامس 5G وسلامة الطيران. وحذرت إدارة الطيران الفيدراليّة الأميركيّة (FAA) من أنّ تقنية الجيل الخامس الجديدة يمكن أن تتداخل مع أدوات مثل أجهزة قياس الارتفاع، والتي تقيس المسافة التي تقطعها الطائرة فوق سطح الأرض. وتعمل أجهزة قياس الارتفاع في نطاق 4.2-4.4 جيغا هرتز، والقلق هو أنّ التردّدات هذه قريبة جدّاً من هذا النطاق.
بالإضافة إلى الارتفاع، تُستخدم قراءات مقياس الارتفاع أيضاً لتسهيل عمليات الهبوط الآليّ، وللمساعدة في اكتشاف التيّارات الخطرة.
و قال الرئيس التنفيذيّ لشركة "يونايتد إيرلاينز"، سكوت كيربي، الشهر الماضي أنّ "توجيهات 5G الصادرة عن إدارة الطيران الفيدراليّة (FAA) ستمنع استخدام أجهزة قياس الارتفاع الراديويّة في حوالى 40 مطاراً من أكبر المطارات الأميركيّة. وحذّرت شركات الطيران الأميركيّة من أنّ التوجيهات قد تعطّل ما يصل إلى 4 في المئة من الرحلات اليوميّة.
وإذا تُركت هذه المشكلة دون حلّ، بحسب كيربي، "فقد يعني ذلك أنّ في حالة سوء الأحوال الجويّة أو الغطاء السحابيّ أو حتّى الضباب الدخانيّ الكثيف، لا يمكنك القيام إلّا بالطرق البصرية بشكل أساسي في المطارات الأميركيّة الرئيسية".
الخطر يطال بعض شركات الطيران وبعض المطارات الأميركيّة.
رئيس جمعية الطيارين في لبنان وخبير الطيران الكابتن مازن سمّاك، يتحدّث ويسأل أين تكمن خطورة هذه الشبكات على الطيران بشكلٍ مفصّل.
لا تهدّد هذه الشبكات سلامة جميع أنواع الطائرات، وهذه المشكلة محصورة ببعض الطائرات وبعض المطارات في الولايات المتّحدة فقط. أغلب الطائرات لاسيّما "البوينغ" منها، لا تزال تطير بشكل طبيعي، لكن هناك طائرات معيّنة هي المعرَّضة للخطر، لأنّه لم يجرِ اختبار شبكات الجيل الخامس 5G على أجهزة استشعارها، "فهي أجهزة دقيقة إمّا تؤدّي إلى كارثة وإمّا إلى هبوط آمن، فكابتن الطائرة يطبّق التعليمات التي ترسلها هذه الأجهزة".
أجهزة حواسيب الطائرات متّصلة جميعها ببعضها، وإذا لم تُختبر الشبكات عليها، أو إذا ما أعطَت هذه الشبكات قراءة خاطئة، "فهذا يهدّد بشكل كارثيّ سلامة الطائرات"، وفق سمّاك. لذلك، لا تؤثّر شبكات الجيل الخامس 5G فقط على قياس ارتفاع الطائرة عن الأرض، إنّما أيضاً على:
- قوة المحرّك العكسيّة، الذي يخفّف من سرعة الطائرة عند هبوطها، فإن لم يفتح يؤدّي إلى كارثة.
- نظام الطمس أثناء هبوط الطائرة.
- أجهزة الاقتراب.
وقد رفعت شركات الطيران الصوت وحذّرت بحدّة من هذا الخطر. فإلى جانب السلامة، هناك أيضاً خسائر تكبّدتها تلك الشركات، وخصوصاً "بوينغ"، وما جرى معها مع طراز "737 ماكس"، (عندما اضطرّت إلى التوقّف عن خطّ الإنتاج وانخفضت أسهمها إلى الحضيض)، وجاء بعدها انتشار كورونا وكان الضربة القاضية لعالم الطيران، "لذلك، فإنّ هذه الشركات ليست على استعداد لتحمّل أيّ خطأ أو كارثة أخرى".
وفيما تضاربت الآراء والإجراءات ما بين سلطة الطيران الأميركيّة وسلطة الطيران الأوروبيّة في ما يتعلّق بشبكات الجيل الخامس، يستغرب سمّاك هذا التضارب ويعتبره "سابِقة في عالم الطيران، لأنّه لا اجتهادات في هذا العالم، خصوصاً في ما يتعلّق بالسلامة، إنّما الأمر يخضع للعلم فقط".
وقد أعلنت وكالة سلامة الطيران التابعة للاتّحاد الأوروبيّ (EASA)، التي تشرف على 31 دولة، في 17 كانون الأول 2021، إنّ "القضية تتعلّق بالمجال الجويّ الأميركيّ، وفي هذه المرحلة، لم يتمّ تحديد خطر التدخّل غير الآمن في أوروبا".
يتعلّق موضوع الشبكات هذه بموجات تردّد الراديو المسماة C Band وهي تتراوح ما بين 3.5 و4 جيجا هرتز. وتكمن الخطورة في التداخل ما بين شبكات الجيل الخامس على هذه التردّدات، وبين تجهيزات الراديو الخاصّة بمقياس الارتفاع المستخدَم في الطيران، إذ يعمل هذا المقياس ما بين 4.2 و4.3 جيجا هرتز، بحسب ما يشرح مهندس التردّدات الصوتية، جوزف أبو نصر، لـ"النهار".
وتعتبر الـC Band ، التقنية الأكثر انتشاراً في إنترنت الجيل الخامس. فهذا الجيل ينتشر في حاولى 72 بلداً، وبشكلٍ تجاريّ، ولم يشتكِ منه أحد.
وعن التباين في تطبيق الجيل الخامس من الإنترنت في محيط المطارات في بلدان عديدة لاسيّما في أوروبا، يوضح أبو نصر أنّ في أوروبا لا يشكّل هذا الأمر أيّ تهديد لسلامة الطيران، لكنّ الولايات المتّحدة قلقت من هذه الشبكات لأنّ الـC Band تبدأ من 3.4 جيغا هرتز، وتصل إلى 3.98 جيجا هرتز. بينما في أوروبا، تبدأ من 3.4 جيجا هرتز و3.8 جيجا هرتز، أي أنّها بعيدة بشكلٍ أو بآخر من طيف الطيران، ولم تتّخذ أوروبا أيّ إجراء تجاه هذا الموضوع فهو لا يشكّل أيّ خطر، بينما في الولايات المتّحدة اعتُبرت أقرب وقد تشكّل خطرًا، لذلك احتاطت السلطات الأميركيّة.
وفي الحديث عن إقامة مناطق عازلة حول المطارات المعنية بهذه الشبكات، هل هي ممكِنة بينما هناك مطارات عديدة واقعة في مدن سكنية؟ بحسب أبو نصر، يمكن القيام بإجراءات معينة مثل وضع فلاتر لشبكات الإرسال القريبة من المطار كي تحدّ من وصولها إلى الطائرات، أو منع أصحاب الهواتف الذكية من استخدامها في الطائرة إذا كانت تعمل هذه الهواتف على هذه الشبكات. وقد أوصت الحكومة الأميركيّة بأن تكون هذه الشبكات بعيدة حوالى 2 إلى 3 كيلومترات عن المطار.
موقف شركات الاتّصالات
جادلت Verizon و AT&T بأن C band 5G قد تمّ نشره في حوالى 40 دولة أخرى دون مشاكل في تداخل الطيران. ولقد وافقت الشركات على مناطق عازلة حول 50 مطاراً في الولايات المتّحدة، على غرار تلك المستخدَمة في فرنسا، لمدة ستة أشهر لتقليل مخاطر التداخل.
على المدى القصير، وافقت AT&T و Verizon على إرجاء تشغيل بعض الأبراج اللاسلكية موقّتاً بالقرب من المطارات الرئيسية لتجنّب حدوث اضطراب كبير في الرحلات الجوية الأميركيّة. أمّا على المدى الطويل، فتحتاج إدارة الطيران الفيدراليّة إلى مسح الغالبية العظمى من أسطول الطائرات التجارية الأميركيّة، والسماح لها بأداء عمليات هبوط منخفضة الرؤية في العديد من المطارات حيث سيتمّ نشر نطاق الجيل الخامس، وهذا يعني اعتماد أجهزة قياس الارتفاع للعمل بالقرب من محطّات 5G الأساسية.
وحاليًا، تعمل المحطات اللاسلكية للاتّصالات المتنقّلة 5G بالقرب من المطارات، ولكن لم ترد تقارير عن حدوث مشكلات.
وبحسب ما نشر موقع Flight Global للطيران، الشهر الماضي، حذّرت مجموعة شركات الطيران الأميركيّة (A4A) التي تعمل في صناعة الطيران في الولايات المتّحدة الأسبوع الماضي من أنّ التوجيه الأخير المتعلّق بصلاحية الطيران (AD) المتعلّق بشبكات الجيل الخامس من إدارة الطيران الفيدراليّة، يهدّد بتعطيل حوالى 345000 رحلة جويّة و32 مليون مسافر بالإضافة إلى 5400 رحلة شحن.
قد يهمك أيضأ :
"مصر للطيران " تجتاز اعتماد إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية
أميركا تجري تقييمًا فنيًا على تعديلات "بوينغ 373 ماكس"
أرسل تعليقك