اكتشف علماء الفلك خزانا كبيرا من الغاز الساخن في العناقيد المجرّية التي ما تزال تتشكل حول مجرة عنكبوتية، باستخدام مصفوفة "ألما" (ALMA) في تشيلي.وأشار العلماء إلى أن هذا أبعد اكتشاف لمثل هذا الغاز الساخن حتى الآن. وتُعد العناقيد المجرية من أكبر الأجسام المعروفة في الكون.
وتكشف النتائج المنشورة في مجلة Nature، أيضا، عن مدى تكوّن هذه الهياكل في وقت مبكر.وعناقيد المجرات، كما يوحي الاسم، تستضيف عددا كبيرا من المجرات، حتى الآلاف أحيانا.
وبين تلك المجرات يوجد ضباب من الغاز الساخن، يشع بملايين الدرجات المئوية. ويشير علماء الفلك إلى هذا الغاز على أنه "الفراغ العنقودي" (ICM) الذي يتخلل الفراغ بين المجرات في العنقود، ويحتوي على كتلة أكبر من جميع المجرات الموجودة في العنقود.
وعلى هذا النحو، فهو عنصر مهم في عناقيد المجرات، على الرغم من أنه ما يزال يفوق بكثير كمية المادة المظلمة غير المرئية التي تحتويها.
وفي حين أن علماء الفلك اكتشفوا سابقا عناقيد أولية في الكون المبكر، إلا أنهم حتى الآن لم يكونوا قادرين على مراقبة تشكل "الوسط بين العنقودي". والآن، بفضل ملاحظات "ألما" حول مجموعة مزدهرة تسمى بمجرة عنكبوتية، والمعروفة رسميا باسم PKS 1138-262، وهي مجرة متنامية غير منتظمة بها ثقب أسود فائق الكتلة نشط في مركزها، يكون بإمكان العلماء التقاط "الوسط بين العنقودي" في المراحل الأولى من التكوين.
وكان الفريق بقيادة لوكا دي ماسكولو، المؤلف الأول للدراسة والباحث في جامعة تريست بإيطاليا، حريصا على اكتشاف "الوسط بين العنقودي" في عنقود أولي من المراحل الأولى للكون.
وعناقيد المجرات ضخمة جدا بحيث يمكنها تجميع الغاز الذي يسخن عندما يسقط باتجاه العنقود. وتشرح إيلينا راسيا، الباحثة في المعهد الوطني الإيطالي للفيزياء الفلكية (INAF) في تريستا بإيطاليا: "أدى السعي وراء تأكيد المراقبة الأساسي هذا إلى اختيار واحد من أكثر المجموعات الأولية المرشحة الواعدة".
وكان هذا هو العنقود العنكبوتي الأولي، الذي يقع في حقبة كان عمر الكون فيها 3 مليارات سنة فقط.
وعلى الرغم من كونه أكثر العناصر الأولية التي تمت دراستها بشكل مكثف، إلا أن وجود "الوسط بين العنقودي" ظل بعيد المنال.
إن العثور على خزان كبير من الغاز الساخن في العنقود الأولي لشبكة عنكبوتية يشير إلى أن النظام في طريقه إلى أن يصبح عنقودا مجريا طويل الأمد بدلا من التشتت.
واكتشف فريق دي ماسكولو "الوسط بين العنقودي" للعنقود العنكبوتي الأولي من خلال ما يُعرف باسم تأثير Sunyaev-Zeldovich الحراري (SZ).
ويحدث هذا التأثير عندما يمر الضوء من الخلفية الكونية الميكروية، الإشعاع المتبقي من الانفجار العظيم، عبر "الوسط بين العنقودي".
وعندما يتفاعل هذا الضوء مع الإلكترونات سريعة الحركة في الغاز الساخن، فإنه يكتسب القليل من الطاقة ويتغير لونه أو طوله الموجي قليلا.
ويوضح دي ماسكولو: "عند الأطوال الموجية الصحيحة، يظهر تأثير SZ كتأثير ظل لعنقود مجري على خلفية الموجات الكونية الميكروية".
من خلال قياس هذه الظلال على الخلفية الكونية الميكروية، يمكن لعلماء الفلك بالتالي استنتاج وجود الغاز الساخن وتقدير كتلته ورسم خريطة لشكله.
ويمكن تمييز كمية الغاز الساخن الموجودة وكيفية توزيعها من خلال الكتلة. وقام فريق دي ماسكولو بحساب كتلة "الوسط بين العنقودي"، والتي قدّرت بـ 35 تريليون ضعف كتلة شمسنا.
ويتدفق الغاز إلى العناقيد الأولية على طول خيوط الشبكة الكونية من المادة المظلمة، والتي تمتد عبر الكون.
ويقول دي ماسكولو: "بفضل الدقة والحساسية التي لا مثيل لها، فإن "ألما" هي المنشأة الوحيدة القادرة حاليا على إجراء مثل هذا القياس للأسلاف البعيدة للعناقيد الضخمة".
لقد توصلوا إلى أن العنقود الأولي للمجرة العنكبوتية يحتوي على خزان ضخم من الغاز الساخن عند درجة حرارة بضع عشرات الملايين من الدرجات المئوية.
في السابق، تم اكتشاف غاز بارد في هذا العنقود الأولي، لكن كتلة الغاز الساخن الموجودة في هذه الدراسة الجديدة تفوقه بآلاف المرات.
ويُظهر هذا الاكتشاف أن من المتوقع بالفعل أن يتحول عنقود العنكبوت الأولي إلى مجموعة مجرات ضخمة في نحو 10 مليارات سنة، ما يزيد كتلته بعشر مرات على الأقل.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تلسكوب جيمس ويب الفضائي يكشف الأسرار الكيميائية لعالم بعيد
تلسكوب جيمس ويب يكتشف اثنين من أقدم المجرات في الكون
أرسل تعليقك