كشف وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية، المهندس خالد الفالح، عن تأسيس شركة مشتركة بين الهيئة الملكية في الجبيل وينبع وشركة "أرامكو" السعودية من جهة، وشركة صينية من جهة أخرى، لجذب الاستثمارات الصناعية الصينية وتمكينها في السعودية، مشيرًا إلى أن تلك الشركة تخدم "رؤية المملكة 2030" ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
وأكد الفالح في تصريحات على هامش لقاء جمع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، تشانغ قاولي، برجال الأعمال السعوديين في مدينة جدة، الأربعاء، وجود توافق كامل بين السعودية والصين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والعسكرية.
وقال الفالح، إن الصين تنظر إلى السعودية بصفتها قائدة للعالمين الإسلامي والعربي، فضلًا عن كونها مركزًا أساسيًا للاستقرار في المنطقة، وبناءً على هذا التوافق وتلك الرؤية "هناك تعاون في العديد من المجالات، ومن أهمها التعاون بين المؤسسات العسكرية في البلدين، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب"، مبينًا أن المنتدى الذي تشهده جدة اليوم سيشهد تركيزًا على مجالات التعاون بين السعودية والصين".
ولفت الفالح إلى أن زيارة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني إلى السعودية، استمرارًا لمسيرة عمل ومراجعة لما تم تنفيذه من اتفاقيات وقعت سابقًا لإطلاق بعض المبادرات الجديدة التي ستعلن الخميس، من خلال لجنة كبرى رفيعة المستوى، فضلًا عن كونها تمثل استمرارًا لزخم بدأ قبل عامين منذ زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ، إلى الرياض، ولقائه خادم الحرمين الشريفين، وإطلاق شراكة إستراتيجية بين السعودية والصين، تبعها زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد عام، وعقد الاجتماع الأول للجنة الثنائية رفيعة المستوى بين البلدين.
وذكر الوزير الفالح أن اللجنة تضم 5 لجان فرعية شاملة المحاور كافة لعلاقة إستراتيجية بين البلدين، منها السياسي والأمني والعسكري والتبادل التجاري والثقافي، ومنها أيضًا شراكة تتمحور بشأن مبادرة حزام الطريق لـ"رؤية السعودية 2030"، وتنمية القطاعات الإنتاجية بين البلدين، بما فيها الاستمرار في العلاقة الإستراتيجية للطاقة.
وأشار الفالح إلى أن مذكرات التفاهم واتفاقيات الشراكة التي تم إبرامها خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين للصين قبل أشهر، تشمل العديد من المشاريع التي سيكون أغلبها في السعودية، مبينًا أن من بينها مشاريع بنية تحتية وفي قطاع المعلومات، موضحًا أنه سيتم صهر العديد من المشاريع التي تم الاتفاق عليها في بوتقة واحدة لتكون السعودية المحطة الرئيسية لمبادرة "الحزام والطريق" التي تلتقي مع "رؤية السعودية 2030"، والتي ستكون السعودية فيها محطة الربط بين القارات.
وأضاف الفالح، أن الصين بحاجة إلى منصة تصل من خلالها إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ووسط آسيا وأوروبا، آخذة في الاعتبار الموقع الجغرافي للسعودية ورؤية 2030، لتفعيل هذا الموقع من خلال الشراكات اللوجيستية والإستراتيجية، مركزًا على أن "البيئة جاهزة لتفعيل المحور الرئيسي في قارة آسيا بين الصين التي ستكون هي القطب الشرقي لهذه القارة، وبين السعودية التي تعد أكبر اقتصاد في محيط الشرق الأوسط وأفريقيا".
وأبرز وزير الطاقة والطاقة، أن جازان تمثل حاليًا أكثر منصة متقدمة للعلاقات بين الصين والسعودية، ما يعني أنها ستكون نقطة ارتكاز في مبادرة الحزام والطريق، قائلًا إنه سيتم الإعلان عن مشروع كبير يتمثل في تأسيس شركة مشتركة بين السعودية والصين لجذب الاستثمارات الصناعية الصينية وتمكينها، مبينًا أن قيمة الاتفاقيات السعودية الصينية تفوق 60 مليار دولار، جزء منها خاص بمبادرة الحزام والطريق، وجزء آخر للصناعات، وبعضها وقع خلال زيارة الملك، والبعض الآخر سيوقع اليوم، وستتقدم إلى مراحل.
وركز الفالح على أن السعودية تطمح إلى أن تكون المورد الأول للنفط الخام فقط، بل تسعى إلى أن تكون المستثمر الأكبر في قطاع التكرير والبتروكيماويات في السوق الصينية، مؤكدًا أنه سيكون هناك تقدم في هذا المجال.
وعلى جانب آخر، التقى تشانغ قاولي، رجال الأعمال السعوديين على رأس وفد وزاري يمثل مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية والاستثمارية، بحضور رئيس مجلس الغرف السعودية، المهندس أحمد الراجحي، ورئيس مجلس الأعمال السعودي الصيني المهندس عبدالله المُبطي، ويهدف اللقاء الذي يأتي تزامنًا مع اجتماع اللجنة السعودية الصينية رفيعة المستوى إلى تعزيز فرص الاستثمار المشتركة بين البلدين.
وتتركز مهام اللجنة في تعزيز التواصل بين البلدين على المستوى الإستراتيجي، وتعميق الثقة السياسية المتبادلة، والالتقاء بين الاستراتيجيات التنموية لدى البلدين، واستخلاص تجارب التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات، وتحديد الاتجاهات ذات الأولوية للتعاون في المستقبل، ودعم التعاون بين الجانبين في المشاريع المهمة.
وتهتم اللجنة بتكثيف التشاور والتعاون بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية، وحماية المصالح المشتركة للجانبين، ومتابعة مدى تنفيذ القرارات الصادرة عن اللجنة المشتركة الرفيعة المستوى وإحاطة قائدي البلدين بآخر تطورات العمل، والدفع بالتنفيذ الشامل والفعال للقرارات ذات الصلة، ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تتم بين البلدين في مختلف المجالات.
إلى ذلك، تستضيف محافظة جدة الخميس، المنتدى الصيني السعودي للاستثمار، الذي تنظمه وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية بمشاركة وزارة التجارة والاستثمار ومجلس الغرف السعودية، وحضور كبير من أصحاب الأعمال السعوديين والصينيين، وذلك لمناقشة سبل تعزيز التبادل التجاري والتعريف بالبيئة الاستثمارية ودعوة قطاع الأعمال للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في البلدين.
ويأتي المنتدى تأكيدًا للروابط القوية التي تربط السعودية والصين، وعلى ما توليه الرياض من اهتمام بتعزيز علاقتها مع بكين لتحقيق الاستقرار والتقدم الاقتصادي وتحقيق رؤيتها لعام 2030، و"برنامج التحول الوطني 2020"، وتقديم الفرص الاستثمارية في شتى المجالات الاقتصادية، خصوصًا في ضوء التجارب الناجحة للشركات الصينية.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والصين 185 مليار ريال "49 مليار دولار" في عام 2015، فيما تحتل الصين المرتبة الأولى من بين أكبر 10 دول مستوردة من السعودية، وتمثل نسبة ما تستورده الصين من 12.1 في المائة من إجمالي صادرات السعودية لدول العالم، وتحتل المرتبة الأولى كذلك من بين أكبر 10 دول مصدّرة للسعودية، وتمثل الواردات من الصين ما نسبته 14.1 في المائة من إجمالي واردات السعودية من دول العالم.
ويشار إلى أن مبادرة "الحزام والطريق"، أكثر سياسات الرئيس شي جينبينغ الخارجية طموحا، وتم الإعلان عنها للمرة الأولى عام 2013، وتتمحور حول التواصل والتعاون بين الدول، فيما تنفق الصين حاليًا نحو 150 مليار دولار سنويًا في الدول الـ68 التي وافقت على المشاركة في المبادرة
أرسل تعليقك