القاهرة - سهام أبوزينة
كشف الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، أن جميع الوزارات لجأت إلى القروض لسد العجز الهائل في الموازنة العامة للدولة، الذي وصل إلى أرقام كبيرة خلال الخمس سنوات الماضية، إذ سجل للعام المالي 2016-2017، نحو 9.8% من نسبة الناتج المحلي، مقابل نحو 11.5% خلال العام المالي 2015-2016، وقُدر العجز الكلي بمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016-2017 بنحو 319.46 مليار جنيه.
وأوضح الشافعي في حوار خاص مع موقع "مصر اليوم"، أنه كان لابد من التدخل لزيادة تدفقات النقد الأجنبي لمواجهة الاقتراض الداخلي لارتفاع فوائده، وهو ما أدى إلى الزيادة الملحوظة في معدلات الدين الخارجي للبلاد، وأدى كذلك إلى تضاعف ديون مصر 5 مرات طوال الفترة الماضية وتحديدًا منذ عام 2010 وفق البيانات المعلنة من وزارة المالية، وارتفع الدين الخارجي للبلاد قرابة 8% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، قياسًا على الفترة ذاتها في السنوات الماضية، الأمر الذي جعل إجمالي الدين الخارجي يقترب من 83 مليار دولار.
حجم الديون ليس مقلقًا
وقال الخبير الاقتصادي عن حجم الديون "إن الرقم ليس مقلقًا إلى حد كبير، في حالة حدوث تحسن ملحوظ في مؤشرات جذب الاستثمار الأجنبي، وتنامي الاحتياطي من النقد الأجنبي، فأغلب الاقتصاديات الناشئة تعرضت لمثل هذه الأزمات وارتفعت معدلات الدين فيها لأكبر من تلك النسبة، لكن الإجراءات المتبعة في عملية جدولة الديون وسدادها، هي الفيصل في عملية الحكم على مدى القلق بشأن ديون مصر الخارجية".
وأضاف، أن الديون الخارجية أسهمت في عدة إنجازات ولو مرحلية، حيث ساعدت في توفير العملة الأجنبية الأمر الذي أحدث حالة من الاستقرار المالي، وتوفير النقد، واستقرار الجنيه ولو مرحليًا، وتوفير احتياجات البلاد لـ 10 أشهر مقبلة من الاستيراد، وكذلك أسهمت في أن عجز الموازنة شهد تحسنًا بلغت قيمته 1.7% خلال موازنة 16-17، فإجمالي الإيرادات العامة بلغت 669.7 مليار جنيه، يتوزع على 433 مليار جنيه إيرادات ضريبية، و234 مليار جنيه إيرادات غير ضريبية، و2.2 مليار جنيه منح، وعلى الجانب الآخر لدينا أزمة ظهرت في ارتفاع المصروفات العامة التي سجلت 974.7 مليار جنيه بدلًا من 829 مليار جنيه العام السابق، وهذا الخلل الواضح مستمر رغم تحسنه بعض الشيء خلال موازنة العام المالي الحالي وتحقيق فائض أولى.
تخفيف منابع الديون
وتطرق الشافعي في حواره، إلى كيفية تجفيف منابع الديون والتخلص منها، موضحًا أنه يمكننا القول "إن لدينا فجوة بين الإيرادات والمصروفات" كما أشرت بشأن موازنة العام الماضي، وهنا نجد أن هناك تزايدًا بصورة مستمرة في معدلات الديون وفوائدها، فنحن لدينا فوائد سنوية تصل إلى 542 مليار جنيه تلتهم الجزء الأكبر من إيرادات الدولة، وهو ما يدفع الحكومة لتقليص الدعم جزئيًا إلى أن تصل إلى صفر الدعم خلال 2021 ما عدًا السلع الأساسية مثل الخبز، فلا بد من الوصول إلى حل للفجوة الكبيرة بين الإيرادات والمصروفات بهدف وقف الاستدانة".
وواصل الشافعي أن أحجام القروض يمكن جمعها في إجمالي الدين العام الخارجي لمصر ويصل إلى 83 مليار دولار، ولها فوائد مقررة تختلف من مؤسسة إلى أخرى ومنها قروض ذات فائدة بسيطة جدًا، التي تأتي من شركاء التنمية وقد تكون بفائدة 2%، لكنَّ هناك ديونا عبر السندات الدولارية وتصل الفائدة عليها إلى 6% لكنها طويلة الأجل، وتصل مدد استحقاقها 30 عامًا ولا يوجد قلق منها على الإطلاق، ما يزعجني فعلا هو الديون قصيرة الأجل.
أسباب ارتقاع الدين الداخلي
وذكر الخبير الاقتصادي، بشأن أسباب ارتفاع الدين الداخلي، أنه ارتفع بصورة ملحوظة أيضًا نتيجة الاستمرار في طرح سندات وأذون الخزانة، وهي ذات فائدة مرتفعة جدًا، فآخر طرح تم كان بنحو 3.5 مليارات جنيه كانت فائدته نحو 17،6% يتم دفعها كل 6 أشهر، وهي السبب الرئيسي في زيادة الدين الداخلي، ينبغي التحسن التدريجي في الموازنة العامة من خلال زيادة المتحصلات أو الإيرادات، للتخلص من هذا الوباء.
وأردف أن الحديث عن توزيع الديون المصرية على المواطنين أمر غير اقتصادي، فالدولة هي الملتزمة بالسداد عبر إجراءات تتعلق بعملية جدولة الديون وإدارة ما يسمى باحتياطي النقد الأجنبي واستخدامه على الوجه الأمثل بهدف سد هذه الديون، لكن ما يعانيه المواطن هو أنه سيتحمل الإجراءات الاقتصادية الهادفة في الأساس لوقف فكرة الاستدانة أو التقليل منها عبر الوصول إلى أقل نسبة ممكنة لعجز الموازنة العامة.
أحكام التعويضات غير واجبة النفاذ
واستطرد أن أحكام التعويضات المفروضة على مصر، كثيرة جدًا لكنها تتركز في قطاع البترول، وتكون الأحكام فيه مرتفعة بعض الشيء، لكن ما نشير إليه هو أن هذه الأحكام ليست واجبة النفاذ، ونجد أن قرار المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار، التابع للبنك الدولي بإلزام مصر بسداد ملياري دولار لصالح لشركة يونيون فينوسا في دمياط بشأن نزاع حول توقف إمدادات الغاز الطبيعي لمصنع إسالة الغاز بدمياط التابع للشركة من شأنه السقوط، لأن البترول أعلنت عودة ضخ الغاز لهذا المصنع مطلع 2019 ومن ثم تسوية هذا النزاع، وأغلب النزاعات التي تحمل هذا الطابع يتم تسويتها بصورة ودية، ولدينا نزاع آخر يتعلق بضخ الغاز إلى إسرائيل جار التعامل معه وتسويته، لكن فكرة أن نترك النزاع برمته دون أن نتابعه هو الذي يزيد تعقيد الأمور.
واختتم "الشافعي"، أن الكثير من هذه الأحكام سببها تقصير من المسئولين، وفي الوقت نفسه لا يوجد لدى مصر فريق يدلي بحجته ويدافع عن الدولة ضد تلك الأحكام، كما حدث في اتفاقية إسرائيل، فتلك الأحكام إذا لم يتم تنفيذها، أو تقدم الحجج القوية لرفعها أو تقليلها، تسحب من إيرادات مصر الخارجية، حيث تبحث الدولة التي يكون الحكم في صالحها من منبع إيرادات مصر الخارجية في التصدير، وتسحب منه المبلغ المحكوم به.
أرسل تعليقك