باريس ـ مارينا منصف
قضت محكمة الاستئناف العليا في فرنسا اليوم أن رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد يجب أن تحاكم على دورها في دفع 400 مليون يورو كتعويض لرجل أعمال فرنسي، ورفضت المحكمة استئنافها ضد الأمر القضائي الصادر في كانون الاول/ديسمبر بمحاكمتها في كور دي جتيس دي لا ريبوبليك وهي محكمة خاصة بالوزراء الذين يرتكبون جرائم ومخالفات في مناصبهم.
ودفعت لاغارد تعويضات ضخمة لرجل الأعمال الفرنسي برنار تابي عندما كانت في منصب وزيرة المال في عام 2008، وقبل خمس سنوات أيضا أصبحت أول امرأة في رئاسة صندوق النقد الدولي، ويمثل صعودها المثير تتويجًا لعملها كحامية ووزيرة سابقة، وقد بدأت في ولاية ثانية في منصبها في الصندوق منذ تموز/يوليو.
واصطدمت حياتها المهنية بعقبة كبيرة بعد أن قررت المحكمة ضرورة محاكمتها على التعويضات الضخمة التي دفعتها الدولة لرجل الأعمال برنار تابي في عام 2008 وقد كانت تشغل منصب وزيرة المال في ذلك الوقت، واتهمت بالتقصير, وصرحت " لقد كان لديَّ ضمير صاحي على الدوام، لقد تصرفت وفقا للقانون، وكانت المصلحة العامة دائما في اعتباري الأول." وأدت هذه المشاكل القانونية الى زعزعة شعبيتها قليلا في فرنسا حيث انتشر اسمها منذ فترة طويلة كمنافسة محتملة للرئاسة.
وأشارت في مقابلة في وقت سابق انها تستبعد أن تعود الى المعترك السياسي، وأوضحت " أعتقد أنني ملائمة لما أفعله اليوم اكثر من عالم السياسة." وستكون المحاكمة ضربة للمرأة التي عملت بصبر لاستعادة بريقها في صندوق النقد الدولي بعد الفضيحة الجنسية التي أطاحت بسلفها وزميلها ومواطنها دومينيك ستراوس في عام 2011.
وأعطتها خطوة صندوق النقد الدولي القوة داخل دائرة مغلقة من زعماء العالم حيث النساء غائبات، ولكنها أيضا تعاملت بمسؤولية مع أزمة ديون اليونان التي كانت تهدد الاقتصاد الاوروبي بأكمله، وبعد أقل من عام على وصولها انهارت خطة انقاذ اليونان واضطر الصندوق الى الانضمام الى عملية انقاذ ثانية كلفت أكثر من 250 مليار يورو، وبقي نزف اليونان مما اضطرها لوضع خطة ثالثة.
ويعرف عن لاغارد كونها مفاوضة صعبة ولم تتردد أبدا في قتال المسؤولين الذين علمت معهم بشكل وثيق في وظيفتها السابقة وفي احدى المرات انتقدت وزير الاقتصاد الفرنسي الذي كان خلفًا لها بييير موسكوفيتشي لنومه خلال احدى اجتماعات الازمة.
وأفاد الخبير الاقتصادي الأسبق في صندوق النقد الدولي ديزموند لاشمان " هناك حالات عديدة كانت فيها السيدة لاغارد شجاعة."
واستطاعت في ذات الوقت وبمهارات متنوعة أن تواجه متغيرات القوة في الصندوق حيث تتحدى العملاقة الناشئة الصين هيمنة كل من اوروبا وأميركا، وسجلت مؤخرًا نجاحين كبيرين في صندوق النقد الدولي بإضافة اليوان الصيني وتمرير مجموعة من الاصلاحات في الصندوق من خلال الكونغرس الاميركي.
واستطاعت أيضا صاحبة الشعر الفضي والأم لولدين أن تتوج في وسائل الاعلام من بين الشخصيات الأكثر اناقة والتي صنعت لنفسها صورة أنثوية في مكان يهيمن عليه الرجال في كبرى المنظمات مثل صندوق النقد الدولي.
وولدت كريستين في باريس لوالدين يعملان معلمين، وكانت بطلة في السباحة في سن المراهقة وتتحدث الانكليزية بدون شائبة وحصلت على شهادة في القانون، وانضمت الى المكتب الباريسي القانوني المرموق بيكر أند ماكينزي، وشقت طريقها لتصبح رئيسية اللجنة التنفيذية العالمية للشركة في عام 1999 وقد كانت الاولى وترأست اللجنة الاستراتيجية في عام 2004، وانضمت الى السياسية من خلال حزب الرئيس جاك شيراك كوزيرة للتجارة في عام 2005.
وعينها نيكولا ساركوزي في وزارة المال في عام 2007 مما جعلها أول امرأة في هذا المنصب الذي شغلته حتى عام 2011، وأثبتت انها بارعة في التعامل مع الازمة المالية التي هددت منطقة اليورو، وفي مقابلة مع محطة الاذاعة الأميركية ذكرت كيف ان شركة المحاماة التي عملت بها لا تشجع الارتقاء, وشرحت " في تلك الشركة يقدم للمحامين مهام كبيرة وملفات كبيرة وعملاء كبار ولكن لا يجب ان يتوقعوا أن يصبحوا شركاء، وعندما سألتهم لماذا قالوا لأنك امرأة فغادرت على الفور."
أرسل تعليقك