بورتواليغري - أ ف ب
ثأرت المانيا لخسارتها امام الجزائر قبل 32 عاما وردت لها الدين عندما هزمتها بصعوبة بالغة 2-1 بعد التمديد واخرجتها من الدور الثاني لمونديال البرازيل 2014 لكرة القدم الاثنين في بورتو اليغري.
وضربت المانيا موعدا في ربع النهائي مع فرنسا التي سقطت امامها مرتين في نصف نهائي 1982 في مباراة مشهودة في اسبانيا و1986 في المكسيك، وانذاك خسرت النهائي مرتين امام ايطاليا والارجنتين على التوالي.
وانتظرت المانيا حتى مطلع الشوط الاضافي الاول لتسجل هدف الانقاذ عبر لاعب الوسط البديل اندري شورلي ثم الحسم لاوزيل قبل ان تقلص الجزائر الفارق في الدقيقة 120+1 بعد مباراة مثيرة حصلت فيها الجزائر على افضلية في الشوط الاول والمانيا في الثاني من دون الوصول الى الشباك في الوقت الاصلي.
وكانت موقعة "استاديو بيرا ريو" من نوادر المباريات التي يبحث فيها كل طرف عن ثأر تاريخي من الاخر، فصحيح ان المانيا احرزت لقب بطولة العالم ثلاث مرات (1954 و1974 و1990) وحلت اربع مرات وصيفة وفي المركز الثالث، الا ان واحدة من اقوى المفاجآت التي تعرضت اليها في تاريخ مشاركاتها كانت سقوطها امام الجزائر 1-2 في مونديال اسبانيا 1982.
اما الجزائر فارادت ايضا الثأر من تداعيات الواقعة عينها، فبعد هدفي رابح ماجر ولخضر بلومي في 16 حزيران/يونيو 1982 في مدينة خيخون في الجولة الاولى من الدور الاول عندما تغلبت على المانيا الغربية ونجومها كارل هاينتس رومينيغه وبول برايتنر وفليكس ماغاث، حاكت الاخيرة مؤامرة مع النمسا. كانت النتيجة الوحيدة التي تقضي على امال الجزائريين فوز المانيا الغربية بهدف واحد على النمسا، حصل هذا الامر بالفعل، فبعد ان سجل هورست هروبيتش هدفا بعد مرور 11 دقيقة، نفذ المنتخبان "المؤامرة" بتنفيذ لعب سلبي وسط صافرات الاستهجان من الجمهور.
وهذا اول فوز تحققه المانيا على الجزائر في ثلاث مباريات، ففضلا عن المباراة الشهيرة في مونديال 1982، التقى الفريقان وديا عام 1964 وعندها فازت الجزائر بهدفين نظيفين.
لم يكن تأهل الجزائر الى الدور الثاني في المونديال الحالي متوقعا، برغم غياب المنتخبات الكبرى عن مجموعتها، لكنها وجهت انذارا شديد اللهجة منذ بداية مشوارها، فتقدمت على بلجيكا حتى الدقيقة 70 قبل ان تنحني 1-2، ثم اصبحت اول منتخب عربي وافريقي يسجل 4 اهداف بفوزها الكبير على كوريا الجنوبية (4-2)، قبل ان تقصي الايطالي فابيو كابيلو مرة جديدة من المونديال بتعادلها مع روسيا 1-1 فاحتلت وصافة المجموعة الثامنة باربع نقاط وراء بلجيكا.
اما المشوار الالماني فكان اصلب بكثير، اذ استهل "ناسيونال مانشافت" النهائيات برباعية صارخة على برتغال كريستيانو رونالدو بينها ثلاثية لتوماس مولر، لكنه كاد يخسر الثانية امام غانا لولا الهدف الخامس عشر في النهائيات لعجوزه ميروسلاف كلوزه الذي عادل رقم البرازيلي رونالدو. وفي ختام الدور الاول حيث كان بحاجة للتعادل كي يتصدر، فتغلب على الولايات المتحدة بهدف مولر التاسع في مشواره المونديالي.
الجزائر التي باتت ثالث منتخب عربي يبلغ الدور الثاني بعد المغرب في 1986 والسعودية في اولى مشاركاتها عام 1994 في الولايات المتحدة، عجزت عن ان تصبح رابع منتخب افريقي يبلغ ربع النهائي بعد الكاميرون (1990)، السنغال (2002) وغانا (2010)، وبتوديعها تكون القارة الافريقية فقدت جميع ممثليها بعد خروج غانا والكاميرون وساحل العاج من الدور الاول ونيجيريا من الثاني.
وشاركت الجزائر، ممثلة العرب الوحيدة، رابع مرة في الحدث الكبير، بعد 1982 و1986 عندما خرجت خالية الوفاض بتعادل مع ايرلندا الشمالية 1-1 وخسارتين اما البرازيل القوية صفر-1 واسبانيا صفر-3. وفي 2010، عندما مثلت العرب ايضا، عرفت نكسة برغم تعادلها مع انكلترا صفر-صفر، فسقطت امام سلوفينيا صفر-1 بغلطة فادحة للحارس فوزي شاوشي وودعت النهائيات بخسارة امام الولايات المتحدة صفر-1 من دون ان تسجل اي هدف، فيما نجحت في البرازيل بتسجيل 7 اهداف عن طريق خمسة لاعبين وبالوصول الى الشباك في المباريات الاربع التي خاضتها.
واجرى المدرب البوسني وحيد خليلودزيتش خمسة تغييرات على التشكيلة التي عادلت روسيا 1-1، فدفع بالظهير فوزي غلام ولاعبي الوسط مدحي لحسن ومهدي مصطفى وسفير تايدر والمهاجم هلال سوداني، بدلا من جمال مصباح وكارل مجاني وياسين براهيمي ونبيل بن طالب وعبد المؤمن جابو، واستمر غياب قائد الدفاع مجيد بوقرة للمباراة الثانية على التوالي.
وكان "المدرب وحيد"، الراغب برد الاعتبار لنفسه من منصبه بعدما قاد ساحل العاج الى مونديال 2010 واقيل قبل العرس الكروي في جنوب افريقيا بثلاثة اشهر وتم التعاقد مع السويدي زفن غوران اريكسون، قد قال في مؤتمره الصحافي: "حضرت كل مباراة بطريقة تكتيكية مغايرة، ولا احب ان اتحدث عن هذا الامر، لان نقطة قوتي هي العمل التكتيكي. استخدمت كل التشكيلة ليس من اجل ارضاء اللاعبين بل لاني اعرف اي لاعب يمكنه تقديم الاضافة الى تنظيمي التكتيكي".
اما يواكيم لوف، الذي يريد ان يصبح اول مدرب يعيد اللقب الى المانيا بعد القيصر فرانتس بكنباور في 1990، فدفع بشكودران مصطفي (22 عاما) مدافع سمبدوريا الايطالي بدلا من قلب الدفاع ماتس هوملس المصاب في قدمه، وشارك ماريو غوتسه اساسيا في خط الوسط فيما غاب المهاجم لوكاس بودولسكي بسبب الاصابة.
ودفع لوف بسبعة لاعبين من بايرن ميونيخ هم الحارس مانويل نوير، المدافع جيروم بواتنغ، لاعبو الوسط باستيان شفاينشتايغر، فيليب لام، طوني كروس، توماس مولر وماريو غوتسه، وهي سابقة في تاريخ المنتخب الالماني.
ومن هجمة خاطفة للجزائر اثر مرتدة، انطلق اسلام سليماني بمواجهة نوير الذي خرج من مرماه فحاول مراوغته للتسديد في المرمى الخالي، لكن حارس شالكه السابق انقذ الموقف في اللحظة الاخيرة (9).
واطلق شفاينشتايغر كرة قوية من خارج المنطقة عكرت صفو الحارس رايس مبولحي الذي صدها على دفعتين (14).
وبعدها بثوان قليلة قام سفيان فغولي بمجهود جميل على الجهة اليمنى من المنطقة فتخطى بواتنغ وانفرد على طرف المرمى الالماني، لكنه اهدر مراوغاته بتسديد كرة عالية فوق العارضة بدلا من التمرير لسليماني المتربص فضاعت فرصة خطيرة للجزائر لافتتاح التسجيل (14).
وسجلت الجزائر هدفا جميلا برأسية من سليماني اثر عرضية من العربي سوداني الغاه الحكم البرازيلي ساندرو ريتشي بداعي التسلل (17).
وامطر المنتخب الجزائري مرمى المانيا بفرصة جديدة كانت بالغة الخطورة عبر الظهير الايسر فوزي غلام الذي وصل على بعد امتار قليلة من نوير وسدد بيسراه كرة التفت على نفسها وجاورت القائم الايسر (18).
رد الالمان بانطلاقة من توماس مولر في منتصف الملعب فعكس الى مسعود اوزيل الذي اساء التصرف بالهجمة، فبدلا من التمرير لغوتسه رفعها عالية ابعدها مبولحي الى ركنية (24).
وحصلت الجزائر على ضربة حرة لم يحسن استغلالها فغولي لاعب فالنسيا الاسباني (33)، ثم زرع مولر رأسه داخل المنطقة الخضراء بكرة مرت الى يمين مرمى مبولحي الذي احبط هجمات روسيا ووقف سدا منيعا بين الخشبات الثلاث في الدور الاول (34).
وضاعت فرصة جديدة للجزائر عندما وصلت الكرة على باب منطقة الجزار الى مهدي مصطفى فاطلقها قوية متوسطة الارتفاع ارتدت من قدم بواتنغ وكادت تخدع نوير وتهز الشباك لولا اتجاهها خارج الخشبات (40).
بعدها بثوان حصلت المانيا على اخطر فرصها، لكن الحارس مبولحي قام بصدة مزدوجة الاولى من تسديدة جميلة لطوني كروس من خارج المنطقة والثانية تابعها غوتسه بيسراه في قدمي الحارس العملاق (41).
حصل بعدها رفيق حليش، الذي خاض مباراته السابعة في المونديال، على البطاقة الصفراء الاولى في اللقاء لعرقلته "شفايني" (42)، ثم بدل كروس قدمه وسدد باليسرى صاروخا على عارضة مبولحي (44)، لينتهي الشوط الاول المثير والمتكافىء بالتعادل السلبي في ظل افضلية جزائرية لناحية الفرص الخطرة امام المرمى.
وبعد الاستراحة، دفع لوف باندري شورلي لاعب وسط تشلسي الانكليزي بدلا من غوتسه، فلم يتأخر لاعب وسط تشلسي الانكليزي بادخال الخطر الى المنطقة الجزائرية بتسديدة ارتدت من الدفاع وكادت تخدع مبولحي (47)، وبعدها بلحظات ارتقى مصطفي عاليا وسدد كرة التقطها الحارس مبولحي (48).
وبعد مرتدة جزائرية لم يحسن فغولي وسوداني استغلالها، سدد فيليب لام كرة قوية من خارج المنطقة تألق مبولحي في ابعادها (55).
وضغط الالمان من الركلات الثابتة على مرمى الجزائر، لكن الجزائريين ارهقوا لاعبي لوف بمرتداتهم فخرج نوير مرة ثالثة من منطقته ليبعد خطر سليماني (72)، وذلك بعد لحظات على اصابة مصطفي ودخول سامي خضيرة بدلا منه.
واطلق فغولي من زاوية المنطقة كرة قوية بيسراه كادت تخدع نوير (74)، اتبعها سليماني بامتحان جديد للحارس الالماني بتسديدة من خارج المنطقة التقطها بسهولة (75)، ثم دفع وحيد بياسين براهيمي بدلا من تايدر لاعب وسط انتر ميلان الايطالي (78).
وحاول مولر اقتناص هدف بالغ الاهمية لكن رأسيته الخادعة مرت بالقرب من القائم الايسر (79).
لكن اخطر الفرص الالمانية اهدرها مولر صاحب اربعة اهداف في المسابقة والثاني على ترتيب الهدافين وراء الكولومبي خاميس رودريغيز، فسدد رأسية بمواجهة مبولحي تعملق الاخير بابعادها تابعها شورلي انقذها السعيد بلكالم على خط المرمى (80)، ومن الركنية التالية لعب العملاق مرتيسكار رأسية جاء دور غلام ليبعدها(81).
تواصل مسلسل اهدار الفرص فراوغ مولر بلكالم وسدد بغرابة بجانب القائم الايسر ليهدر اخطر فرصتين لالمانيا في خلال دقيقة واحدة (82).
وبعد ركلة حرة غريبة من الالمان تلعثم مولر في تنفيذها، لعب لام عرضية الى شفاينشتايغر فارتقى امام الحارس الجزائري الذي قال مجددا الكلمة الاخيرة (90).
وفي اللحظات الاخيرة من الوقت الاصلي انقذ حليش مرمى الجزائر قبل ان تصل الكرة امام لام المندفع (90+4).
ولم يكد الشوط الاضافي الاول ينطلق حتى باغت الالمان المنطقة الجزائرية فلعب مولر عرضية سددها شورلي بكعب قدمه ارتدت قاتلة في الزاوية اليسرى لمرمى مبولحي (92)، ليسجل خامس هدف في مشاركاته الخمس الرسمية الاخيرة مع المانيا.
وانهار حليش بعد ابعاده كرة خطيرة للمنطلق اوزيل فاستبدله خليلودزيتش بقائد المنتخب مجيد بوقرة (97)، ثم سدد مولر كرة بعيدة المدى مرت بجانب القائم قبل ان يجري خليلودزيتش، لاعب منتخب يوغوسلافيا السابق في مونديال 1982، تبديله الاخير في محاولة هجومية فاشرك عبد المؤمن جابو بدلا من سوداني (100).
وحصل لاعب وسط الجزائر مصطفى على فرصة العمر للمعادلة اثر ركنية لكنه سدد بيمناه بجانب القائم مهدرا فرصة ثمينة لثعالب الصحراء (101).
وبدا الارهاق واضحا على الطرفين فاجرى لوف اخر تغييراته بدخول الشاب كريستوف كرامر لاعب وسط بوروسيا مونشنغلادباخ بدلا من شفاينشتايغر المدمر من المعارك المتواصلة في وسط الملعب (110).
وتابعت المانيا سيطرتها فسدد كرامر المنفرد من مسافة قريبة صدها مبولحي احد نجوم المباراة (117)، ثم اخفق مولر بالتعامل مع كرة خطيرة على خط المرمى (118).
وفي الثواني الاخيرة، كان الشد العضلي سيد الموقف، فتساقط اللاعب تلو الاخر على المستطيل الاخضر مع استنفاد التبديلات الثلاث لكل من المدربين، وجاء الهدف الالماني الثاني مطابقا لهذا المشهد، فاهدر كرامر وازيل فرصة نادرة قبل ان ترتد للاخير فاطلقها لاعب ارسنال الانكليزي الحالي وريال مدريد الاسباني قوية بيسراه مسجلا الهدف الثاني لالمانيا (120).
ولم يكن هدف الشرف الجزائري عبر جابو من مسافة قريبة مفيدا حسابيا (120+1) لان الفريق الاخضر اهدر فرصته الاخيرة امام نوير وخرج برأس مرفوعة، لتكون ثالث مباراة من اصل ست حتى الان في ثمن النهائي لا تحسم في الوقت الاصلي، بعد فوز البرازيل على تشيلي وكوستاريكا على اليونان بركلات الترجيح.
أرسل تعليقك