كشف وزير التجارة والصناعة، المهندس طارق قابيل، أن قطاع الأجهزة والمستلزمات الطبية يمتلك فرصًا استثمارية ضخمة أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، علمًا بأن الجهات الرقابية تعمل على ضمان سلامة المنتجات المصنعة محليًا، لا سيما وأن قطاع الأجهزة والمستلزمات الطبية من القطاعات الهامة المعنية بصحة المواطن المصري.
ولفت قابيل، في حديث خاص لـ" مصر اليوم"، في ذلك الصدد، إلى حرص الوزارة على الارتقاء بجودة المنتجات المصنعة محليًا، من خلال الالتزام بالمواصفات والاشتراطات الدولية، حيث تقوم حاليًا الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة بإصدار النسخة العربية من المواصفات الدولية "أيزو 13485"، والخاصة بنظم إدارة الجودة للمستلزمات الطبية، كما تشرف هيئة التنمية الصناعية على تحديد نسبة المكون المحلي في المستلزمات الطبية، وتتولى مصلحة الرقابة الصناعية مسؤولية الرقابة على تلك المنشآت.
وأوضح قابيل، أن عدد الشركات العاملة في مصر في قطاع المستلزمات الطبية يبلغ 230 شركة، بحجم استثمارات 4 مليارات جنيه، مشيرًا إلى أن حجم سوق المستلزمات والأجهزة الطبية في مصر يبلغ 900 مليون دولار يتم استيراد 75% منها وتصنيع 25% في السوق المحلي، وهو ما يؤكد توافر فرص استثمارية كبري في هذا القطاع.
وبيَّن قابيل، أن قطاع الصناعة شهد تراجعًا ملموسًا في عامي 2014 و2015، وجاء عام 2016 ليكون الأسوأ على الصناعة خلال الخمسة أعوام الأخيرة، لعدة أسباب أبرزها ارتفاع أسعار الطاقة، وقلة الأراضي الصناعية، وغيرها من الضغوط، مثل نقص العملة الأجنبية، وكان لها الدور الأكبر في الأزمة التي تعرض لها القطاع، فهناك عدة مصانع اضطرت لوقف نشاطها بسبب عجزها عن توفير المواد الخام وقطع الغيار.
وأضاف وزير الصناعة، أن من أهم الإجراءات التي اتخذتها الوزارة تلك المتعلقة بترشيد الواردات، والتي ساعدت ليس فقط على تخفيض فاتورة الواردات للمنتجات قليلة الجودة، وإنما أيضًا في زيادة نمو الإنتاج الصناعي، لأن مثل هذا القرار أفسح المجال للصناعات المصرية التي باتت بديلًا للمنتجات المستوردة، بالإضافة إلى أنه كان له دورًا كبيرًا في توفير العملة الصعبة التي كان يتم إهدارها على منتجات قليلة الجودة تدخل إلى مصر بسبب عدم وجود رقابة.
وتابع قابيل، أن تلك الخطوات انعكست على الفور على مؤشرات الصناعة في 2017، التي شهدت تعافيًا، حيث تحولت مؤشرات نمو الإنتاج الصناعي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من التراجع إلى النمو بنسبة 42%، وهو ما لم يحدث من قبل، مؤكدًا أن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تراخيص الأراضي الصناعية نستهدف من خلاله تسهيل ضخ الاستثمارات الصناعية، وتسهيل الصناعة إلى أقصى حد ممكن مع التأكيد على السلامة، لا سيما للمستثمر الصغير الذي ينتمي إلى القطاع غير الرسمي ويواجه مشكلة حاليًا في الحصول على تراخيص للتوسع أو الحصول على تمويل بسبب تعقد الإجراءات.
وأبرز قابيل أن الوزارة قامت بمنح موافقات نهائية لـ ١٢٣١ مصنعًا في ٢٠١٦ و٢٠١٧، باستثمارات ٢٣.٥ مليار جنيه، كما وافقت على توسعات لـ ٤٨٧ منشأة صناعية باستثمارات ٢١ مليار جنيه، وقد سجل طرح الأراضي الصناعية زيادة كبيرة، حيث بلغ ما تم طرحه خلال العام ونصف الماضيين 16 مليون متر، مقابل 9.5 مليون متر في الفترة ما بين 2007 و2015، وكان هناك طلبًا على الأراضي أكثر من المعروض.
وقال قابيل، إن الصادرات المصرية شهدت زيادة بقيمة مليارين دولار خلال عام 2016، الذي شهد التعويم في آخره فقط "نوفمبر"، بينما ارتفعت الصادرات بقيمة مليار دولار فقط منذ بداية 2017 حتى الآن، ويرجع ذلك إلى توجيه المنتج المحلي لتلبية احتياجات السوق في مصر، وعلى الرغم من ذلك شهدت الصادرات المصرية زيادة لا بأس بها في نفس القطاعات التي حققت وارادتها تراجعًا، وهذا أيضًا يدل على بدء دوران عجلة الصناعة مرة أخرى.
وبشأن قرار دول الخليج بمنع دخول الحاصلات الزراعية، أكد قابيل أنه تم حل تلك المشكلة، قائلًا: "خاطبنا المسؤولين في الخليج واتفقنا معهم على أنه في حالة وجود مخالفة يتم منع الشركة وليس وقف المنتج في الوقت نفسه، وساهم قرار وزير الزراعة بمراقبة المبيدات في الحد من حالات منع صادراتنا الزراعية".
وواصل قابيل: "توجهنا أيضًا إلى الصين كسوق بديلة لصادرات الحاصلات الزراعية، ومن ثم حققت صادراتنا الزراعية زيادة بنسبة 56% زيادة في يوليو/تموز الماضي، مقابل 4% في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو"، موضحًا بشأن توقعاته للنمو الصناعي خلال النصف الثاني من العام الجاري أن "لا أستطيع الإعلان عن رقم محدد حاليًا، ولكن مما لا شك فيه أن معدل النمو الصناعي سيسجل زيادة ملحوظة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بعد الإجراءات التي اتخذتها الوزارة من أجل الدفع بعجلة الصناعة".
وأشار قابيل إلى أن أصحاب التراخيص المؤقتة سيتم تحويلهم تدريجيًا إلى أصحاب تراخيص صناعية دائمة مع تطبيق اللائحة الجديدة، وهذا سيتم بطريقة سلسة دون تعقيدات، وقد بدأوا أصلًا في عملية التحويل ولن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا، مؤكدًا أن القطاع غير الرسمي سوف ينحسر مع صدور اللائحة، لأنها ستسهل من منظومة الصناعة الرسمية وتحولها إلى دائرة سلسة وليس هذا فقط فالوزارة تعكف حاليًا على تعديل قانون 141 للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، المتوقع صدوره قريبًا بشكله النهائي والمعدل بعد إقراره من مجلس الوزراء، وهذا القانون يعطى حوافز عديدة لهذا القطاع، من أهمها إعفائه من المستحقات القديمة عليه، متوقعًا انضمام ما بين 5 و7% من القطاع غير الرسمي إلى الرسمي سنويًا مع بدء العمل بالقانون.
ولفت قابيل، إلى أن كثرة الكلام عن ملف المصانع المتعثرة، أخذ حجمًا أكبر من حجمه كل دولة بها مصانع متعثرة هذا طبيعي، ومن الطبيعى أيضًا أن يزداد عدد هذه المصانع كل يوم، ولكن ليست كل المصانع المتعثرة في مصر مسؤوليتهم، فهناك عدد كبير تعثر نتيجة لأسباب أخرى لا تتعلق بهم، وكل ما يخصهم هو ما يتعلق بالحوادث الأمنية بعد 2011، وقد تقدم 872 مصنعًا يشكو التعثر بسبب الوضع الأمني، تم دراسة موقفهم وتبين أن أسباب تعثر معظمهم تعود لأسباب أخرى كقضايا مرفوعة عليهم أو خلافات أسرية، ومن ثم فالعدد الحقيقى للمصانع المتعثرة هو 135 مصنعًا، قامت الوزارة بحل مشاكل 66 منهم من خلال البنوك، والباقى تتولى أمره شركة رأس المال المخاطر وتعمل على حلها وفقًا لأولوياتها ويتوقع الانتهاء منهم قريبًا جدًا.
ونوه قابيل أن المطور الصناعي مبدأ جيد ولكنه لم يكن مناسبًا مع وضع الصناعة المتدهور خلال العام الماضي، فالمطور الصناعي هدفه الربح وهذا حق مشروع، لكنه لم يكن مناسبًا للمرحلة، فالمطور لن يجد ملاذًا للربح سوى رفع سعر الأراضي الصناعية، وهذا يتنافى مع خطة الوزارة التي كانت تستهدف خلال 2016 تخفيض ثمن الأرض من أجل توزيع أكبر قدر من الأراضي وتدوير عجلة الصناعة المصرية، ففي الوقت الذي حدد فيه المطور الصناعي سعر الأرض في العاشر من رمضان ما بين 1100 و1200 جنيه للمتر، قامت هيئة التنمية الصناعية بطرح متر الأراضي في العاشر بنصف الثمن تقريبًا وهو 545 جنيهًا للمتر.
وواصل قابيل: "نسعى إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب فيما يتعلق بالأراضي الصناعية وبعد ذلك قد نلجأ إلى المطور الصناعي، ولذلك اكتفينا بتطبيق نظام المطور الصناعي في مجمعات الصعيد، لأن توفير الأرض بالمجان للمطور يسمح بأن يكون ثمن الأرض رخيصًا ويخفف من العبء على الوزارة".
وبعد ارتفاع أسعار الحديد، أردف وزير الصناعة والتجارة: "نحن نتابع سوق الحديد عن كثب، والزيادة التي شهدتها الأسعار جاءت نتيجة ارتفاع سعر البليت عالميًا وليس بسبب ممارسات احتكارية لشركات الحديد، وهنا أحب أن أوضح أن قرار فرض رسم إغراق ليس قراراً وزاريًا وإنما قرار يتم اتخاذه نتيجة لتقدم الشركات بشكوى يتم فحصها عن طريق جهاز مكافحة الإغراق ثم عرضها على منظمة التجارة العالمية، وفي حالة رسم الإغراق المؤقت، نقوم بتحصيل رسوم الإغراق وتجنيبها في حساب مستقل لحين البت في القضية وإذا ثبتت براءة الشركات من تهمة الإغراق يتم رد تلك المبالغ".
واستدرك قابيل أن إستراتيجة صناعة السيارات حاليًا في مجلس النواب حاليًا، وسبب أساسي من أسباب تأخيرها وجود مصالح في النصف، فكل شركة من شركات السيارات تدافع عن مصالحها، متابعًا "أتينا بخبير ألماني للإجابة على بعض التساؤلات التي تعطلها، فهذه صناعة حساسة ويتداخل فيها أطراف عديدة، ومن الطبيعي أن يكون هناك تضاربًا للمصالح".
واختتم قابيل، حديثة قائلًا "إن زيادة نسبة جميع النسب من الإنتاج المحلي ستخضع للتعديل بناءً على واقع نسبة المكون في الصناعة، ليس في صناعة السيارات فقط وإنما أيضًا في الصناعات المغذية لها".
أرسل تعليقك