القاهرة - محمود حساني
أشاد القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، بالدور الكبير والمتواصل الذي تلعبه مصر، قيادةً وشعباً من أجل القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن إلى أي أحد أن يزايد على الدور القوي الذي تلعبه مصر من أجل القضية الفلسطينية ، على مدار تاريخها ، حتى في أحلك الظروف التي شهدتها ، بعد عام 2011 واندلاع ما يُعرف بـ " الربيع العربي " ، وما نجم عنه من اضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية ، لم تتخل مصر عن القضية الفلسطينية ، وتحرص دائماً على إبقاء القضية الفلسطينية في دائرة الضوء ، فلا يخلو خطاب للرئيس والزعيم عبدالفتاح السيسي في أي محفل دولي ، دون أن يشير بوضوح إلى القضية الفلسطينية ، كما أن مصر لم تتأخر عن تقديم الجهد المطلوب من أجل دعم الموقف ووحدة الصف الفلسطيني ، ورأب أي صداع قد يُهدده".
وأضاف محمد دحلان، المتواجد حالياً في القاهرة، إلى "مصر اليوم"، أن "القضية الفلسطينية تعتبر قضية أمن قومي بالنسبة لمصر ، وهنا لا بد أن نوضح أمر هام ، أن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية ، ثابت وواضح ، فهو من جانب يسعى إلى إقامة دولة فلسطينية حرة ذات سيادة ، عاصمتها القدس الشرقية ، ومن جانب آخر يحاول يحرص على دعم القرار الفلسطيني واستقلاليته في مواجهة محاولات الاستقطاب التي لا تنتهي وتحاول الاستئثار بالقرار الفلسطيني وتوجيهه فيما يتوافق مع مصالحها"، مشيرًا إلى أن دور القاهرة عن القضية الفلسطينية لم يغب سوى خلال الفترة التي وصلت فيها جماعة الإخوان المحظورة إلى حكم مصر ، التي كان تواصلها فقط مع امتدادها، حركة "حماس".
واعترف دحلان بتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية بصورة حادة خلال السنوات الخمسة الأخيرة ، على المستويات العربية والدولية ، ولم يعد لها اهتماماً كبيراً كما كان في السابق، مفسراً ذلك إلى طبيعية الأحد التي شهدتها دول المنطقة منذ عام 2011 ، إذ أصبحت الأنظمة العربية الآن ، مشغولة بقضاياها الداخلية ، أكثر من اهتمامها بالشأن الخارجي ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأصبح المواطن العربي مشغولاً بلقمة عيشه في ظل ما نشهده من تدهور الأوضاع الاقتصادية ، ضف إلى ذلك السبب الرئيسي والجوهري ، هو الانقسام الفلسطيني الداخلي منذ عام 2007 ، وما نجم عنه من ظهور سلطتين سياسيتين ، الأولى في الضفة الغربية ، تحت سيطرة حركة فتح ، والثانية ، في قطاع غزة ، تحت سيطرة حركة "حماس"، مما أدى في النهاية إلى تشتت الاهتمام بالقضايا الكلية كالتحرر وإنهاء الاحتلال ، وأصبح الاهتمام منصب على القضايا الجزئية ، كملف المصالحة ومحاولة رأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية ، مُحملاً القيادة الفلسطينية الحالية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ، بالسبب الأكبر في تراجع اهتمام دول العالم بالقضية الفلسطينية ، مؤكداً على أن إسرائيل هي الرابح الأكبر مما حدث
وأشار دحلان إلى أن زيارته الأخيرة إلى القاهرة ، تأتي ضمن سلسلة زيارات أجراها عدد من القيادات الفلسطينية من مختلف الفصائل إلى القاهرة ، بناء على دعوة من السلطات المصرية ، إذ سبق أن استقبلت القاهرة ، خلال الفترة الأخيرة ، وفود من حركة الجهاد الإسلامي ، وحركة فتح ، وحركة حماس ، من أجل بحث تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ، وبحث لّم الشمل وترتيب البيت الفلسطيني من الداخل تمهيداً للتحقيق المصالحة ، مُشيدا بدور القاهرة في تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، عبر فتح معبر رفح البري أمام الطلاب والمرضى الفلسطينيين وأصحاب الإقامات في الخارج ، كاشفاً عن تسهيلات جديدة ستقدمها مصر خلال الفترة المقبلة ، متمثلة في فتح المعبر بصفة دورية في الشهر الواحد ، وتسهيل حركة التجارة وتدفق الاحتياجات التموينية والمساعدات إلى قطاع غزة .
وحول الأنباء التي تفيد ترشحه إلى الرئاسة خلفاً للرئيس الحالي محمود عباس ، أوضح دحلان، أنه لا يعلم مصدرها، مشيرًا إلى أن "المقربين مني يعرفون تماماً ليس لدى أو طموح أو سعي إلى أي منصب ولا أخطط كما يرى البعض أن كون رئيساً، دعنا نكون صرحاء منذ رحل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، وهناك حالة فراغ تام ، ولم يستطع أحد ملء هذا الفراغ الذي تركه خلفه ، فالقضية الفلسطينية مرّت بأسوأ مراحلها على الإطلاق في عهد الرئيس محمود عباس ، الذي لم يقدم لها أي شيء، أما إذا سألتني عمن تفّضل ترشّحه إلى الرئاسة ، فهناك العديد من الشخصيات التي تصلح إلى هذا المنصب ، كالقيادي الفلسطيني مروان البرغوثي ، غير أن ذلك لا يعني أن الترشح قاصراً عليه حتى لا يفهم كلامي بالخطأ ، فالتأكيد الحق في الترشح مكفول للجميع ، لكن ما أقصده ، أننا في أحوج إلى شخص مقبول من الجميع ، يؤمن بأن خيار الصمود والمقاومة هو الخيار الوحيد لإنهاء الاحتلال"، ورداً على سؤال حول سبب انتشار التطرف في المنطقة العربية ، أكد أن المنطقة العربية تمر الأن بواحدة من أسوأ فتراتها على الإطلاق ، وأصبحت تعجّ بالاضطرابات وبيئة خصبة للجماعات المتطرفة، متهماً أميركا، بأنها السبب الرئيس في ذلك ، إذ أن السياسات الخاطئة التي انتهجتها في العراق وتجاه منطقة الشرق الأوسط ، أوصلتنا لما نراه الآن ، أضف إلى ذلك وصول جماعات الإسلام السياسي ، وعلى رأسها جماعة الإخوان إلى حكم الدول العربية، وأن القضاء على التطرّف ، ليس بهذا القدر من الصعوبة كما يعتقد البعض ، فعلينا أن نبحث على أسبابه ، فمكافحة التطرف تحتاج إلى استراتيجية شاملة ، كمواجهة الخطاب العنيف الموجه إلى الإسلام والمسلمين ، ووقف دعم النظم القمعية الطائفية ، وإنهاء الاحتلال بشكل كامل ، والعمل على تحقيق التنمية الشاملة لدول المنطقة" .
أرسل تعليقك