يقوم الرئيس السويسري أولي ماورر في اليومين المقبلين بجولة في منطقة الخليج تشمل السعودية والإمارات يتوقع أن تتركز المحادثات خلالها على الأجواء السائدة في المنطقة بعد الهجمات التي استهدفت منشآت «أرامكو» السعودية والانتهاكات الإيرانية لقواعد الملاحة الدولية في مضيق هرمز ومحيطه، علاوة على استكشاف فرص توسيع التبادل التجاري وفرص الاستثمار، ويرافق الرئيس السويسري الذي يتولى أيضاً حقيبة المال في الاتحاد السويسري، وفد رفيع المستوى من كبريات المؤسسات المالية.
وترتدي الزيارة أهمية استثنائية استناداً إلى موقع سويسرا المعروف في السياسة الدولية، خصوصاً أنها تتابع عن قرب مجريات الأوضاع في منطقة الخليج، ومعروف أن سويسرا تتولى منذ وقت طويل رعاية مصالح الولايات المتحدة في إيران، وهي حصلت أخيراً على تفويض برعاية مصالح كل من المملكة العربية السعودية وإيران لدى الطرف الآخر، ويساعد التفويض الجديد سويسرا على الذهاب أبعد في مناقشة المشكلات العالقة بين الرياض وطهران، خصوصاً في ضوء تشديد الرئيس ماورر على أهمية خفض التوتر في المنطقة واحترام القوانين والأعراف الدولية في معالجة مشكلاتها.
كما تأتي زيارة ماورر إلى السعودية عشية انعقاد مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» الذي تحوّل نقطة جذب إقليمية ودولية ويتوقع أن يشهد لدى افتتاحه في التاسع والعشرين من الشهر الحالي مشاركة رفيعة من كبريات المؤسسات المالية والاستثمارية في العالم، إضافة إلى الحضور السياسي.
أقرأ أيضًا:
ولي العهد السعودي يبحث مع رئيس الوزراء العراقي تطورات الملف الأمني
وعشية الزيارة، أبدى ماورر ارتياحه للعلاقات القوية التي تربط بلاده بالسعودية. وقال: «ترحب سويسرا أيضاً بمسيرة الإصلاحات الجارية حالياً في السعودية وهي على استعداد لاستكشاف فرص التعاون في مجالات جديدة»، لافتاً إلى الانعكاسات الإيجابية المتوقعة بعد افتتاح السعودية برنامج التأشيرة السياحية. وأضاف: «علاوة على ذلك وفي سياق رؤية 2030، تسعى سويسرا إلى استكشاف مجالات أخرى للتعاون، مثل تبادل أفضل الممارسات في مجال إقراض وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال البنوك».
وبالنسبة إلى الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أكد الرئيس السويسري أن بلاده ترى أن تحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين «لن يتحقق إلا من خلال مفاوضات تقوم على أساس حل الدولتين وعلى مبادرة السلام العربية لعام 2002».
وهنا نص أجوبة الرئيس السويسري عن أسئلة خطية وجهتها إليه «الشرق الأوسط»:
> ستزورون السعودية قريباً، ما توقعاتكم من هذه الزيارة؟
- سأقضي أياماً عدة في منطقة الخليج برفقة وفد من القطاع المالي السويسري. وتعدّ السعودية والإمارات أكبر شريكين اقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وتأتي زيارتي إلى السعودية متابعة لزيارة قمت بها إلى المملكة في فبراير (شباط) 2018، تم خلالها الاتفاق على عقد مناقشات منتظمة حول الأمور المالية التي تهم البلدين بغرض الانخراط معاً في حوار مالي متواصل.
يضاف إلى ذلك عدد من المجالات الأخرى التي نرى فيها إمكانات لتوثيق التعاون بين بلدينا. نحن لا نسعى إلى تعزيز علاقاتنا الاقتصادية فحسب، بل نريد كذلك العمل معاً بشكل أوثق في مجالات العلوم والبحوث والتطوير. وسأنتهز فرصة زيارتي كي أشرح لزملائي السعوديين الإمكانات المتوافرة على هذه الأصعدة.
وأخيراً، أود انتهاز فرصة الزيارة أيضاً كي أعرض مساعي سويسرا الحميدة في سبيل العمل على خفض التوترات الحالية في منطقة الخليج.
> كيف تصفون علاقاتكم مع السعودية؟ وكيف تنظرون إلى الإصلاحات في المملكة؟
- يتمتع البلدان بعلاقات قوية؛ إذ إن سويسرا ترحّب منذ سنوات عدة بالضيوف من المملكة العربية السعودية، خصوصاً في منطقة بحيرة جنيف. منذ إقامة العلاقات الثنائية بيننا في عام 1956، شهد تعاوننا كثيراً من التكثيف والتنوع. إلى جانب تنامي مستويات التجارة المتبادلة، نعمل معاً على تحقيق كثير من المصالح المشتركة الأخرى.
اسمحوا لي بإعطاء بعض الأمثلة: على مستوى العلاقات متعددة الأطراف، تلتزم سويسرا والسعودية بمساعي إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كما انضمت سويسرا إلى المملكة في جهود الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال تقديم الدعم إلى مشروع مبتكر لحماية الشعاب المرجانية في البحر الأحمر.
كما ترحب سويسرا أيضاً بمسيرة الإصلاحات الجارية حالياً في السعودية، وهي على استعداد لاستكشاف فرص التعاون في مجالات جديدة. أحد الأمثلة على ذلك؛ مشروع السياحة الصديقة للبيئة على ساحل البحر الأحمر، حيث يمكننا تقديم الخبرات التي تتمتع بها مؤسسات السياحة ومعاهد إدارة الفنادق السويسرية.
علاوة على ذلك، وبفضل افتتاح برنامج التأشيرة السياحية مؤخراً، ربما سنرى تنامي أعداد الزوار السويسريين إلى المملكة قريباً.
> كيف تقيّمون مستوى التبادل التجاري والمشاورات السياسية؟
- يجمع سويسرا والسعودية تاريخ طويل من العلاقات الثنائية القوية، وكذلك الأمر في مجال التبادل التجاري. ظلت الصادرات السويسرية إلى المملكة مستقرة نسبياً خلال عام 2018، حيث بلغت قيمتها 1.9 مليار فرنك سويسري. كما سجّلت وارداتنا من المملكة في العام نفسه نمواً كبيراً ووصلت إلى 833.5 مليون فرنك سويسري.
المملكة سوق مهمة لصادرات سويسرا من البضائع، وكذلك في قطاع الخدمات. تحظى المؤسسات المالية السويسرية، على سبيل المثال، بحضور قوي في الأسواق السعودية.
أما على المستوى السياسي، فتعقد سويسرا والمملكة مشاورات منتظمة على جميع المستويات، ما يتيح لنا مناقشة القضايا المشتركة وبحثها في العمق، والعمل كذلك على استكشاف آفاق جديدة للتعاون بيننا.
> تشهد المملكة تحولاً كبيراً في إطار «رؤية 2030»، هل أنتم مهتمون بالفرص الاستثمارية التي تفتحها هذه التحولات؟
- أشيد بخطط الإصلاح الجاري تنفيذها في السعودية بموجب «رؤية 2030» التي من المتوقع أن تحقق التنوع الاقتصادي في المملكة وتقلّص اعتمادها على النفط. هدف المملكة المتمثل في تعزيز ريادة الأعمال في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع تنمية القطاع الخاص، يمثل خطوات بالغة الأهمية نحو تحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة.
واسمحوا لي في هذا الصدد التأكيد على أهمية دمج المرأة ضمن القوى العاملة في سوق العمل، إذ تعدّ مشاركتها عنصراً أساسياً من عناصر التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة في المملكة.
وتتمتع الشركات السويسرية اليوم بحضور قوي في السوق السعودية. ويشهد كل شهر تقريباً قيام شركة سويسرية أو أكثر بتأسيس علاقات تجارية جديدة مع المملكة.
وبما أن نظام سويسرا الاقتصادي ليبرالي إلى حد بعيد، فإن دور الدولة يقتصر على تهيئة الظروف الهيكلية الملائمة. القرار بشأن فرص الاستثمار الجديدة يظل في أيدي مستثمري القطاع الخاص يتخذونه في ضوء اعتباراتهم ومصالحهم.
> تتميز سويسرا باقتصاد ديناميكي للغاية، ما السر في ذلك؟
- لا يمكن تفسير ذلك على أساس عامل واحد منفرد، بل عليك أن تنظر إليه كمنظومة. فكل تحسين ندخله على الأوضاع الهيكلية يضيف عنصراً جديداً نستكمل به الصورة الشاملة. ومع ذلك، يمكننا القول إن بعض العناصر تفوق غيرها في الأهمية. وفي رأيي، يتمثل النظام المزدوج للتعليم المهني والتخصصي أحد أهم العناصر الرئيسية. ذلك أن ازدواج المسارين العملي والنظري لا ينجح فحسب في إعداد الشباب لسوق العمل، بل يوفر أيضاً تعليماً رفيع المستوى في مؤسسات التعليم العالي.
وهناك جوانب أخرى مهمة تتمثل في الحوكمة الموثوقة والبنية الأساسية عالية الجودة والنظام القانوني والسياسي المستقر. يضاف إلى ذلك أن المنظومة الضريبية في سويسرا تشجع على تحقيق النمو، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات فرص العمل.
ومع ذلك، لا تزال أمامنا تحديات كثيرة في المستقبل، حيث ستواجه سويسرا تغيرات ديموغرافية كبيرة في السنوات المقبلة، ما سيطرح أمامنا تحدياً مهماً لاستدامة نظام معاشات التقاعد في الدولة.
> وأين ترون فرص التعاون الممكنة مع السعودية؟
- بالنسبة إلى إمكانات التعاون، فإن التعاون قائم بالفعل في كثير من القطاعات. كما أن هناك بيننا حوارات نشطة على المستوى السياسي والاقتصادي ومعالم المجالات التي نتعاون فيها تحددها كذلك الشركات السويسرية الكثيرة العاملة في المملكة.
وما تشهده المملكة حالياً من تطورات وانفتاح يعزز وتيرة فتح الفرص الجديدة. وقد تم بالفعل اعتماد بعض الترتيبات في هذا المجال، ومنها مثلاً الاتفاقات بين معاهد التدريب المهني السويسرية في قطاع الضيافة ونظيراتها في المملكة. ويعدّ قطاع الضيافة من القطاعات الواعدة في الاقتصاد السعودي ويمكن للخبرات السويسرية أن تقدم فيه قيمة مضافة كبيرة.
> أنتم تشغلون أيضاً منصب وزير مالية سويسرا إلى جانب دوركم رئيساً للاتحاد السويسري، أين ترون فرص التعاون الثنائي في المجال المالي؟
- نرى أن هناك إمكانات متنوعة لتعزيز التعاون في القطاع المالي بما يحقق مصلحة البلدين. يمكن تصور قيام الشراكات بين الشركات السويسرية والسعودية، خصوصاً في المجالات التي تستطيع فيها سويسرا ومركزها المالي تقديم خبرات معينة.
وينطبق ذلك مثلاً في مجال إدارة الأصول ومجال الاستثمارات المستدامة. والطلب المتزايد على الأصول المستدامة والبنية الأساسية المستدامة، خصوصاً من دول الشرق الأوسط، من شأنه أن يوفر الفرص لتعميق التعاون بين البلدين. يضاف إلى ذلك أن تمويل الاستثمارات في البنية الأساسية عالية الجودة بالاستفادة من الابتكارات التكنولوجية، التي تحقق التنمية المستدامة، يخدم مصالح بلدينا معاً.
علاوة على ذلك، وفي سياق «رؤية 2030»، تسعى سويسرا إلى استكشاف مجالات أخرى للتعاون؛ مثل تبادل أفضل الممارسات في مجال إقراض وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال البنوك.
> تأتي زيارتكم للمملكة العربية السعودية بعد الهجوم على منشآت «أرامكو»، وهو هجوم يشتبه في أن إيران تقف وراءه. ما موقفكم من هذا الموضوع؟
- تشعر سويسرا بالقلق البالغ إزاء التوترات المتزايدة في منطقة الخليج. ونحن نرى وجوب تفادي أي تصعيد إضافي، لأن نشوب نزاع عنيف جديد في المنطقة سيؤدي إلى عواقب وخيمة على جميع شعوب المنطقة وخارجها. وقد أعلنّا فوراً إدانتنا للهجمات الأخيرة على «أرامكو»، ونرحب بالتحقيق الشامل الجاري حالياً في هذا الشأن.
> لقد أثارت الأنشطة الإيرانية الأخيرة مشكلة سلامة الملاحة في مضيق هرمز، وهو ما أدى بدوره إلى صدور ردة فعل من الولايات المتحدة الأميركية. ما رأيكم في هذا الصدد؟
- تدعو سويسرا جميع الأطراف إلى احترام المعاهدات الدولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي تنص على قواعد واضحة لتنظيم مرور السفن التجارية في مضيق هرمز.
> هل تخطط سويسرا لأداء دور في تخفيف التوترات في منطقة الخليج؟
- تمسكت سويسرا طويلاً بالتزامها تجاه تعزيز الأمن والتعايش السلمي في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، وقدمنا بشكل متكرر مساعينا الحميدة لجميع الأطراف المعنية. ونحن مستعدون دائماً لتيسير الاتصال بين الأطراف، هذا ليس أمراً جديداً علينا، وسنواصل أداء هذا الدور في ظل الظروف الراهنة.
علاوة على ذلك، وبالإضافة إلى تفويضنا برعاية مصالح الولايات المتحدة في إيران على مدى سنوات كثيرة، فإننا حصلنا مؤخراً على التفويض برعاية مصالح المملكة العربية السعودية لدى إيران والعكس.
> كان لسويسرا في السابق دور في المساعي الرامية إلى تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. كيف ترون عملية السلام حالياً؟
- لقد مر أكثر من 25 عاماً على توقيع اتفاقيات أوسلو، والقضايا الرئيسية بين الطرفين لا تزال دون حل، ومنها قضايا الحدود والقدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات. والأوضاع على الأرض تهدد فرص حل الدولتين، خصوصاً توسع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والحصار المستمر على قطاع غزة، وتواصل أعمال العنف.
إن المشاكل الاقتصادية والإنسانية المترتبة على الاحتلال الإسرائيلي، والانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وارتفاع مستويات البطالة في صفوف الشباب، تمثل جميعها تحديات إضافية تقوِّض فرص قيام دولة فلسطينية قادرة على البقاء. وسويسرا ترى أن تحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يتحقق إلا من خلال مفاوضات تقوم على أساس حل الدولتين، وعلى مبادرة السلام العربية لعام 2002.
وسويسرا تشارك في برامج المساعدات الإنسانية والتعاون وتعزيز السلام في الشرق الأوسط وتشجع على تبني الأساليب المبتكرة لمعالجة قضايا النزاع الأساسية، لا سيما من خلال دعم الجهود الرامية إلى معالجة مخلفات الماضي وتعزيز التفاهم المتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. كما تبذل سويسرا جهودها الحثيثة لضمان احترام جميع الأطراف للقانون الدولي. علاوة على ذلك، أدت سويسرا دوراً نشطاً في المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، وتقوم عبر القنوات الدبلوماسية بمساعدة الجهود التي تقودها مصر من أجل استعادة دور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة.
وأخيراً، تعدّ وكالة «أونروا» شريكاً متعدد الأطراف مهماً لسويسرا، ودورها ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وستواصل سويسرا العمل مع «أونروا» والجهات المانحة الأخرى لتعزيز جهود الإصلاح لكي تمتلك «أونروا» القدرات اللازمة للارتقاء بفاعلية وكفاءة خدماتها.
> سويسرا هي الدولة الوديعة لاتفاقيات جنيف التي يشهد العام الحالي مرور الذكرى السبعين لإعلانها، ما دور سويسرا في هذا الصدد؟
- لدي قناعة راسخة بأن القيم تضع بين أيدينا البوصلة التي نسترشد بها من أجل تحديد مسارنا وسط تعقيدات عالم اليوم وصون كل ما يستحق حمايتنا. واتفاقيات جنيف، التي اعتمدت قبل 70 عاماً، هي بوصلة من هذا النوع، فالغرض من القانون الإنساني الدولي هو الحفاظ على كرامة الناس في البلدان التي ترزح تحت وطأة الحروب، حيث ينبغي أن نتمكن من علاج الجرحى والمرضى، وأن يذهب الأطفال إلى المدارس، وأن يتم النأي بالمدنيين عن الأعمال القتالية. ومع ذلك، لا يزال العالم يشهد انتهاكات القانون الإنساني الدولي وبشكل منتظم.
وسويسرا هي الدولة الوديعة لاتفاقيات جنيف، والانخراط في الجهود الإنسانية يعدّ من المكونات الأساسية لسياستنا الخارجية، كما أننا نلتزم التزاماً ثابتاً بتعزيز وتشجيع احترام القانون الدولي الإنساني.
وفي مناسبة هذه الذكرى السنوية، نناشد جميع الدول أن تطبق التدابير الكفيلة بتحسين احترام القانون الدولي الإنساني. ومن هذا المنطلق ستكون الأوضاع في اليمن في عداد القضايا المدرجة على جدول أعمال المقابلات مع مسؤولين رفيعي المستوى في الإمارات والسعودية.
> لديكم علاقة خاصة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كيف ترى دور أميركا دولياً وفي الخليج؟
- العلاقات الثنائية القوية مع الولايات المتحدة الأميركية هي أمر مهم بالنسبة لسويسرا، وهذه علاقات لها جذور تاريخية قوية. ومنذ سنوات طويلة ترتبط الدولتين بقيم مشتركة كثيرة، مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. وإذا أضفنا تلك القيم إلى مصالحنا وأولوياتنا، فإنها تعطينا الأساس الذي ننطلق منه في تعاوننا مع حكومة الولايات المتحدة.
خلال الاجتماع مع الرئيس دونالد ترمب في شهر مايو (أيار) الماضي، ناقشنا عدداً من القضايا، ومنها سبل الاستفادة من مساعي سويسرا الحميدة من أجل فتح قنوات دبلوماسية في مناطق النزاع.
> يدور الجدل حول الهجرة إلى أوروبا، ونتيجة لذلك أصبحنا نشهد تنامياً للحركات اليمينية المناهضة للاجئين. هل لديكم مخاوف بشأن مفهوم التعايش في سويسرا، على وجه التحديد، وفي أوروبا بشكل عام؟
- عندما يصعب التحكم في حركة تدفق اللاجئين، مثلما كانت الحال في عام 2015، تصبح هذه المخاوف أمراً مفهوماً. أما عندما نغدو قادرين على ضبط حركة الهجرة، فإن أهمية هذه المشكلة تتضاءل. سويسرا تسعى إلى تحقيق هدف واضح: من اللازم توفير الحماية للأشخاص الذين يحتاجونها؛ أما الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى الحماية فتجب عليهم مغادرة سويسرا في أقرب فرصة. ونحن نتوقع من جميع مناطق العالم المزدهرة أن تتضامن وتسهم في حل مشكلة اللاجئين العالمية.
نسبة الرعايا الأجانب تصل إلى نحو ربع إجمالي سكان سويسرا، ونعيش حياتنا اليومية معاً من دون أي صعوبات في الغالبية العظمى من الحالات. والاندماج هو مفتاح الحفاظ على التعايش السلمي بين الشعب السويسري والمقيمين الأجانب في بلدنا، وهذا ما يتحقق عندما يتقبل كل شخص يعيش في سويسرا القيم المنصوص عليها في الدستور الاتحادي، ويُظهر الاحترام لغيره من المقيمين في البلد. ويمكننا القول إن الاندماج ينجح عندما يتمتع جميع السكان بفرص متكافئة، بغض النظر عن أصولهم.
قد يهمك أيضًا:
ولي العهد السعودي يُؤكِّد أنّ الهجوم على المنشآت "عمل حرب" مِن طرف إيران
أرسل تعليقك