استقبل رئيس مجلس إدارة جمعية القبائل العربية الشيخ عبد الله جهامة، ونائب رئيس المجلس القومي للقبائل العربية، وأحد أوائل المجاهدين الذين قدموا العديد من البطولات على أرض سيناء أثناء فترة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم علي هذه البقعة العزيزة من أرض مصر، في ديوانه"المقعد"الذي يتسم بالبساطة في منزله في شارع أسيوط في العريش وحول منقد النار"الكانون"، الذي تشتعل فيه جمرات صغيرة حولها بكرج القهوة ودلة الشاي، وعلى مجلس عربي أرضي، وبإبتسامة عذبة، مراسل "مصر اليوم" وعلى مدار ثلاث ساعات كاملة من "الحديث" وسط احتساء أكواب الشاي و"فناجيل" القهوة، دار الحوار التالي بكل صراحة وشفافية، روى خلاله قصة كفاحه منذ مولده وحتى اليوم، قصة تستحق أن تسجل بنور في سجلات الشرف والتضحية التي سطرها أبناء سيناء في رحلة كفاحهم وقت الحرب ووقت السلم.
وقدّم الشيخ جهامة رسالة تهنئة إلى الرئيس السيسي تقول" كل عام وأنت يا سيادة الرئيس بخير وبصحة جيدة بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر، والتهنئة موصولة لوزير الدفاع والضباط والجنود وللشعب المصري العظيم".
وبدأ جهامة حديثه حول حياته، فقد ولد جهامة في قرية المقضبة في وسط محافظة شمال سيناء عام 1942 وعاش طفولة جميلة كباقي أقرانه من البدو وعندما اشتد ساعده أرسله والده للكتّاب لتعلم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم ثم ألحقه بالمدرسة الابتدائية التي تبعد نحو خمسة كيلو مترات عن منزله فكان يذهب إليها يوميًا ولم يتغيب عن الدراسة يومًا واحدًا برغم مشقة الوصول إلى المدرسة.
وأضاف أنه عندما حلّ الاحتلال الإسرائيلي علي سيناء وهو في مرحلة الشباب، بدأ أهالي سيناء في تنظيم مجموعات لمحاربة العدو الإسرائيلي ، وبرغم صغر سنه إلا أنه تولى قيادة إحدى هذه المجموعات وكانت مهمتها الموكلة إليها تصوير المواقع العسكرية الإسرائيلية وجمع المعلومات وصورّت هذه المجموعة تحت إشراف المخابرات العسكرية عددًا من المنشآت العسكرية والحربية الإسرائيلية ليس في سيناء فقط ولكن في إسرائيل نفسها.
وأمدت المجموعة التي تولاها جهامة بإمداد القاهرة بالمعلومات أولًا بأول عن طريق شفرات تدرب عليها جيدًا، وكان لهذه المجموعة من بدو سيناء وباقي المجموعات الأخرى الفضل في تعرية الإسرائيليين وجعلهم كتابًا مفتوحًا للقيادة المصرية الأمر الذي أدى إلى هزيمتهم في حرب السادس من أكتوبر هزيمة مريرة، فقد كان البدو أقمارًا صناعية للقيادة المصرية يرصدون كل كبيرة وصغيرة على أرض سيناء.
وكانت مهمة المجموعة التي يتولى قيادتها ليس فقط تصوير وجمع المعلومات ، بل نفذت عددًا من العمليات الناجحة ضد إسرائيل، ومنها نسف استراحة الطيارين الإسرائيليين في العريش وراح ضحية تلك العملية 11 طيارًا إسرائيليًا وامرأة ولم تعترف إسرائيل بالعملية وقتها ولكن أعلن عنها فيما بعد
وتابع جهامة حديثه، لـ"مصر اليوم"، بعد عودة سيناء الحبيبة إلى حضن الوطن مصر انخرط جهامة في العمل السياسي وتم تكريمه وزملائه المجاهدين من قبل رئيس الجمهورية عام 1982 وتم منحه نوط الامتياز من الطبقة الأولى تقديرًا للدور البطولي الذي أدوه.
وفي عام 82 انخرط جهامة في العمل السياسي وانتخب عضوًا في المجلس المحلي حتى عام 90 ، فقد تم انتخابه في نفس العام في مجلس الشعب لدورتين متتاليتين ثم عاد مرة أخرى للمجالس المحلية، حتى عيُّن في أول برلمان بعد ثورة 25 يناير بقرار من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وفي عام 1987 أسس وزملاؤه المجاهدين جمعية مجاهدي سيناء وتولى رئاسة مجلس إدارتها المجاهد جمال حسونة ثم محمد اليماني ثم عيسى الخرافين ثم عبد الله جهامة منذ عام 2010، واستطاع جهامة خلال توليه رئاسة الجمعية تحقيق بعض متطلبات المجاهدين وهو تخصيص مبلغ 700 جنيه شهريًا لكل مجاهد من وزارتي المالية و التضامن الاجتماعي بدلا من 13 جنيها يتقاضاها المجاهد كل شهر، لرد و لو جزء من جميل هؤلاء المجاهدين تجاه الوطن.
وفي عام 2006 عقدت قبائل وسط سيناء مؤتمرًا جماهيريًا في منطقة الوسط وتم تسمية جهامة رئيسًا لمجلس قبائل وسط سيناء حتى اليوم، ثم جري تعيينه عام 2014 نائبًا لرئيس المجلس القومي للقبائل العربية.
ويرى جهامة أن مشروع قناة السويس الجديدة نقل مصر نقلة اقتصادية كبيرة، من خلال رفع إيرادات قناة السويس، وزيادة الدخل القومي، وتوفير فرص عمل للشباب للمشاريع التي سيتم انشاؤها في محور قناة السويس في المدن الجديدة التي سيتم انشاؤها ومراكز صناعة وإصلاح السفن ومناطق الحاويات وأيضًا الشركات الكبرى التي سيتم انشاؤها من قبل الأفراد والمؤسسات، مؤكدًا أن هذا المشروع القومي الضخم له عائد اقتصادي كبير على أبناء سيناء، فمعظم العاملين في المشروع من أبناء سيناء، وأيضًا معظم المعدات التي تعمل بالمشروع ملك لأبناء سيناء.
وطالب جهامة بالإسراع في عمليات التنمية وإقرار مشاريع تنموية في سيناء، بجانب شق ترعة على امتداد ترعة الإسماعيلية لخدمة أبناء وسط سيناء وزراعة مليون فدان جاهزة للزراعة إذا توافرت المياه، بجانب حماية شرق الممرات، وهذا مطلب رئيسي لأبناء سيناء أثناء ترشح السيسي لكرسي الرئاسة.
واستعرض جهامة مطالب أبناء سيناء من القيادة السياسية والحكومة الحالية والتي تتمثل في إنشاء حقيبة وزارية تختص في شبه جزيرة سيناء لتنميتها تنمية حقيقية لأن الإرادة السياسية تتوافر حاليًا لتنمية وتعمير سيناء، وسيادة الرئيس وعد بإقامة محافظة ثالثة في وسط سيناء وأوفى بوعده، لأن المحافظة الوليدة ستدعم الأمن القومي المصري وستعمل على الاستفادة من ثروات سيناء في المنطقة وخامات التعدين المتواجدة هناك، فبدلًا من تصدير المواد الخام وعودة استيرادها في صورة أخرى بتكلفة أكثر لابد من إنشاء المصانع للاستفادة من ثروات سيناء.
وتخوّف جهامة من استقطاع جزء من وسط سيناء حيث قال" إننا نتخوف الآن من استقطاع جزء من وسط سيناء وبالتالي سيكون هناك تفتيت للقبائل والعائلات في المنطقة ونأمل أن تكون مدينتي الحسنة ونخل بقراها وتجمعاتها للمحافظة الجديدة ولا يستقطع منها شيئ لعدم تفتيت قبائل وعائلات المنطقة، وهذا من الحد الشمالي للمحافظة الجديدة، أما بالنسبة للحد الجنوبي فمتروك لتنسيق القبائل في محافظة جنوب سيناء.
وطالب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير التنمية المحلية جهامة بالنظر إلى أبناء وشباب سيناء والاستفادة منهم بالمناصب التنفيذية والإدارية كمنصب نائب المحافظ ومنصب مستشارين ومساعدين المحافظ ، وبالنسبة للوظائف الحكومية التي تعلن الدولة عنها يجب أن تكون لأبناء سيناء والمقيمين عليها إقامة دائمة، حيث لا بد أن تكون الأولوية لأبناء سيناء والمقيمين فيها وتعريفهم بأنهم من ولدوا في سيناء وحصلوا على شهادات الإبتدائية والإعدادية والثانوية منها.
كما طالب جهامة، بالتوسع في إنشاء مراكز الشباب والاهتمام بقطاعات الصحة والتعليم خاصة في وسط سيناء وتشغيل المشروعات المتوقفة مثل مشروع فحم المغارة، وإنشاء سدود ترابية في مخرات السيول بالرجوع إلى أبناء القبائل في تلك المناطق لدرايتهم ومعرفتهم الواسعة في مخرات السيول والأودية، بجانب تحويل قرى بغداد والجفجافة والقسيمة إلى مدن، بجانب إعادة النظر في تشغيل كوبري السلام وزيادة عدد المعديات لتسهيل حركة المرور وأن يكون تفتيش السيارات العابرة إلكترونيًا لتوفير الوقت والجهد، وإنشاء مكتب للتجنيد في منطقة القنطرة للتيسير على أبناء سيناء وتخفيف معاناة السفر إلى الزقازيق للتجنيد.
وأكد جهامة، خلال حواره إلى "مصر اليوم"، على ضرورة توصيل خط السكة الحديد إلى مدينة العريش وزراعة 125 ألف فدان صالحة للزراعة في منطقة السر والقوارير في وسط سيناء، بعدما تم إلغاؤها من مخطط مشروع ترعة السلام، وتدعيم سيناء بالقوافل الدينية من الأزهر الشريف والأوقاف لتوعية المواطنين بصحيح الدين الإسلامي وسماحته، بجانب إنشاء معاهد أزهرية في كل ربوع سيناء لنشر التعليم الأزهري، وتوفير فرص عمل للشباب خاصة سكان القرى البعيدة والمحرومة، وإمداد تلك المناطق في المرافق والبنية التحتية والتوسع في إنشاء مساكن للشباب في كافة أنواعها.
وتمنى جهامة من الجهات التنفيذية زيارة مناطق وسط سيناء ورفح والشيخ زويد للإطلاع على المعاناة الحقيقية لأبناء هذه المناطق، فهذه المناطق تحتاج إلى الزيارات المتكررة من الجهاز التنفيذي وتقديم المساعدة لقاطنيها.
وأكد جهامة على دور الجهاز الوطني للتنمية برئاسة اللواء شوقي رشوان، مشيرًا إلى أن الجهاز وضع سنة حسنة وهو تولي القوات المسلحة بعض محاور التنمية بسيناء من خلال إنشاء المساكن وحفر الآبار وإقامة محطات التحلية وشق الطرق وإنشاء دور الضيافة وعدد من المشاريع الأخرى التي تخدم المواطنين، كما ثمّن دور جهاز تعمير سيناء والذي ينفذ مشاريع عدة على أرض سيناء.
وحول المجاهدين قال جهامة "في عهد الرئيس السيسي آن الآوان أن يتم تكريمهم تكريمًا ماديًا ومعنويًا، حيث كرّم الرئيس عندما كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية المجاهدين، كما كرمهم أيضًا عندما كان قائدًا عامًا للقوات المسلحة بإنشاء مبنى للجمعية الخاصة بهم وتم افتتاحها في نيسان/أبريل قبل الماضي، وحتى الآن لم يوصل الجهاز التنفيذي المرافق للمبنى من مياه وكهرباء بالرغم من المخاطبات العديدة، ويطمح المجاهدون أيضًا بتنفيذ المذكرة التي تقدم المجاهدون بها للرئيس الأسبق عدلي منصور بتخصيص 10 أفدنة لكل مجاهد على مسار ترعة السلام، موجهًا الشكر للواء مراد موافي محافظ شمال سيناء الأسبق على جهوده في خدمه المجاهدين وزيادة المبالغ المالية التي يتقاضونها شهريًا.
وحول ثورتي 25 يناير و30 يونيو، أكد جهامه أن 30 يونيو امتداد لثورة يناير وهي تمثل عظمة المصريين عندما خرجوا على قلب رجل واحد للمطالبة بتحسين أحوالهم المعيشية، وأن الشعب العظيم مصمم على حريته، مشيرًا إلى أن الشعب المصري علم العالم فنون الديمقراطية عندما وقف في طوابير كبيرة للاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد وأيضًا وقوفه في طوابير لاختيار رئيس للبلاد مطالبين بأن يتولي مقاليد البلاد رجل يحافظ عليهم ويصون كرامتهم ويفتح آفاق التنمية لهم، وأن ظن الشعب المصري في الرئيس السيسي كان ظنًا في محله، فكل يوم يمر يؤكد أن السيسي رجل من الطراز الأول ورجل دولة أعاد لمصر مكانتها وهيبتها وسط شعوب العالم عندما تحدث فى أكثر من محفل دولي أثبت للعالم كله أن ما حدث في مصر في 30 يونيو ثورة شعبية شاركت فيها جميع أطياف الشعب المصري، وانحاز الجيش العظيم لمطالب الشعب.
واختتم جهامه حديثه بتوجيه رسالتين الأولى للرئيس التركي أوردوغان والثانية لأمير قطر تميم، وجاء في رسالته للرئيس التركي"أما بالنسبة للأردوغان والذي أراد أن يتطاول على مصر أقول له إن مصر أكبر منك كثيرًا وأنك تعيش أضغاث الماضي، وشعب مصر العظيم يعلم "أن بول الحمار لا يعكر بحر".
أما بالنسبة لأمير قطر فأقول" إن التاريخ مر من دياركم ولم يسجل إلا ما يعف اللسان عن ذكره، فلترجع أيها التميم إلى التاريخ لتعرف من هم الانقلابيين، نسيت أنك انقلبت على أبيك، مثلما انقلب أبيك على جدك".
أرسل تعليقك