c الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 20:36:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية المتوحشة"

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـالرأسمالية المتوحشة

"الرأسمالية المتوحشة"
القاهرة ـ مصر اليوم

في اللحظة التي انتهيت فيها من قراءة رواية "كرافت" للكاتب السويسري "يوناس لوشر"، الصادرة هذا العام عن دار العربي للنشر والتوزيع في القاهرة، وبترجمة د. معتز المغاوري - تخيلت بيني وبين نفسي -ضاحكاً-  أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبمعجزة ليس لها مثيل، تفرغ أياماً لقراءتها ثم كيف يكون رد فعله على انتحار بطل الرواية، "ريتشارد كرافت"، في نهايتها. ولا يساورني شك أن رد فعله، إن حدث أو كما أتخيله، لن يكون إلا سخرية شديدة تصل لدرجة الوقاحة (التي اعتدناها منه).

في الواقع - وبعيداً عن ترامب وسخريته ووقاحته المتوقعَة- فإن تلك الرواية استغرقت مني وقتًا طويلًا في قراءتها، وليس سبب ذلك حجمها أو عدد صفحاتها (الرواية كلها 265 صفحة) وإنما لأنني كنت أتوقف كثيراً عند نهاية كل فصل من فصولها، محاولاً استيعاب الأفكار التي تطرحها على لسان بطلها، وهو يحاول الإجابة على سؤال واحد: هل كل شيء على ما يرام؟ وهو سؤال - وإن بدا ظاهرياً- سهلاً وبسيطاً إلا أنه ليس كذلك على الإطلاق.

البداية عندما يتلقى البروفيسور الألماني، ريتشارد كرافت، دعوة للمشاركة في مسابقة يقيمها أحد أساطين وادي السليكون الشهير. للإجابة على ذلك السؤال في ظل كل التطورات الكبيرة والخطيرة والهائلة التي يعيشها العالم، منذ انتصار الرأسمالية وقيمها وتفردها بقيادة الكرة الأرضية، بعد انهيار عدوها -أو أعدائها- في بداية التسعينيات من القرن العشرين، على أن يفوز صاحب الإجابة الصحيحة بجائزة مالية قدرها مليون دولار، مع أننا لا نعرف أبداً كيف يُمكن تقدير تلك الإجابة الصحيحة، وتحت أية معايير أو مقاييس محددة سلفاً أو معروفة.

وبالفعل يذهب "كرافت" إلى المسابقة، خصوصاً أن الدعوة جاءته من صديق قديم وحميم كان -في سن الشباب- يشاركه أفكاره وأحلامه، وهذا الصديق -رغم أنه مجري الأصل- فإنه أصبح واحداً من أولئك المفكرين "الاستراتيجيين" الذين أصبحت لهم الكلمة العليا في تحديد أهداف وخطط واستراتيجيات الولايات المتحدة الأميركية.

وفي جانب آخر مهم فإن كرافت يذهب إلى المسابقة من أجل الفوز بالجائزة كي يستطيع -بالمليون دولار الموعودة- ترتيب أمر انفصاله عن زوجته وضمان مستقبل أولاده، وهو في ذلك يتصور أنه يحصل على "حريته" من كل الارتباطات والقيود العائلية، وهذا في حد ذاته تناقض صارخ -لا يلحظه البروفيسور العبقري!- منذ البداية.

في الأيام التي قضاها "كرافت" في حرم جامعة "ستانفورد" وفي قلب وادي السيليكون، مقر كل الشركات العالمية التي تتحكم في حياة البشر، تسنح له الفرصة، وفي سبيل العثور على الإجابة النموذجية للسؤال، أن يستعيد تفاصيل حياته كلها، ومراجعة كل أفكاره التي تحمس لها منذ شبابه الباكر، حتى أوصلته لما عليه من مكانة علمية وأدبية مرموقة في مجال تخصصه. لكنه وبطريقة لم يخطط لها، يستطيع أن يصل إلى نتائج لم يتصورها أو يتخيلها عن نفسه وعن حياته العملية والشخصية، وهي النتائج التي تقوده في النهاية إلى الانتحار، لأنه -ببساطة شديدة- لم يكن كل شيء على ما يرام.

الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية المتوحشة" التي تقود العالم اليوم، فكل منتجاتها -وإن كانت ظاهرياً- تُسهّل على البشر حياتهم اليومية، وتوعدهم بمستقبل لا بد وأن يكون أفضل دائماً، إلا أنها في حقيقتها لا تعدو سوى أنها مجرد طريقة ضمن طرق أخرى، فيها الجيد والسيء، الإيجابيات والسلبيات، فلا شيء مُطلق أو ناجح مائة في المائة، وربما من هذه النقطة تحديداً تخيلت رد فعل شخص مثل "دونالد ترامب" لو حدثت المعجزة وقرأ تلك الرواية، فهو -بشكل من الأشكال- يعتبر النموذج الأكثر تعبيراً لجواب سؤالها بأنه ليس كل شيء على ما يرام!

وقد يهمك أيضًا:

تنظيم ورشة "رؤى إبداعية ونقدية في الرواية المعاصرة" في غزّة

المصرية للنقد الأدبي تناقش "الرواية والسلطة" لـ محمد السيد إسماعيل

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـالرأسمالية المتوحشة الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـالرأسمالية المتوحشة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon