توقيت القاهرة المحلي 21:39:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"سفر إعادة التكوين" اغتراب وأزمة معنى

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - سفر إعادة التكوين اغتراب وأزمة معنى

القاهرة - وكالات

تتسع الرؤية وتتسع العبارة أيضا في رواية الكاتبة المصرية ناريمان الشاملي "سفر إعادة التكوين" التي تطرح الأفكار في تصاعد درامي لاهث وفي جمل تقريرية أحيانا. وعبر جغرافيا تمتد من اليابان إلى أميركا رحلة للبطلة في سبيل البحث عن هويتها أو عن معنى لوجودها. فالبطلة التي هي ثمرة تاريخ من القهر واستلاب الذات وتنازع الهويات بين إيران والمغرب وإسبانيا ومصر، حين تعجز عن الوصول إلى معنى لحياتها، تحاول خلق هذا المعنى بالانتماء إلى الإنسانية عبر تجارب أممية في السودان واليابان، الا أنها ستكون أكثر وفاء لتاريخها وتعيد إنتاج اغترابها الشخصي، ممثلا في طفل تبنته "سيكون كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى"، وكأننا أمام أسطورة سيزيف في صعوده الأبدي بالحجر إلى قمة الجبل. والعمل السردي الأول للشاملي رواية رحلة تعيد تفكيك الحقيقة، لتقول إنه لا توجد حقيقة بل أسئلة عنها وحولها يطرحها القلقون بهدف البحث عن يقين أو أمان نفسي، ولا تنال البطلة هذا الأمان رغم سياحتها في العالم واستعراضها ثقافات وفلسفات وطرائق معيشة وعادات وأساطير. والرواية التي أصدرتها دار "الكتب خان للنشر والتوزيع" في القاهرة، وتقع في 199 صفحة متوسطة القطع هي العمل الإبداعي الأول لناريمان الشاملي -أستاذة اللغة العربية بجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية في اليابان-، بعد أن ترجمت للعربية ثلاث روايات هي "هكذا كانت الوحدة" للإسباني خوان خوسيه مياس، و"شقيقة كاتيا" و"نية حسنة" للإسباني أندرس باريا. تبدأ الرواية بموت ابن البطلة واتساع الهوة النفسية بينها وبين زوجها. ويفجر موت الطفل أسئلة وجودية عن تاريخ عائلة الراوية التي ولد أبوها لأبوين مغربيين من أصول إسبانية، وعاش حياته كلها قبل زواجه في المغرب ثم تعرف أمها الإيرانية في إيران وتزوجها هناك وانتقلا للإقامة في مصر. وتسجل الرواية أن والد البطلة حرم على "الأم التعيسة" أن تتحدث بأي لغة أو لهجة إلا العربية الفصحى، واستسلمت الأم التي كانت ذكية ومتمردة لجبروته واستسهلت اللجوء إلى الصمت بعد أن اشترط عليها أن تتحول إلى مذهبه. وفي ليلة زواج البطلة ارتمت أمها في حضنها وتشجعت غير مبالية بصرامة تعليمات الأب، وامتلكت القدرة على الكلام بلغتها الفارسية وكأنها "تنفث عن هموم عمرها كله كان الفكاك من العبودية ضريبته الحياة نفسها، وأمها اختارت وأحسنت الاختيار"، إذ ماتت بعد مرور شهر على استعادة لسانها. وبموت الأب بعد أشهر ثم طلاق البطلة تشعر بانهيار العالم من حولها، ولكنها بتحررها أيضا من أوهام كثيرة تبدأ رحلة البحث عن معنى وجودها، وتلمس الطمأنينة في اللجوء إلى أصدقاء تجمعهم الخمور وتدخين الحشيش الذي زادها قلقا لم يشفها منه الذهاب إلى طبيبة للأمراض النفسية ترى أن عليها البحث عن جذورها. لكنها في رحلاتها التي بدأت بإيران كانت في حوزة ماضيها اللغوي والثقافي العربي لم تكن أسيرة له وإنما بصحبته مستعيدة أبياتا من أشعار جبران خليل جبران ونزار قباني وصلاح جاهين ومحمود درويش. ولا تمنحها ايران يقينا، فتذهب إلى المغرب "آخر أحلامها لتعثر على أول خيوط سلالتها"، ولكن المغرب يخذلها فلا يبقى أمامها شيء، وفي الوقت نفسه لا تريد العودة لمصر التي "لا يربطني بها شيء الآن" -كما تقول-فتسافر إلى إسبانيا موطن جدة أبيها. ولا تخرج من إسبانيا إلا بفرصة للعمل في الترجمة الفورية بالأمم المتحدة بترشيح ودعم رجل مثلي وتذهب أولا إلى سان فرانسيسكو وتكتشف "بعض الفساد بين بعض المثليين، وكاذب من يقول غير ذلك، فهم يحاولون أن يساعدوا بعضهم بعضا في الحصول على أفضل الوظائف والوصول إلى أعلى المراكز، ظنا منهم بأن الغيريين ما كانوا ليساعدوهم على هذا". ويوفر لها العمل في الأمم المتحدة فرصة السفر إلى السودان، فترصد مظاهر الفقر والقهر، وتقرر الذهاب إلى اليابان كمكان خارج دائرة تحديد هويتها أو أصولها وتعمل في جمعية لمساعدة النساء اللاتي تعرضن لعنف جسدي أو نفسي وتتزوج يابانيا وتبدأ معه معاناة جديدة بسبب عدم الحمل ويتبنيان طفلا صينيا وتعد بأن "تخلق له جذورا أخرى لا تكون هي مصدرها الوحيد سيكون غريبا مثلها سيكون كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى". وتخلو لغة الرواية من الحشو، ولكن المؤلفة تستبدل أحيانا بالمشاهد الدرامية وصفا تقريريا، مثل قولها في زيارة البطلة لإيران إنها كانت في عهد الشاه محمد رضا بهلوي "في أحسن فترات رخائها الاقتصادي وفي أحلك عصورها التعذيبية والقمعية، جاء الخميني بثورته الإسلامية فحرر المعتقلين وألبس إيران لباس الفقر والرجعية والتأخر، حاربوا أميركا وتابعيها جهرا وتعاملوا معها سرا".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سفر إعادة التكوين اغتراب وأزمة معنى سفر إعادة التكوين اغتراب وأزمة معنى



اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon