توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بلال رمضان يكتب "كتاب الأمان" أم رواية التمرد والسؤال

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - بلال رمضان يكتب كتاب الأمان أم رواية التمرد والسؤال

القاهرة - أ ش أ

"هل تحب الاطلاع على نهايتك.. ثم ترتب حياتك وفقها؟" إنه السؤال قد نسميه حداد أقدارنا. وإن كنت معنيًا به ولديك القدرة على الإجابة بـ"نعم" أو "لا" فعليك أن تعىِّ جيدًا أن "كل معركة ولها أسلحتها، وإذا تراجعت عن استخدام أحدها تحت مبررٍ أخلاقى ما، فهذا يعود لك، لكن لا تنتظر تكريمًا عند هزيمتك؛ لأنك كنت شريفًا". بداية من الصفحات الأولى، يتمكن "ياسر عبد الحافظ" ببساطة شديدة جدًا من أن يأسر لب القارئ، ويجعله متورطًا فى أحداث روايته "كتاب الأمان"؛ حيث يتصور القارئ فى البداية أن روايته ما هى إلا رواية عن النسخة الأصلية لـ"كتاب الأمان" لمؤلف يدعى "مصطفى إسماعيل" سيجد أن هناك العديد من الاقتباسات من هذه النسخة الأصلية، ولربما يتبادر إلى ذهنه أن يلجأ لمواقع البحث الإلكترونية ليعرف شيئًا عن هذا الكتاب الذى يتشابه اسم مؤلفه مع المقرئ "مصطفى إسماعيل" فتصدمه المواقع بأنها رواية لـ"ياسر عبد الحافظ" صدرت عن دار التنوير بالقاهرة، فيقرر الولوج إلى عالم "قصر الاعترافات" بمعاونة مدون التحقيقات "خالد مأمون". إن البداية التى ينطلق منها "خالد مأمون" هى رفضه لسجنه فى "قصر الاعترافات" مقيدًا إلى كرسيه الخشبى أمام خشبة مسرح لا تنزل ستائره، يأتى الممثلون واحدًا بعد الآخر، يدلى باعترافاته، ويتماهى هو مع القصص التى تروى أمامه حتى يشعر وكأنه مشبع بذكريات لا تخصه، لا ذنب له فيها إلا أنه كاتب اعترافات. فيقرر هو الآخر أن يعترف، وأن يروى للعالم عما يدور داخل هذا القصر الذى تحطيه الأجواء الأمنية، ويحالفه الحظ بأن يكون هو مدون التحقيقات التابع لـ"نبيل العدل" فى قضية "مصطفى إسماعيل"، هذا الرجل الذى لم يخف "العدل" دهشته، حيث لم يجد فى أوراقه ما يبرر ذلك التحول العنيف فى شخصيته، فلماذا يضحى أستاذ جامعى بما لديه وينتقل إلى الجريمة، والأهم: كيف ومتى اكتسب تلك الخبرات التى حولته إلى أسطورة؟ فالمال ليس السبب الرئيسى، ولديه منه ما يكفيه، ومؤهلاته وقدراته تسمح له بجنى المزيد عبر طرق لم تكن لتؤدى به إلى هذا المصير، وفى كل حال لا يبدو متيمًا بالمال، فما الذى جعله يغامر بكل ما حققه؟ "من قال إنه لابدَّ من وجود قوانين لنلتزم بأن يكون لنا مبادئ؟" إنها رواية بحثٍ مضنٍ ودءوب، وكما أن الحقيقة تكمن فى صعوبة اكتشفها، والوصول إليها، والتسليم بها، فإن هذه الرواية لا تسلم نفسها للقارئ بسهولة، تراوده عن نفسه، ولن يهديه "كتاب الأمان" إلى ما يظن من عنوانها، فقط سيشعر أن ثمة فيروس قد سمح هو له بالتعايش داخل رأسه، سيدفعه كثيرًا للتساؤل عما آمن به من قبل وما يؤمن به اليوم، وما سوف يعتنقه فى الغد؟ وبحثًا عن الحقيقة سيظل مُسيّرًا بقوة السؤال للوصول إليها، رافضًا أن يكون واحدًا من المثقفين "الذين حفظوا بغباء أنه لا توجد حقائق مطلقة أو نهائية، يريحون أنفسهم بهذا حتى لا يجتهدون فى تقديم إجابات. وما قيمتهم إن تفرغوا لطرح مزيدٍ من الأسئلة على عالم مبنى فى الأصل عليها؟". وهذا ما يقوله "ياسر عبد الحافظ" أو "خالد مأمون". "الفلسفة الحقّة تقودك لخرق القوانين" حكمةٌ من بين العديد فى هذه الرواية أتصور أنها قد تعد أحد المداخل لقراءتها والولوج فى عوالمها الموازية لـ"السؤال" الذى يشغل جميع شخصياتها بحثًا عن الأمان، ولا تتصور أنه الأمان بمفهومه التقليدى، الذى يبحث عنه هؤلاء الكسالى الباحثين عن العيش بسلام والموت فى سكينة، بل الأمان الإنسانى من سؤال الهم الوجودى، وما يسببه من صراع فكرى قد يودى بحياتك إلى مصحة نفسية لو كنت سعيد الحظ. ولأنها رواية غير تقليدية، فلا أعتقد أنه من المهم أن نلتفت لعنصر الزمن فى الرواية، إلا عند بعض الشخصيات الفارقة فيها، ولكن الأهم أن شخصيات سيظلون على قيد الحياة مع القارئ وهو يبحث عن أمانهم فيجد أنه واحدًا منهم، لديه هو الآخر "كتاب أمان" يريد أن يكتبه باعترافاته مثل كافة شخوصها التى يدون اعترافاتها "خالد مأمون". إن أفضل وسيلة لكى يشعر القارئ بالتورط فى رواية ما، ليس عالمها، بقدر ماهية لغتها المختلفة عن العذوبة أو المشهدية التى تعمل على جذبه إليها ليستمر فى قراءتها حتى النهاية فيكتشف أن فكرتها ليست بالفذة أو الغرائبية التى لم يقرأ لها مثيل. لغتها التى لا تسلم نفسها للقارئ العادى بسهولة. هذا ما فعله "ياسر عبد الحافظ" بروايته "كتاب الأمان" فهى رواية تتمرد على الأنماط التقليدية، ولا تترك القارئ بعد أن ينتهى من قراءتها أكثر من مرة، ينتمى مؤلفها لهذا الجيل الرافض للمسلمات والبديهيات فكريًا وإبداعيًا.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلال رمضان يكتب كتاب الأمان أم رواية التمرد والسؤال بلال رمضان يكتب كتاب الأمان أم رواية التمرد والسؤال



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon