توقيت القاهرة المحلي 16:26:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"رواية العطر - قصة قاتل" لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - رواية العطر - قصة قاتل لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال

بيروت - غيث حمّور

في القرن الثامن عشر عاش في فرنسا رجل ينتمي إلى أكثر كائنات تلك الحقبة نبوغًا وشناعة، وهي حقبة لم تكن تفتقر إلى أمثال هذه الكائنات، وقصة هذا الرجل هي ما سنرويه هنا، كان اسمه جان باتيست غرنوي، وإذا كان اسمُه اليوم قد طواه النسيان -على نقيض أسماء نوابغ أوغاد آخرين، مثل دوساد، سان جوست، فوشيه، أو بونابرت وغيرهم، فذلك بالتأكيد ليس نتيجة أن غرنوي بمقارنته بهؤلاء الرجال المريبين الأكثر شهرة يقل عنهم تعاليًا واحتقارًا للبشر ولا أخلاقيةً، باختصارٍ: كُفرًا- وإنما لأن عبقريته وطموحه انحصرا في ميدان لا يخلف وراءَه أثرًا في التاريخ، أي في ملكوت الروائح الزائل. بهذه الكلمات بدأ الكاتب الألماني باتريك زوسكيند روايته "العطر" (قصة قاتل) هذه الرواية المشوقة التي لا يمكن لقارئ ما تركها من دون أن يتمها، أو نسيانها، كونها تحوي خصائص سردية مثيرة، حيث عاد بها مؤلفها إلى تاريخ 17-7-1738، يوم مولد بطلها صاحب الأنف الأسطوري (جان باتيست غرنوي) في مزبلة نتنة، من أزقة باريس الخلفية، (في أكثر أماكن المملكة بأسرها زخمًا بالروائح). قصة غرنوي تبدأ منذ ولادته بلا رائحة، وتتابع بقاتل متسلسل للعذراوات، يبحث عن سر الحياة الأبدية بصناعته لعطر من روائحهن (أنا الوحيد الذي أدرك مدى جماله الحقيقي، لأنني أنا من أبدعه)، وتنتهي بسكبه عطره الثمين على نفسه، ليمتلئ بالجمال فجأة كنارٍ متأججة. يرونه كملاك، ويهجمون عليه، ويرمونه أرضًا، ويمزقونه قطعًا صغيرة، يأكلونه حتى يختفي أثره تمامًا..! (كانوا فخورين إلى أقصى حد، فللمرة الأولى في حياتهم فعلوا شيئًا عن حب). وتُعد رواية "العطر" من أروع الروايات التي قُدمت في الأدب السردي, فهي ليست رواية عادية بل رواية خرافية عن واقع ملموس. قادها زوسكيند من خرافيتها إلى برّ الواقعية بحنكة واتقان، لم يفلت منه زمام الحبكة أبداً من بدايتها إلى نهايتها. وعلى الرغم من السرد التاريخي المرافق والذي استغله زوسكيند بطريقة خلابة جعلت من قارئها يتعاطف مع أبشع شخصية عُرفت على وجه الأرض باعترافه، بل تعدت ذلك لتسلب الألباب وتستأثر بالمشاعر من دون حساب، عبر أجوائها الحسية والنفسية والروحية، ولغتها الأقرب إلى روح الشعر. ويُشار إلى أن الرواية العطر صدرت سنة 1985 عن دار النشر السويسرية (Diogenes Verlag AG). عنوان الرواية الأصلي بالألمانية ( Das Parfum, die Geschichte eines Mörders) هو "العطر، قصة قاتل"، تُعتبر هذه الرواية من أكبر النجاحات الاصدارية التي ميزت الأدب المعاصر، حيث تمت ترجمتها لأكثر من 45 لغة، وبيعت منها أكثر من 15 مليون نسخة عبر العالم، رغم كونها أول الإبداعات الروائية لمؤلفها باتريك زوسكيند. وامتد نجاح الرواية إلى الشاشة الكبرى، عبْر فيلم يجسد أحداث الرواية من إخراج الألماني توم تيكوير، ورُشِّح الفيلم إلى 25 جائزة حصد منها 12. باتريك زوسكيند، مولود في 26-3-1949 في بلدة إمباخ على بحيرة شتارنبرغ الواقعة على سفوح جبال الألب، درس التاريخ في جامعة ميونخ بين 1968و1974، وكتب عددًا من القصص والسيناريوهات السينمائية، بدأت شهرته سنة 1981 بمسرحية مونودراما من فصل واحد بعنوان "عازف الكونتراباس"، حيث قدمتها معظم المسارح الألمانية والأوروبية. ويذكر أن رواية "العطر" اعتبرها الكثير من النقاد نقطة تحول مهمة في حياته، كما حولت السيناريست (المخرج) والكاتب المسرحي الألماني المغمور باتريك زوسكيند إلى أحد أشهر الروائيين في العالم، إذ طُبع منها أكثر من مليونَي نسخة بلغات مختلفة، وحصل بسببها على جائزة غوتنبرج لصالون الكتاب الفرانكفوني السابع في باريس العام 1987، وله أيضًا رواية بعنوان الحمامة.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية العطر  قصة قاتل لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال رواية العطر  قصة قاتل لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon