القاهرة ـ مصر اليوم
أكد عدد من الخبراء والمتخصصين في الآثار الإسلامية أن حالة اللغط والجدل حول ما أثير مؤخرا من قيام محافظة القاهرة بالاستيلاء على أرض الفسطاط الأثرية وردمها، والتي نتجت بسبب تباين المعلومات بشأن ذلك الموضوع وافتقارها للوضوح والدقة على الرغم من تأكيد المسئولين في وزارة الآثار عدم إجراء أي أعمال على تلك الأرض إلا بعد الرجوع إلى الوزارة، وتصريحات محافظ القاهرة بعدم وجود أي نية للاستيلاء على تلك الأرض لأنها ملك للمحافظة في الأساس، تحسمها المادة 20 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل برقم 3 لسنة 2010 .
وأوضح الخبراء في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، أن هذه المادة تنص على أنه لا يسمح بالقيام بأي أعمال على الأراضي الخاضعة للآثار دون الرجوع للوزارة للقيام بعمل حفائر قبل البدء في أي مشروع على الرغم من ملكية تلك الأرض لمحافظ القاهرة، موضحين أنه في حالة الكشف عن آثار متنقلة ( قطع أثرية ) يتم وضعها في المخازن ثم تسلم الأرض للجهة التي تملكها، أما في حالة العثور على أي آثار ثابتة يتوقف أي مشروع و تسلم الأرض للآثار.
وأوضح الأثري محمد عبد العزيز مدير مشروع القاهرة التاريخية أن ارض الفسطاط " أرض عثمان" ملك لمحافظة القاهرة ولكنها خاضعة لقانون حماية الآثار منذ عام 1981 وبالتالي تطبيقا للقانون فقبل البدء في تنفيذ أي مشروع لصالح أي جهة سواء كانت للآثار أو غيرها لابد من القيام بعمل مجسات وحفائر للتأكد من خلو الأرض من الآثار.
وأوضح عبد العزيز أن تلك الأرض كانت مستغله من قبل شركة المقاولين العرب ثم خصصتها محافظة القاهرة لإنشاء مدرسة صناعية وجمعية للحرف، ولم يتم تنفيذ أيا منهما لمدة 3 سنوات، وأصبحت بعدها الأرض بموجب القانون مرة أخرى في حجة المحافظة، ثم تحولت إلى مقلب عالمي للقمامة.
وتابع أنه في أواخر عام 2012 كان هناك مشروعا للآثار لاستغلال تلك الأرض لإنشاء المركز الدولي للحرف التقليدية بتمويل 50 مليون جنيه من تركيا وخاطبت الآثار حينئذ محافظة القاهرة ومجلس الوزراء لتخصيص الأرض للآثار لتنفيذ المشروع إلا أنه لم يحدث استجابة حتى توقف المشروع بعد ثورة 30 يونيو، مؤكدا أنه لا يوجد أي مسئول في الآثار يسمح بالتعدي على أي أرض أثرية.
ومن جانبه، أكد الدكتور مختار الكسباني أستاذ الآثار الإسلامية أن تلك الأرض الواقعة على مساحة 7 أفدنة بعيدة تماما عن موقع الفسطاط الأثري فهي تقع خلف جامع عمرو بن العاص، مشيرا إلى أنه تم إخلاء هذا الموقع من الآثار قبل افتتاح شارع الفسطاط خلف سور صلاح الدين وذلك عام 1975 - 1976 .
وحول إمكانية وجود آثار في تلك المنطقة، توقع الدكتور مختار الكسبانى عدم وجود أي شواهد أثرية في تلك المنطقة .
فيما أكد الدكتور ممدوح السيد مدير آثار منطقة الفسطاط أن المدخل الجنوبي الغربي لمدينة آثار الفسطاط ، والتي تقع به تلك الأرض، لم يتم عمل بها أي حفائر على الإطلاق فهي أرض بكر لم تمس من قبل، متوقعا وجود قطع أثرية بها.
وأشار إلى أنه بصفته مدير المنطقة قام باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لوقف أي أعمال تقوم بها محافظة القاهرة كما تم إبلاغ الجهات الرقابية المسئولة.
ولفت الدكتور أحمد الزيات أستاذ الآثار الإسلامية إلى أنه لا يمكن تسليم الأرض لأي جهة إلا بعد عمل حفائر دقيقة لها للتأكد من خلوها من الآثار، مشيرا إلى أن حوالى 70% من أرض الفسطاط الأثرية تم عمل حفائر لها.
وأضاف أن أول من قام بأعمال حفائر في الفسطاط، أول عاصمة لمصر الإسلامية ، الدكتور على بهجت رائد الآثار الإسلامية، بعد ذلك بدأت حفائر منظمة تابعة لمتحف الفن الإسلامي والتي كشفت عن قطع أثرية تاريخية نادرة، كما تم الكشف عن بعض القطع الأثرية الفرعونية.
واتفق معه في الرأي الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة، مؤكدا ضرورة القيام بحفائر تستغرق 6 أشهر قبل البدء في تنفيذ أي مشروع للكشف عن أي آثار في باطن الأرض والتأكد من خلو تلك المنطقة من الآثار، موضحا أنه في حال العثور على آثار متنقلة ( قطع أثرية ) يتم وضعها في المخازن ثم تسلم الأرض للجهة التي تملكها، أما في حالة العثور على أي آثار ثابتة يتوقف أي مشروع و تسلم الأرض للآثار.
وقال الباحث الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية إن هناك شروط يجب اتباعها قبل البدء في تنفيذ أي مشروع على أي أرض خاضعة لقانون حماية الآثار منها أن تتقدم الجهة الطالبة (محافظة القاهرة) لإخراج الأراضي الخاضعة للآثار من عداد المنافع العامه للآثار بطلب يذكر به ما هو مطلوب إقامته وأهميته الخدمية للمنطقة ويكون مرفق طيه الخريطة المساحية للموقع ثم يتم عرض الأمر على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية لإبداء الرأي وإذا تمت الموافقة يقوم القطاع بإخطار المنطقة الأثرية بالمعاينة، وتحرير محضر وتحديد المبلغ المطلوب والذي تقوم بسداده الجهة الطالبة.
وأضاف أنه يجب أيضا أن يكون هناك خطاب تخصيص من وحدات الحكم المحلى للجهة الطالبة و 4 خرائط مساحيه ومن ثم تقوم المنطقة بإرسال تلك المستندات إلى الإدارة العامه التابعة لها للعرض عليها، ومن ثم تجري أعمال الحفائر، وبانتهائها يعرض تقرير الأعمال على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية للبت في الأمر و إقرار الرأي النهائي.
وأوضح أنه إذا كانت الأرض خالية من الآثار فيجب إخطار الإدارة العامة للمساحة والأملاك وإرسال تقارير الحفائر لها من قبل الإدارة العامة المختصة كما أن المسطح المطلوب لا يمكن استغلاله من قبل الجهة الطالبة إلا بعد ( صدور قرار رئيس مجلس الوزراء ) وأيضا يجب إخطار الجهات المسؤولة مساحيا بقرار الإخراج.
أرسل تعليقك