فيما تحتدم المعارك على الحدود الشرقية للبنان بين الجيش اللبناني ومقاتلين اسلاميين متشددين، حضر حوالى سبعة الاف شخص حفل المغني البلجيكي ستروماييه مساء الثلاثاء في ميناء مدينة جبيل الاثرية ضمن مهرجانات بيبلوس الدولية والذي قدم خلاله 12 اغنية يحمل كل منها قصة وعبرة.
وملأ ستروماييه (29 عاما) المسرح حركة، بجسده النحيل وطوله الفارع، ورافقه اربعة موسيقيين في الحفل الذي شهدته هذه المدينة الساحلية الواقعة على بعد 35 كلم شمال بيروت . وبازيائه غير التقليدية التي تطبع أغنياته المصورة، غنى وعزف على الدرامز والاورغ، ورافقت كل اغنية قدمها مشاهد تنسجم معها على الشاشة السوداء الكبيرة التي توسطت خلفية الخشبة، علما انه كاتب معظم اغنياته ومؤلف موسيقاها.
وكان التفاعل مع الأغنيات عارما من الجمهور الذي ضم عددا كبيرا من المراهقين وحتى الأطفال، جاؤوا بصحبة أهلهم، لكن البالغين أيضا بدوا متحمسين ورددوا مع الفنان البلجيكي اغنياته التي حفظوا كلماتها غيبا.
وأشعل ستروماييه جمهوره بمداخلاته المرحة وتخاطبه المباشر معهم من دون أي تكلف خطابي، فكان يسألهم بين الاغنية والأخرى مازحاً "كيف حالكم؟"، و"كيف الصحة؟" و"كيف العائلة؟"، ويختم "شكرا لأنكم سألتموني أيضا عن حالي".
وتوالت اغنيات ستروماييه التي تثير كل منها قضايا إنسانية، كالعائلة والصحة والعنصرية. وتناول مثلا مشكلات الارتباط في اغنياته "تا فيت" و"توس ليه ميم" المطعمة بانغام اسبانية و"كارمن"، اضافة الى "الور اون دانس" التي اطلقته عالميا في العام 2009 وتقدم الموسيقى الالكترونية بنفس افريقي، ورقص على أنغامها الجمهور بحماسة.
وقدم اغنية "باتار" التي يبرع فيها في استخدام الكلمات التي تعبر عن الالم وتتحدث عنه طفلا وتدين الارهاب والطبقية والعنصرية وكل اشكال التمييز.
ومن البومه "تشيز" الصادر في العام 2009، ادى اغنية "بيس اور فيولنس"، رافعا اصبعيه على شكل حرف "في" اللاتيني (اشارة النصر)، وقلده الحاضرون برفع اصابعهم، منشدين معه الاغنية.
وعلى خلفية حشرة سوداء كبيرة ادى اغنية "كانسير" الحزينة التي تتناول مرض السرطان الذي يقتل الاطفال. وتقول كلماتها "أيها السرطان، لاشيء يوقفك ان تحب الاطفال وتوقف عن التظاهر دور البريء"، مختتما بالسؤال "من هو المصاب المقبل؟".
وادى اغنية "مول ايه فريت" التي تروي قصة بولو المصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب (الايدز).
ومن البومه "راسين كاريه" ايضا قدم "فورميدابل" المستوحاة من اغنية "ايفرونيه" للمغني البلجيكي الشهير جاك بريل والتي نالت جائزة رولف مالبو من جمعية الكتاب والملحنين والناشرين الموسيقيين لسنة 2014 .
اما اغنية "اومين الو" التي حول فيها ستروماييه الجمهور جنودا يمشون بخطى "النظام المرصوص" العسكرية، فتتناول العلاقة بين الشمال والجنوب اي الدول الفقيرة والغنية. كما الهب المغني البلجيكي الجمهور باغنيته "بابا اوتيه" التي تتحدث عن غياب الاب. وقد ارتدى لهذه الإغنية الملابس نفسها التي يرتديها في النسخة المصورة لهذه الاغنية، والتي حصدت اكثر من 160 مليون مشاهدة على موقع "يوتيوب".
وهذه الاغنية تمزج اسلوب الهاوس بالبوب وتروي قصة غياب والده الذي عانى منه.
وفي ختام حفلته عاد ليرتدي الملابس التي كان اطل بها في البداية وعرف الجمهور بطريقة مغناة على أعضاء فرقته وفريق عمله، ولم ينس أن يوجه تحية إلى اللبنانيين، ثم ما لبث بناء على إلحاح الجمهور أن عاد الى المسرح بعد أن غادره، وقدم مقطعين من اغنيتيه "توس لي ميم" و"مول ايه فريت" من دون موسيقى.
تجدر الإشارة إلى أن سترومايه ولد من ام بلجيكية واب رواندي قتل خلال الابادة الجماعية التي شهدتها رواندا في العام 1994 بين قبيلتي توتسي وهوتو. وكان درس السينما ثم انتقل الى دراسة هندسة الصوت، وبدأ نجمه يلمع عالميا في العام 2009. وفي رصيده اسطوانتان: "تشيز" و"راسين كاريه".
أرسل تعليقك