بيروت ـ العُمانية
صدر عن دار جداول للنشر والترجمة في بيروت، كتاب بعنوان "جدل العدالة الاجتماعية في الفكر الليبرالي" للمؤلف نوفل الحاج لطيف.
وبحسب الكتاب، هناك أهمية خاصة للجدل بين "جون رولز" (1921-2002) والمنفعية حول مسألة العدالة الاجتماعية، إذ إن فهم نظرية "رولز" في العدالة بوصفها إنصافاً، يقتضي فهم النظرية المنفعية التي يريد أن يقدم نظريته بديلاً عنها، لتسويغ المبادئ الليبرالية.
فقد هيمنت المنفعية بما لها من صيت واسع، على الفكر السياسي والاجتماعي والاقتصادي المعاصر، وعطلت في تقدير "رولز" عودةَ مسألة العدالة التوزيعية إلى حيّز المباحث الفلسفية، ومنعتها من أن تكون "فضيلةَ المؤسسات الاجتماعية".
ويوضح المؤلف أن "رولز"، الذي يعدّ أحد منظّري ومؤسّسي الليبرالية الجديدة ذات الميول الاشتراكية، عملَ في جدله مع المنفعية حول العدالة الاجتماعية، على توظيف فرضية العقد الاجتماعي كما صيغت عند "كانط" و"روسو" و"لوك"، حتى تكون بديلاً عن المبدأ المنفعي الذي لا يهتم بمسألة التوزيع أو العدالة إلا إذا كانت خدمة لتحقيق أكبر منفعة لأكبر عدد من الناس كأساس تقويم السياسات العامة، بينما يؤكد "رولز" على أولوية العدالة الاجتماعية في ذلك.
وعليه، فإن البحث في حقيقة هذا الجدل وطبيعته ومآلاته، كما يرى المؤلف، يستدعي فهم التراث المنفعي وطريق استخدامه في الدفاع عن دولة الرفاه المعاصرة كما يفهمها الليبراليون، وفهم كيف أن "رولز" يرى أن هذا الدفاع قاصر ويحتاج إلى تغيير في تصوراتنا للعدالة وفي طرق الدفاع عنها.
ويبين المؤلف أن المنفعية برأي "رولز"، لا تستطيع أن تنسجم مع الشروط التي تفترضها الديمقراطيات الدستورية المعاصرة، فهي لا تتورع عن التضحية بحقوق الأقلية باسم تحقيق الرفاه العام، فضلاً عن أنها لا تأخذ بأولوية الحريات والحقوق الأساسية للأفراد، بل إنها تعمد إلى التضحية بها في سبيل تأويج المنفعة أو تحقيق أكبر قدر من النجاعة الاقتصادية.
كما تفرض المنفعية رؤية جامعة وشمولية للمنفعة والخير والحياة الطيبة من دون اعتبار لتمايز الأشخاص واختلاف رؤاهم تجاه خيرهم الخاص ومشروعهم الخاص وحياتهم الخاصة، فهي تسحب مبدأ الاختيار العقلاني الفردي على الاختيار الاجتماعي لأن ما يعنيها في كل ذلك هو المجتمع ككل، بما يقتضيه تجميع المنافع وحسابها وتأويجها. وهو ما يلفت المؤلف إلى أنه يتعارض مع مبادئ العدالة التي يقول بها "رولز" من حيث هي تأخذ في الحسبان حرية الأفراد وتساويها، وتحضّ على أن تكون اللامساواة في صالح ذوي الحد الأدنى في المجتمع.
أرسل تعليقك