الرياض ـ وكالات
أكد مختصون في الشأن النفطي أن التغيرات الحالية في سوق الذهب العالمي لن تلعب دورا كبيرا في التأثير على أسعار النفط، مشيرين إلى أن الأسعار المتوقعة خلال الأشهر المقبلة من العام الحالي ستتراوح بين مستويات 95 إلى 105 دولارات لبرميل خام برنت، وهي الأسعار التي كانت عليها طوال الأشهر الماضية من العام الجاري.
وأشار المختصون خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مستويات الطلب الحالية مشجعة على بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية، مؤكدين على أن مستويات العرض والطلب للأشهر المقبلة من العام الحالي باتت مكشوفة أمام المنتجين ومنظمة «أوبك»، وهو الأمر الذي يقصي إمكانية حدوث المفاجآت في الظروف الطبيعية.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور نعمت أبو الصوف الخبير في شؤون الطاقة لـ«الشرق الأوسط» أمس: «طالما أن الظروف الجيوسياسية في المنطقة باتت معروفة، فإن مستويات أسعار النفط لن تتغير كثيرا خلال الأشهر المقبلة من هذا العام، إلا أنه يمكن القول بأن الأسعار لن تتغير إلا إن حدثت ظروف سياسية أكثر تعقيدا وصعوبة، وقد يتعلق الأمر بوجود حرب حول بعض منابع النفط، وهو الأمر الذي لا نتوقع حدوثه».
ولفت الدكتور أبو الصوف إلى أن مستويات الطلب الحالية تزيد بمقدار 800 ألف برميل يوميا عن حجم الطلب العالمي في العام الماضي، وقال: «هذه المستويات من المتوقع أن تستمر خلال الأشهر المتبقية من هذا العام، كما أنها باتت مكشوفة بشكل كبير لمنتجي النفط ومنظمة أوبك».
وحول أسعار الذهب التي شهدت انخفاضات حادة خلال الفترة القريبة الماضية، أكد الدكتور أبو الصوف أن العلاقة العكسية بين أسعار الذهب والنفط لم تعد موجودة خلال الفترة الحالية، مضيفا: «المستفيد الأكبر من انخفاض أسعار الذهب هي أسواق المال، خصوصا أن هنالك رغبة جادة من قبل المستثمرين في البحث عن ملاذ آمن جديد عقب التصحيح الكبير الذي شهدته أسعار الذهب».
وأشار الدكتور أبو الصوف إلى أن «الصين» لعبت دورا كبيرا في الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار الذهب خلال الأيام الماضية، موضحا أن الصين كانت في السنوات القليلة الماضية ترفع من مستويات الطلب على الذهب، مما قاد إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، وقال: «الصين الآن بدأت تزيد من عمليات العرض، وهو الأمر الذي ولد شعورا لدى المستثمرين في قطاع الذهب بإمكانية انخفاض الأسعار، وبالتالي لم يعد الذهب بالنسبة لهم ملاذا آمنا».
وأشار الدكتور أبو الصوف الخبير في شؤون الطاقة إلى أن دول منظمة أوبك تنتج حاليا نحو 30 مليون برميل نفط يوميا، وقال: «من المتوقع أن يرتفع حجم الإنتاج بحلول عام 2035 إلى مستويات 39 مليون برميل يوميا، في ظل التوقعات التي تشير إلى زيادة حجم الطلب خلال السنوات المقبلة».
من جهة أخرى، أكد فهد المشاري الخبير بأسواق المال أن التصحيح الحالي لأسعار الذهب دفع بعض السيولة النقدية بالتوجه إلى عدد من الشركات الرئيسية في الأسواق العالمية، وقال: «قد تكون السنوات القليلة المقبلة هي عودة الروح من جديد إلى أسواق المال، التي شهدت في بعض دول العالم انخفاضا كبيرا خلال السنوات الماضية، وسوق الأسهم السعودية إحدى هذه الأسواق».
وكان مختصون قد أكدوا لـ«الشرق الأوسط» في فبراير (شباط) الماضي، أن السعودية ما زالت تلعب دور المرجح في تغطية حجم الطلب العالمي وتحقيق التوازن للأسواق النهائية، وقالوا «قررت السعودية خفض معدلات الإنتاج في الأشهر الأخيرة من عام 2012 نتيجة لانخفاض حجم الطلب العالمي، وخصوصا الطلب الصيني الذي تراجع بسبب انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، إلا أنها قادرة على زيادة حجم الإنتاج إلى نحو 12.5 مليون برميل يوميا متى احتاجت الأسواق العالمية إلى ذلك».
وفي هذا الشأن، قال الدكتور عبد الوهاب السعدون، الأمين العام للاتحاد الخليجي لإنتاج البتروكيماويات حينها: «النمو الاقتصادي لبعض الدول يلعب دورا مهما في حجم الطلب العالمي على النفط، وهو ما يحدث مع الصين التي تعد أكبر الأسواق العالمية من حيث الطلب على النفط، وهو الطلب الذي يركز بشكل كبير على النفط السعودي بشكل خاص، والخليجي بشكل عام»، مبينا أن انخفاض معدلات النمو الاقتصادي في الصين خلال الأشهر الأخيرة من عام 2012 قلل من عمليات الطلب العالمي، مما دفع السعودية إلى خفض معدلات إنتاجها بمقدار 700 ألف برميل يوميا، لتبلغ بذلك معدلات الإنتاج الحالية نحو 9 ملايين برميل يوميا.
وأكد السعدون خلال حديثه، أن السعودية ما زالت تلعب دور المرجح في سوق النفط العالمي، مضيفا: «السعودية لديها سياسات ذكية من خلالها يمكن إعادة التوازن إلى الأسواق العالمية، وهو أمر يدعو إلى ثقة هذه الأسواق والمستثمرين فيها».
وبين الأمين العام للاتحاد الخليجي لإنتاج البتروكيماويات أنه رغم ارتفاع حجم الإنتاج المحلي في أميركا، فإن معدلات استيرادها للنفط تبلغ نحو 8 ملايين برميل يوميا، مؤكدا على أن السعودية لديها القدرة في الوصول إلى 12.5 مليون برميل يوميا من إنتاج النفط متى ما احتاجت الأسواق العالمية إلى ذلك، مشددا على إمكانية أن تنجح السعودية في الاستفادة من النسبة العظمى من احتياطي النفط المثبت، والذي يبلغ 265 مليار برميل، مرجعا السبب في ذلك إلى استفادتها الكبرى من التقنيات الحديثة التي استطاعت الوصول إليها.
أرسل تعليقك