بدأت محادثات تجارية مهمة أمس في بكين، بين وفد أميركي رفيع المستوى ومسؤولين صينيين، إلا أن الجانبين سعيا إلى التقليل من شأن التوقعات بالتوصل إلى حل سريع للخلاف المحتدم بين القوتين الاقتصاديين الأكبر في العالم.
وتأتي هذه المحادثات بعد إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده بفرض رسوم باهظة على سلع صينية بمليارات الدولارات، ما أشاع مخاوف من اندلاع حرب تجارية قد تكون لها آثار وخيمة.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ أمس الأول «أنها مرحلة بناءة ونأمل أن تكون الولايات المتحدة صادقة، لكن بالنظر إلى التعقيد في اقتصادي البلدين ليس من الواقعي أن نتصور إمكان حل كل الخلافات بجولة واحدة فقط من المحادثات».
وقالت في إعلانها عن بدء المحادثات إن «المناقشات والمفاوضات يجب أن تستند إلى المساواة والاحترام المشترك، وستكون النتيجة مفيدة للطرفين، دعونا ننتظر ونرى».
ووصل الوفد الأميركي أمس إلى العاصمة الصينية وعلى رأسه وزير الخزانة ستيفن منوتشين. وضم نخبة السياسة التجارية في واشنطن من بينهم وزير التجارة ويلبور روس والممثل التجاري روبرت لايتهايزر وكبار المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض لاري كادلو وبيتر نافارو والسفير تيري براندستاد.
ويمكث معظم أعضاء الفريق في فندق في وسط بكين قبل أن يتوجه إلى السفارة الأميركية وبعد ذلك يجري محادثات في بيت الضيافة التابع للحكومة الصينية. ولدى توجهه إلى الموكب علت الابتسامات وجه أعضاء الوفد الأميركي الذي تجاهل أسئلة الصحفيين.
ويعرف عن أعضاء الفريق أن لهم آراء قوية بدرجات مختلفة من التشدد حول الخلاف مع الصين. فنافارو هو مؤلف كتاب «الموت بأيدي الصين» ومنوتشين هو الرئيس التنفيذي السابق لجولدمان ساكس، وكان أعرب عن تشاؤمه بحل الخلاف. وحذر لايتهايزر قبل مغادرته واشنطن بالقول «أريد التسلح بالأمل لكنني لست متفائلا فهو تحد كبير جدا».
وترامب يراقب ويبعث بالتغريدات من واشنطن، فأثناء استعداد وفده للمحادثات في فندق في بكين كتب ترامب «فريقنا المالي العظيم في الصين يحاول التفاوض على تعامل متكافئ بشأن التجارة»، وأضاف «أتطلع إلى لقاء الرئيس شي في المستقبل غير البعيد. وستكون بيننا دائما علاقات عظيمة».
ويقود الفريق الصيني كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس الصيني ليو هي، نائب رئيس الوزراء.
ولم تثمر زيارة ليو إلى واشنطن في وقت سابق من هذا العام عن أية نتائج ملموسة.
خطوات تصالحية
مع احتدام الخلاف التجاري هذا الربيع، أطلقت الصين سلسلة من البادرات التصالحية، فقد ألقى شي كلمة تعهد فيها بخفض الرسوم الجمركية في بعض القطاعات، وهو ما قوبل برد فعل جيد من ترامب.
وأتبعت الصين ذلك بجدول زمني لرفع القيود عن الملكية الأجنبية لشركات صناعة السيارات، وأعلنت في عطلة نهاية الأسبوع الماضية أنها ستخفف من القيود على بعض قطاعات عالم الأموال بما يسمح للشركات الأجنبية بحصص أغلبية.
غير أن مسؤولين صينيين قالوا إن تلبية مطلب ترامب بخفض فائض التجارة الثنائية بمقدار 100 مليار دولار سنويا هو أمر «مستحيل».
وفي حال فشلت المحادثات، فيمكن أن يبدأ فرض الرسوم الأميركية أواخر مايو بحيث تشمل واردات مثل الأجهزة الإلكترونية وقطع الطائرات والأدوية.
ويرجح أن ترد الصين بفرض رسوم جمركية على سلع بقيمة 50 مليار دولار ومن بينها حبوب الصويا والسيارات ولحم البقر المجمد ومجموعة من السلع الأميركية الأخرى.
وسجلت أسواق المال الأميركية هبوطا أمس الأول مع استمرار المخاوف التجارية، كما انخفض مؤشر بورصة هونغ كونغ أمس.
حرب تكنولوجية
يطغى تهديد فرض رسوم تجارية على المنافسة المتصاعدة بين البلدين في مجال التكنولوجيا. فالمسؤولون الأميركيون يشعرون بالقلق من سياسة «صنع في الصين 2025» التي يعتبروها خطة صينية للهيمنة على صناعات التكنولوجيا المتطورة الرئيسة.
وخلال الشهر الماضي حظرت واشنطن على شركة الاتصالات والهواتف النقالة «زي تي اي» شراء مكونات أميركية حساسة لمدة سبع سنوات عقابا لها على انتهاك ضوابط الصادرات الأميركية، وهو ما يهدد قدرة الشركة على الاستمرار.
وتردد أن الولايات المتحدة فتحت تحقيقاً مماثلا بحق شركة «هواوي» الصينية الضخمة للاتصالات، بعد أن قيدت عملياتها في البلاد لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
أرسل تعليقك