فى ظل الخطوات التى تُقدم عليها الحكومة فى مصر للتحول إلى الاقتصاد الرقمى من خلال تطوير منظومة الدفع الإلكترونى وتعميمها فى مختلف المجالات، أعلنت وزارة المالية أنها تعمل على إلغاء الشيكات الورقية، والاعتماد على ميكنة حسابات الحكومة، عن طريق الدفع الإلكتروني، نهاية العام الحالى.
فساد بالملايين ورشاوى ومحسوبية وإهدار للوقت هى أبرز مساوئ استخدام المدفوعات الورقية التى جعلت الحكومة تسعى لتحقيق المنظومة الإلكترونية للمدفوعات.
وخلال الفترة الماضية، اتخذت مصر بالفعل عدة خطوات في اتجاه زيادة استخدام التعامل المالي الإلكتروني، تتمثل فى انتشار بطاقات البنوك، وتحويل صرف أجور الموظفين وأصحاب المعاشات من الطريقة اليدوية المباشرة إلى نظام الصرف عبر البطاقات، وإتاحة تعاملات البيع والشراء عبر الإنترنت، فضلا عن إتاحة خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول.
وفي نوفمبر الماضي، وافق المجلس الأعلى للاستثمار في أول اجتماع له بعد تشكيله برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على إنشاء المجلس القومي للمدفوعات، ضمن عدة قرارات تستهدف إصلاح بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وإقامة المشروعات الجديدة، وتوفير فرص العمل، وتسهيل الإجراءات وخفض استخدام النقد خارج البنوك وتحفيز طرق الدفع الإلكتروني.
ومنذ تطبيق منظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني للمدفوعات والمتحصلات الحكومية عام 2009 وهي تشهد تطورًا في أدائها حيث ارتفع إجمالي التحصيل الإلكتروني لمستحقات ضرائب الدخل بشقية شيكات ومدفوعات إلكترونية بنحو 9 مرات حيث قفز من 8.6 مليار جنيه عام 2009 إلي نحو 74 مليار جنيه العام الماضي.
وتضاعفت النسبة في ضرائب المبيعات 7 مرات لتقفز من 10 مليارات عام 2009 إلي 77 مليار جنيه العام الماضي، و3 مرات في مصلحة الجمارك حيث ارتفعت المتحصلات التي تتم عبر الجهاز المصرفي من 2.3 مليار جنيه عام 2010 إلي 6 مليارات جنيه العام الماضي.
ومنذ تطبيق التحصيل الإلكترونى للجمارك "منظومة الحسابات الجارية الجمركية" عام 2012 وهناك ارتفاع ملحوظ فى قيمة التحصيل الإلكتروني تزيد على 5 أضعاف حيث ارتفعت نسبة التحصيل الإلكتروني من ملياري جنيه عام 2012 إلى 11 مليار جنيه العام الماضي .. هذا ما أكده خالد ناصف مساعد وزير المالية لشئون التكنولوجيا.
وكشف الدكتور عمرو موسى، الخبير الاقتصادى، إن منظومة الدفع الإلكتروني هى نواة الحركة الاقتصادية العالمية الآن وسيقوم عليها الاقتصاد الرقمى العالمى مستقبلا.
وأشار إلى أن مصر تفتقد الرؤية والخطة والترتيبات والكوادر البشرية ومعايير استخدامات الشرائح الذكية وتطبيقات الهاتف المحمول في نظم الدفع وتنفيذ هذه الأنظمة.
وأضاف موسى، أن المصريين لا يعرفون مدى خطورة وأهمية هذه المنظومة على حاضرهم ومستقبلهم ولو علموها لوضعوها نصب أعينهم ليل نهار، لافتا إلى أن البنك المركزى والجهاز المصرفي قاموا بتخريب وتشتيت هذه المنظومة على مدار العشر سنوات التي سبقت ثورة 25 يناير لتسهيل النهب وتهريب الثروات إضافة إلى أن غياب قانون المدفوعات يعتبر كارثة.
وأوضح الخبير الاقتصادى أنه من الغباء ترك البنية التحتية لـتكنولوجيا المعلومات فى مصر بدون معايير وأطر للالتزام من ضمنها الأطر التنظيمية والتشغيلية وإدارة المخاطر، مؤكدا أن الاتجاه العالمي المتنامي والمتزايد بوتيرة مرتفعة نحو استخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لن يتوقف كما أنه لا مفر منه ولا مجال للتراجع عنه.
ولفت إلى أن الدول والتكتلات الدولية سيتم تصنيفها مستقبلا بناء على مدى قدراتها على تطوير وتوظيف وحماية هذه البنية التحتية وفي نفس الوقت قدرتها على ربطها بالعالم وإتاحتها للاستخدام الدولي، حيث إن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات أصبحت حقيقة وواقعا وضرورة في حياة البشرية وبالتالي هذا الموضوع أصبح ليس محل تفكير أو اختيار أو من الرفاهية لمصر.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن مصر لديها فجوات متفاوتة في الإطار العام ومنظومة التوقيع الإلكتروني والهوية الرقمية الموحدة ومنظومة نظم الدفع بمعايير EMV ومعها منظومة الدفع اللاتلامسي ومنظومة فرض الالتزام بالمعايير المالية والتكنولوجية وأمن المعلومات.
إضافة إلى الفجوات في الإطار العام ومنظومة البنية التحتية لمفتاح التشفير العام المالي ومنظومة الخدمات المالية والمصرفية باستخدام الهاتف المحمول.
الدكتور مصطفى عبدالقادر رئيس مصلحة الضرائب اﻷسبق، قال إنه لديه شك فى قدرة الحكومة على تنفيذ وإنهاء منظومة الدفع الإلكترونى بشكل جيد بسبب عدم وضوح الرؤية حتى الآن رغم الإعلان عن إلغاء التعامل بالشيكات الورقية بنهاية 2017.
وأضاف عبدالقادر، أن الفساد فى المعاملات بالشيكات والمعاملات الورقية بصفة عامة يتمثل فى غياب الدولة عن هذه التعاملات ما يساعد فى أن يكون قدر كبير منها خارج الجهاز المصرفى للدولة، إضافة إلى إمكانية التهرب الضريبى فيها، مشيرا إلى أن منظومة الدفع الإلكترونى أصبحت ضرورة ملحة ولكنها تحتاج إلى إجراءات متعددة.
ولفت إلى نجاح تجربة صرف المرتبات إلكترونيا فى اختصار الوقت والجهد ولكنها لم تحقق الفائدة الاقتصادية المرجوة منها لأن الموظفين عندما يصرفون مرتباتهم يصرفونها بالكامل فى يوم واحد ما يضعف السيولة النقدية فى البنوك وهو ما لم تكن تأمل فيه الحكومة.
وتستهدف وزارة التخطيط والإصلاح الإدارى تحويل المدفوعات الحكومية إلى مدفوعات إلكترونية بنسبة 100% خلال عام 2020، من خلال زيادة خدمات الدفع والتحصيل الإلكترونى المقدمة عن طريق الإنترنت أو التليفون أو مقدمى الخدمة.
أرسل تعليقك