أكد أحمد عامر خبير البورصات السلعية والمدير التنفيذى لشركة أسواق للمعلومات المالية والسلعية، أن الربع الثاني من عام 2019 شهد تحقيق ربحية في مجال السلع الزراعية أكثر مما كان الوضع عليه بالربع الأول من نفس العام، ولكن جاء شهر يوليو/ تموز ببعض التغيرات السعرية الكبيرة على بعض السلع، أثرت على ربحيتها.
وفند عامر، أبرز مظاهر سوق السلع في مصر خلال الربع الثاني، وهي أولاً: القطاع المصرفي، إذ يُعد القطاع المصرفي المصري، من أعرق القطاعات على مستوى العالم، والذي سوف يُكمل عامه المائة في 2020، وبالرغم من أدائه القوي في ظل الاضطرابات السياسية التى شهدتها البلاد في الأعوام الماضية حيث يعد من المؤسسات التي استطاعت أن تظل متماسكة وتم الإشادة بذلك في جميع المحافل المصرفية الدولية، إلا أن الوضع الداخلي فى السوق المصرى للسلع بات يدق فيه ناقوس الخطر.
وأوضح عامر، سبب تخوفه، قائلا إنه في أقل من 18 شهر قامت شركتان فقط باقتراض ما يقرب من 5 مليارات جنيه مصري بغرض استيراد سلع زراعية، ومن ثم تبدأ تلك الشركات في الهروب من السوق المصري محملة بكثيراً من الأموال المنهوبة من تلك البنوك، والتي تم إعطائها بناءً على دراسات جدوى ضعيفة وبدون ضمانات كافية، ولكن مع ارتفاع حجم الودائع فى البنوك خلال الأعوام الماضية فأصبحت البنوك تتصارع على ضخ تلك الأموال في السوق المصري ويكفى فقط أن يكون لديك حجم أعمال جيد في أخر 5 أعوام لتحصل على ائتمان.
وأشار عامر، إلى ثاني ظواهر الربع الثانى وهى الإفراط فى حجم السيولة، موضحا أن الأعوام الثلاثة الماضية شهدت بزوخ الكثير من التجار والمستوردين على الساحة وعملهم بطاقة أكبر من حجمهم الفعلى بناءً على حجم السيولة الممنوحة لهم من البنوك وبسبب عدم وجود رؤية فعلية لكيفية التعامل مع الاقتصاديات الصعبة بالإضافة إلى المرحلة الاقتصادية التى تمر بها البلاد ومع حجم الأموال الكبير الذى يقع تحت طائلتهم فقد ساعد هذا إلى فقد الكثير من الأموال عن طريق نزيف الخسائر بجانب تكدس البضائع لدى المستوردين والتجار وزيادة المديونيات لديهم.
وذكر عامر، ثالث ظاهرة وهى الرضوخ إلى سياسة البيع الخاطئ، قائلاً إنه مع كثرة الكميات المعروضة من السلع، تجد أنها قد أثرت بشكل سلبى على حركة التجارة بل وعلى تحقيق الأرباح، حيث ما زال عالق فى أذهان الجميع مسلسل الخسائر الذى بدأ منذ العام الماضى ولكن الأسوأ الآن هو أن بعض الشركات التى كانت ترفض أن تتبع الموجة التسويقية الحديثة فى السلع (البيع المباشر من البواخر)، قد اضطرت فى نهاية المطاف إلى تغير سياستها واتجهت إلى البيع المباشر.
اقرأ أيضًا:
"بلومبيرغ" تلقي الضوء على الضغوط التي تتعرض لها السندات اللبنانية السيادية
وتابع الجميع الآن بات يعتمد على هذه السياسة، خاصة الذرة والقمح حيث أصبح البيع يتم من على البواخر وباقى الكميات تتجه إلى المخازن ولكن حركة خروج البضائع المخزنة باتت لا تتعدى 30% وذلك بسبب تواتر البواخر إلى الموانئ حيث أصبح سعر البضائع المحملة أقل بنحو 90:75 جنيه للطن عن البضائع المتواجدة بالمخازن.
وأشار عامر، إلى أن رابع الظواهر وهو التضخم، إذ كان معدل التضخم العام بشهر يناير 2018 عند 17.06% ليتراجع إلى 13.50% حتى يونيو 2018 ولكن مع يناير 2019 تراجع أيضاً إلى 12.71% حتى وصل إلى 9.3% بشهر يونيو 2019 مُسجلاً أقل مستوى فى أكثر من 3 سنوات منذ مارس 2016 والذى سجل 9% وفقاً لآخر بيانات للبنك المركزى فى خطوة أكثر إيجابية من الناحية النظرية، ولكن تراجع معدلات التضخم لا تُعنى انخفاض الأسعار فى السوق، وإنما تُعنى أن سرعة ارتفاع الأسعار تقل تدريجياً مع ثبات أسعار السلع مرتفعة.
وأضاف عامر، أنه ولكى ينعكس تراجع التضخم على الأسعار لابد من توافر عدد من العوامل أهمها تراجع الدولار بشكل كبير مع ضمان استمرار انخفاض التضخم بشكل مستقر لمدة طويلة، لافتا إلى أنه مع تحريك أسعار المحروقات والوقود مؤخراً وتطبيق آلية التسعير التلقائى على عدد من المنتجات البترولية بدءاً من نهاية يونيو الماضى ليتم تحديد أسعارها كل ثلاثة أشهر بحد أقصى 10% ارتفاعاً أو انخفاضاً وذلك حسب تحرك الأسعار العالمية للبترول وسعر صرف الجنيه، بالإضافة إلى التغير في التكاليف الأخرى، وهو ما يشير إلى احتمالية عودة معدلات التضخم إلى الارتفاع خلال الفترة المقبلة.
وقال عامر، إن أسعار الفائدة تعد من أهم ظواهر سوق السلع، إذ تراجعت أسعار فائدة الإقراض للشركات (مدة سنة) من البنوك لتصل إلى 16.8% بشهر يونيو 2019 مقابل 18.2% بنفس الفترة العام الماضى، مضيفا أن التراجع الملحوظ فى معدل التضخم دفع البنك المركزى لتخفيض أسعار الفائدة بشكل كبير مما زاد من معدل اقتراض الشركات وبالأخص قطاع السلع الزراعية مما أدى الى استيراد كميات كبيرة أكثر من احتياجات السوق وهو ما تسبب فى خسائر أكبر بالقطاع.
وأضاف على جانب آخر فإن تراجع أسعار الفائدة أدى إلى ارتفاع الطلب من المستثمرين الأجانب على أدوات الخزانة منذ بداية العام وهو ما ترتب عليه تدفق الدولار إلى النظام المصرفي المصري، بالإضافة إلى أن استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة قفزت بنسبة 50% منذ يناير وحتى أواخر يونيو الماضى لتبلغ نحو 18.7 مليار دولار طبقاً لبيانات البنك المركزىي.
أما آخر العوامل وهو سعر الصرف، قال إن النصف الأول من الحالى شهد تراجع ملحوظ للدولار أمام الجنيه حيث تراجع متوسط سعر الشراء خلال الستة أشهر الأولى من عام 2019 ليبلغ نحو 17.36 جنيهاً مقابل 17.78 جنيهاً لنفس الفترة العام الماضى بنسبة تراجع بلغت 6.7% ولأول مرة منذ أكثر من عامين يتراجع السعر لأقل من 17 جنيه حيث بلغ بنهاية شهر يونيو 2019 نحو 16.78 جنيهاً بتراجع بلغ 1.11 جنيهاً مقابل شهر يناير 2019 وفقاً لمتوسط أسعار الصرف للبنك المركزي.
وأرجع عامر، أسباب تراجع سعر الصرف، إلى زيادة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بالتزامن مع تراجع الطلب على الاستيراد مما ساعد على تراجع الطلب لفتح الاعتمادات المستندية، والتحسن الملحوظ فى تحويلات المصريين العاملين بالخارج بالإضافة إلى حصيلة الصادرات والسياحة وتدفقات الصناديق العالمية من أجل الاستثمار فى الجنيه المصرى، كما ارتفع صافى احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزى ليصل إلى 44.4 مليار دولار فى يونيو الماضى كل هذا بجانب ضعف أداء الدولار عالمياً خلال الفترة الماضية وذلك لتراجع معدل نمو الاقتصاد الأمريكى مقابل الاقتصاديات الأخرى، وخاصة الصين حيث يُعد قوة العملة الصينية ضعف مباشر للدولار عالمياً بالإضافة إلى انخفاض قيمة سندات الخزانة الأمريكية وتسدد مصر ديون الخارجية في العامين القادمين، لذلك تحاول توسيع قاعدة مستثمريها وتمديد أجل استحقاق ديونها والاقتراض بفائدة أقل.
قد يهمك أيضًا:
الحكومة المصرية تؤكد تحقيق رقمًا قياسيًا من طرح السندات الدولية
وزارة المالية المصرية تعلن أسماء بنوك الاستثمار الفائزة بإدارة إصدارات السندات الدولية
أرسل تعليقك