القاهرة - مصر اليوم
كشفت الناقدة الفنية إيريس نظمي عن تفاصيل لا يعرفها كثير من المصريين، عن الممثلة الراحلة شادية، التي وصفتها بأنها كانت ملكة الحب، فأحبت وعشقت وتعذبت وبكت بالدم والدموع، مستعرضة مسيرتها الفنية، وعلاقاتها العاطفية في مذكرتها التي نشرتها في "كتاب اليوم". والمذكرات عبارة عن 15 حلقة نُشرت في أوائل الثمانينات، تتضمن المشوار الفني ومذكرات الفنانة شادية. وفيما يأتي أبرز ما كشفت عنه نظمي:
دخلت قلبها لأبحث عن الرجل الذي يحتل قلبها الآن، ولم أجد رجلاً ولكني وجدت شجرة. اسمها الحقيقي فاطمة كمال الدين شاكر، صاحبة موهبة متكاملة حلقت بها في سماء الفن، ورسمت نبرات صوتها الرقيق الفرحة في قلوب عشاقها، وقدمت الضحكة والبسمة، ورغم أنها آثرت الابتعاد عن الأضواء في السنوات الأخيرة من حياتها، إلا أن أعمالها الفنية مازالت عالقة في أذهان كل عاشق للفن الجميل. وتقول شادية: "أول قصة حب في حياتي حدثت عندما كان عمري 17 عامًا، وقفت لأغني ووقعت عيناي على شاب أسمر وسيم، وأحسست بأن نظراته قد اخترقت قلبي، وبعد انتهاء الحفلة فوجئت به يتقدم نحوي ويهنئني، وبعد فترة أرسل خطابًا يعبر فيه عن حبه لي، ويطلب أن يعرف موقفي من طلب الزواج، فوافقت، لكن السعادة عمرها قصير، فقد استدعي حبيبي فجأة للدفاع عن الوطن في حرب فلسطين، وحبست دموعي حتى غاب عني، وظللت أبكي وصدقت مشاعري، فذهب ولم يعد، استشهد في ميدان القتال، سقط حبيبي شهيدًا واسمي يلف حول أصبعه دبلة الخطوبة".
بدأت الأقاويل تنتشر عن قصة حب في قطار الرحمة، حكايات خيالية عن علاقتي بعماد حمدي داخل قطار الرحمة، يحكونها بلا رحمة، وحتى الحكايات الحقيقية التي حدثت لا يحكونها كما وقعت، بل يضيفون عليها ويحذفون منها وكان لابد أن يأتي ذلك اليوم الذي تقع فيه رسائلنا العاطفية المتبادلة في أيدي من لا يرحمون, وبدأوا يهددون بنشر خطاباتنا على صفحات المجلات والصحف، وأنهم يريدون أن يحولوا قصة حبنا إلى فضيحة، فكان لابد أن نتحرك بسرعة لندافع عن هذه العلاقة، وقررنا أن نضع نهاية سعيدة، وكان قرار الزواج، لكن السعادة عمرها قصير، لقد قضيت مع عماد أربع سنوات ذقت فيها حلاوة الحياة ومرارتها، ولكن الغيرة كانت العيب الوحيد لعماد حمدي، فعندما تدخل الغيرة قلب الزوج تبدأ المشاكل والمتاعب وتهرب السعادة من البيت، ووجدنا أن الفراق هو الحل الوحيد.
وها أنا أعيش مطلقة بلا رجل أواجه الحياة وحدي، ووسط هذا الضباب ظهر فريد الأطرش في حياتي، ووجدته مثالاً للرجل "الجنتلمان"، الذي يعامل المرأة باحترام وبدأ حب فريد يملئ قلبي، بعد أيام وشهور البؤس التي أعقبت طلاقي من عماد حمدي، ولم أغضب من الصحافة والصحافيين، لأني لم أخجل من قصة حبي لفريد وأمضيت معه أيامًا حلوة، لم يكن يكدرها سوى غيرة المقربين إليه الذين لاحظوا انصرافه عنهم بسبب انشغاله الشديد بي. إن فريد حياته غير مستقرة لا يتصورها بلا أصدقاء، فكل سهرات الأسبوع يقضيها مع أصدقائه، ولم أقدر على الاستمرار في هذه الحياة، فالاستقرار بالنسبة له شيء صعب، بل مستحيل، ولكن بالنسبة لي فهو شيء ضروري، وبدأت أشعر بأن حياتنا لا يمكن أن تستمر بهذه الصورة، وحاولت أن أهرب من حب فريد الأطرش، وانتهزت فرصة سفره إلى الخارج، وتركت الشقة التي كانت في عمارته، بكل ذكرياتها الحلوة.
وكان زواجي السريع من عزيز فتحي نوعًا من الهروب من حب فريد الأطرش، وظننت أن ارتباطي برجل آخر هو الحل الوحيد، وكان قرارًا من أكبر الأخطاء التي ترتكبتها في حياتي فلم أفكر في نتائج هذا الزواج السريع، الذي كان بالنسبة لي درسًا قاسيًا، فآخر شيء يمكن أن أتصوره أني سأطلب في بيت الطاعة، وأصر عزيز فتحي إصرارًا عجيبًا على ذهابي إلى بيت الطاعة، ولم تكن هذه المرة الأخيرة، بل تكرر ذلك مرات كثيرة، لأن النزاع أستمر خمسة شهور. وفي هذه الفترة تعرفت بالكاتب الكبير مصطفى أمين، الذى اعتبره مسؤولاً عن حياتي الجديدة، حياة المرأة العاملة الناضجة. دعوة من رئاسة الجمهورية وصلت الكاتب الكبير لحضور إحدى حفلات العشاء مع الرئيس جمال عبد الناصر، لكن الكاتب الكبير لم يستطيع إخفاء دهشته، فالدعوة ليست موجهة له وحده بل موجهة أيضًا لزوجته، شادية. ورفع الكاتب الكبير سماعة الهاتف ليتحدث إلى الرئيس عبد الناصر، ليقول له إنه ليس متزوجًا، فرد عليه الرئيس: "بل أنت متزوج من شادية"، فرد: "لا أنا لست زوجها"، فقال له: "معلوماتنا تؤكد ذلك"، فرد: "ومن الذي حصل على هذه المعلومة"، فقال الرئيس: "المخابرات، صلاح نصر". وضحك الكاتب الكبير وهو يقول: "كنت أرجو فقط من مخابرات صلاح نصر قبل أن تزوجني أن تأخذ رأيي".
وقالت شادية في نهاية مذكراتها إنها لو عاد بها الزمن إلى الوراء كانت ستسير في نفس هذا الطريق، طريق الفن، رغم كل العذاب والأشواك، فإن عذاب الفن هو حياة الفنان، وبدون هذا العذاب لا تكون لحياة الفنان معنى، وهذا القلق هو سر نجاح الفنان وبقائه هكذا، كنت دائمًا أحاول أن أعزي نفسي وأخفف عنها، إما أن أكون امرأة سعيدة بأمومتها وإما أن أكون فنانة سعيدة بأفلامها وأغانيها، ويبدو أنه شيء صعب أن أجمع بين الهدفين.
أرسل تعليقك