بصوته العذب الشجن، وملامحه الجميلة، وأخلاقه الطيبة استطاع الفنان محرم فؤاد أن يتألق بين نجوم جيله في الخمسينيات، ويضع بصمته المميزة والفريدة في عالم الفن والسينما وفي سماء الطرب.
بدأت انطلاقته الفنية منذ وقوفه أمام النجمة الكبيرة سعاد حسني ليتألقا في فيلم "حسن ونعيمة" الذي يعد من الأفلام الرومانسية والغنائية والاستعراضية الهامة في تاريخ السينما، واستطاعا أن يتميزا ويبدعا في الفيلم في سن صغيرة حيث كان يبلغ حينها 25 عاماً وكان عمر سعاد 16 عامًا.
في أحد الأحياء الشعبية البسيطة في بولاق بوسط القاهرة وتحديدًا في منطقة ورشة القطن، ولد "المغنواتي" محرم فؤاد عام 25 يونيو 1934، وهو من أسرة صعيدية لأب مهندس بالسكة الحديد، الذي اكتشف موهبة ابنه وحلاوة صوته وهو في الرابعة من عمره، فسمح له بالغناء في الموالد والأفراح، ثم شجعه وأعطاه دروسًا للعزف على العود في معهد موسيقي.
واستطاع في وقت قصير أن يتميز ويلتحق بالإذاعة المصرية ليعمل بركن الهواة، وغنى "الحلو هداني منديله" من ألحانه، ثم "أسمر حليوة زين"، و"خيالك في عيني" من ألحان عبد العظيم محمد، كما غنى في برنامج ساعة لقلبك واعتمد مطربًا في الإذاعة وكانت أولى أغنياته الإذاعية "زي نور الشمس".
واكتشفه المخرج الكبير هنري بركات وقدمه للعمل في فيلم "حسن ونعيمة" عام 1959 من إنتاج محمد عبد الوهاب، ارتبط عمل "محرم" بالسينما بتغيير اسمه من محرم حسين إلى محرم فؤاد بناء على رغبة عبد الوهاب وبركات.
وكان محرم فؤاد دنجوان النساء في عصره حيث تزوج من أبرز النجمات التي فتن بشخصيته ووسامته البالغة، حيث كانت أولى زوجاته الفنانة تحية كاريوكا، وبعد انفصالهما تزوج من سيدة أجنبية لم يمكث معها كثيرًا، ليتزوج بعدها من ملكة جمال الكون اللبنانية ماجدة بيضون وأنجب منها ابنه طارق.
وأشيع بعد ذلك ارتباطه من النجمة ميرفت أمين سرا، الأمر الذي تسبب في انفصاله عن زوجته اللبنانينة ماجدة، ليتجه بعدها للزواج من ملكة جمال الكون اللبنانية جورجينا رزق بطلة فيلمه الأخير "الملكة وأنا".
وفي نهاية السبعينيات تزوج من الممثلة عايدة رياض ولكنه انفصل عنها بعد اتهامها في قضية آداب شهيرة، وآخر زيجاته كانت المذيعة التليفزيونية منى هلال التي عاشت معه رحلة مرضه حتى وفاته.
بلغ رصيد "محرم" السينمائي إلى 13 فيلمًا من بينهم حسن ونعيمة، نصف عذراء، وداعًا يا حب، لحن السعادة، من غير ميعاد، عشاق الحياة.
كما يعد محرم فؤاد فارس الأغنية المصرية، ومن جيل عمالقة الغناء الأصيل أمثال محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم و فريد ولقبه الجمهور بـ"صوت النيل" و"المغنواتي".
وتعد أغنية "رمش عينه" من أجمل أغانيه التي استطاع أن يشتهر بها وأن تقوده إلى سماء الطرب الجميل، كما له العديد من الأغنيات الجميلة من بينها غدارين، قولي بحبك، قلبي اللي خدتيه، لو كان الأمر أمري، الحلوة داير شباكها، ويا حبيبي قوللي.
ولم تكن الرومانسية فقط من ميزته وتألق خلالها، حيث أبدع "محرم" في عدد من الأغاني الوطنية والدينية من بينها مصرنا لم تنم، وأم الشهيد، وغفرانك اللهم، وقوم يا مصري.
لم يتوقف إبداعه عند هذا الحد، حيث أعاد اكتشاف اغنية بلادي بلادي للراحل سيد درويش و قام بغنائها في العديد من حفلاته سنة 1968 إلى أن يختارها الرئيس أنور السادات لتصبح النشيد الوطني المصري الرسمي في العديد من الحفلات والمناسبات الوطنية.
وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات أبرزها وسام الاستقلال من العاهل الأردني الملك حسين عام 1965، وشهادة تقدير من الملك الحسن الثاني ملك المغرب عام 1969.
وخلال رحلة طويلة في عالم الفن، تسلل المرض إلى قلب "محرم" في منتصف التسعينات وعاش صراعًا طويلا مع المرض وخاض العديد من العمليات الجراحية أملا في الشفاء وحاول التخلص منه في باريس ولندن، لكن المرض كان أقوى منه ورحل عن عالمنا في 27 يونيو عام 2002، بعد عيد ميلاده الثامن والستين بثلاثة أيام فقط.
أرسل تعليقك