طوال ثلاثة أيام، استمرت رحلة "حمدي علي فرغلي" للبحث عن نجله "علي"، قبل أن يتلقى اتصالاً هاتفياً من أحد أقاربه كان سببًا في إنقاذ نجله من عصابة لتجارة الأعضاء البشرية بالجيزة.
الخميس الماضي، مرت 72 ساعة على تغيب صاحب الـ25 سنة عن منزله البسيط بمركز مطاي التابع لمحافظة المنيا، لكن الأب لم ييأس في رحلة بحثه عن نجله حتى رنَّ جرس هاتفه، فأسرع للرد، وكان المتصل أحد أقاربه: "ابنك سافر مصر من كام يوم".
جن جنون الموظف السابق بوزارة التموين، مُكذبًا ما وقع على أذنيه، لكن ختام المكالمة حمل الحقيقة الصادمة "قاعد عند صاحبه القهوجي اللي اتبرع بكليته"، هرع بعدها الأب إلى محطة القطار للسفر إلى الجيزة، آملاً أن يكون الأمر "كابوسًا" سيفيق منه سريعًا.
الساعة تقترب من منتصف ليل الخميس، يطمئن العميد إبراهيم المليجي، مأمور قسم الجيزة، على انتظام الخدمات ومراجعة دفاتر النوبتجية، عاد بعدها إلى مكتبه لفحص بعض الأوراق ليُطرق الباب: "في واحد عاوز يقابل حضرتك يا أفندم.. بيقول ابنه مختفي".
"ابني هيضيع مني.. إلحقوه قبل ما العصابة تعمل فيه حاجة"، كلمات أطلقها الأب بصوت ممزوج بالحسرة والحزن، بينما تغالب الدموع مقلتيه، ليطالبه مأمور القسم بالهدوء، وأن يحكي له تفاصيل الواقعة، فما كان من والد الشاب إلا أن أخبره عن تلك الشقة الواقعة بمنطقة المنيب، حيث يوجد نجله "علي".
فور انتهاء رواية الأب، عكف رجال المباحث بقيادة العقيد طارق حمزة، مفتش مباحث الجيزة، والمقدم هشام بهجت، وكيل الفرقة، على فحص البلاغ، والتأكد من صحته من خلال تنشيط مصادر المعلومات، خاصة عناصر الشرطة السرية الموجودين باستمرار في منطقة المنيب.
في أقل من ساعة، أثبتت تحريات الرائد مصطفى كمال، رئيس مباحث الجيزة، صحة البلاغ، وأن نجل الشاكي موجود داخل شقة بشارع متولي الشعراوي رفقة صديقه "محمود.أ" 33 سنة، قهوجي، وأن سمسارًا يدعى "أحمد .ص"، مقيم بمنطقة الكُنيسة بالطالبية، يتزعم عصابة لتجارة الأعضاء يتخذها وكرًا لاستقبال ضحاياه.
باستصدار إذن من النيابة العامة، داهمت قوة بقيادة العقيد طارق حمزة، والرائد معتصم رزق، معاون مباحث الجيزة، الشقة، تحت إشراف اللواء إبراهيم الديب، مدير مباحث الجيزة، وألقت القبض على السمسار ورفقته نجل الشاكي وصديقه، وتم اقتيادهم إلى ديوان القسم.
"ابنك اتكتب له عمر جديد يا حاج.. إحمد ربنا"، احتضن الأب نجله بعدما علم أنه خضع لفحوصات طبية خلال أيام تغيبه، وأنه كان بصدد بيع كليته مقابل 25 ألف جنيه.
شقة بالطابق الثاني بعقار حديث الإنشاء بشارع متولي الشعراوي في منطقة المنيب، اتخذها السمسار وكرًا لاستضافة ضحاياه قبل إتمام عملية نقل الأعضاء وسط غفلة من السكان.
"هو مأجر الشقة من سنة لكنه اختفى منذ 3 شهور"، تقول سيدة أربعينية إن السمسار حضر مع زوجته، إلا أنه انفصل عنها منذ 6 أشهر، "اكتشفت إنه بيخونها"، مشيرة إلى أنه كان يستقطب بعض السيدات إلى شقته دون تدخل من الجيران "هنا كل واحد في حاله".
وأغلقت مالكة الشقة المنزل رافضة السماح بالدخول، "المباحث نبّهت عليا مدخلش حد.. مش عاوزة مشاكل"، ليؤكد أحد الجيران أنهم مؤخرًا لاحظوا تردد بعض الشباب على الشقة دون الشك في سبب حضورهم، "شباب زي الورد كانوا بيطلعوا مع أحمد الشقة.. بس عمرنا ما سألناه".
ويشير مالك محل بقالة إلى أن السمسار عاد للظهور منذ شهر تقريبًا "شوفت معاه 2 شباب.. افتكرتهم قرايبه من البلد"، موضحًا أنهم فوجئوا بسيارات الشرطة في وقت متأخر من الليل داهموا الشقة "لما سألنا.. قالوا تجارة أعضاء".
أرسل تعليقك