الإسكندرية ـ محمد المصري
نظمت مديرية الأوقاف في الإسكندرية، الجمعة، قافلة دعوية كبيرة إلى مساجد غرب المحافظة لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان "منزلة الشهداء عند ربهم"، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بنشر وتفصيل بيان التضحيات الكبرى التي يقدمها أبناء القوات المسلحة الباسلة والشرطة المدنية من أجل رفعة الوطن وسلامة أراضيه، كما تأتى هذه القافلة فى إطار احتفالات مصر بيوم الفقيد.
وقال الشيخ محمد العجمي، وكيل وزارة الأوقاف بفي لإسكندرية، إن الشهادةُ في سبيلِ اللهِ مَرتبةٌ عَظيمةٌ يَمنَحُها اللهُ تعالى لِمن بادَرَ بالحُصولِ عليها، وصَدَق النِيَّةَ في ذلك، فأوقَفَ للهِ نَفسَهُ، وبذَلَ فيهِ روحَهُ ناصِرًا لِدينِهِ حتى يُدرِكَها وهوَ راضٍ مُطمئِن، موضحا أن الشَّهادةُ في سبيلِ الله تُعرف بأنَّها حالةٌ شَريفَةٌ تَحصُلُ لِلعَبدِ عِندَ المَوتِ، لها سَبَبٌ، وشَرطٌ، ونَتيجَةٌ.
وأضاف العجمي، أن الشَّهيدُ في الإسلامِ هو من قاتَلَ لِتكونَ كَلِمةُ الله هيَ العُليا، غيرَ طامِعٍ في عَوضٍ أو جزاءٍ من فَناءِ الدُّنيا؛ فيَموتُ خاليَ اليَدينِ ليسَ في قَلبِهِ إلَّا حُبَّ الله والموتُ لأجلِهِ تحقيقًا لِشهادتِهِ بالوِحدانيَّةِ لِربِّهِ، وتَصديقًا لِوعدِهِ بأنَّ ما عِندهُ خيرٌ وأَبقى، مضيفًا أن هذه المرتبة لا تنحصر في مَن قاتَلَ في سبيلِ الله وقُتِلَ، فَمِن كَرَمِ الله تعالى أن جَعَلَ الشَّهادةَ تَزيدُ عَن حدِّ الجِهادِ والقِتالِ والموتِ في سَبيلِه لتتعدّى إلى أكثَرَ من ذلِكَ، لافتًا إلى أن الشهادة تَتَّسِعُ إلى ظروفٍ وحالاتٍ كثيرةٍ؛ حيثُ عدَّ الرَّسولُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الموتَ بالطَّاعُونِ، أو الغَرَقِ، أو مرضِ البَطْنِ، أو الهَدْمِ، أو النِّفاسِ شهادةً تَستحقُّ ثوابَ الآخِرَةِ ومَنزِلةَ الشَّهادَةِ، وأمَّا في الدُّنيا فَيُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عليهم.
وأوضح وكيل وزارة الأوقاف، أجر ومنزلة الشهداء، حيث وَعدَ الله المُحسِنينَ من عِبادِهِ والصَّالحينَ أجرًا عظيمًا، ودَرَجةً عالِيةً، وعَظَّمَ أُجورَهُم بأن ضاعَفَ الحَسَنةَ بِعشرِ أمثالِها أو يَزيدُ إلى ما شاءَ الله عظيمُ الكَرَم، وخصَّ الله الشُّهداءَ بمنازِلَ لا يَصِلُها غيرُهم، ثمَّ وَصفَ حالَهُم بعدَ الموتِ بِعجيبِ ما يُوصَفُ فيهِ مَيِّت؛ فذَكَرهم فَرِحينَ، وذَكَرَهم يَستَبشِرون، وبَشَّرَهُم بِربحٍ مُضاعفٍ لَما خَلَت مِنهُ نواياهُم وسَرائِرهم في دارِ الدُّنيا فلم يَطمَعوا في مالٍ ولا في جاهٍ لِقاءَ ما قَدَّموا، فكانَ الرِّبحُ أعظَمَ وأَجزَل.
وتابع أن الشَّهادةُ في سبيلِ الله من أَعظَمِ القُرُباتِ وأثمَنِها؛ فَفِيها يُقدِّمُ المُؤمِنُ أغلى ما يَملِكُ على الإطلاقِ إرضاءً للهِ ودِفاعًا عن دِينِهِ، فاسْتحقَّت بِذلِكَ ثَمنًا عظيمًا من فيضِ كَرَمِ الله سُبحانهُ، وكانت من أرفعِ الرُّتَبِ وأَعْلاها، وأَنفَسِ المَقاماتِ وأَحسَنِها وأبْهاها. وقَد أورَدَت آياتُ القرآنِ العظيمِ وأحاديثُ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مَنازِلَ عديدةٍ ومَراتِبَ عظيمةٍ خَصَّها اللهُ لِمنْ ماتَ في سَبيلِه واستحقَّ منزِلَة الشَّهادة، موضحًا أنَّ مَرتبةَ الشَّهادةِ إذا استحقَّت لِعبدٍ ميَّزتهُ بِعظيمِ الجزاءِ وأخيرِه، ذلكَ أنَّ من استحقَّها لا يَصِلها إلَّا بيَقينٍ خالِصٍ أنَّ حَياتَه الدُّنيا مَمرٌ ومَماتهُ على فراغِها من قَلبِه مُستقر، وأنَّ الأخرةَ إقبالٌ وفيها البِناءُ والجزاء، فإن صَفى قَلبُهُ للهِ مُقبِلًا إليهِ سَمت روحُهُ عن فناءِ الدُّنيا وباعَها بأجرٍ عظيمٍ، فنالَ ما نالَ من الأجرِ.
وزف العجمى بشارة لكل الضحايا، قائلًا "عَمَلُ الفقيد يُنمَّى له بعدَ موته فعن فضالة بن عُبيدٍ عن رسولِ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام أنَّه قال "كلُّ ميِّتٍ يُختَمُ على عملِهِ إلَّا الَّذي ماتَ مرابطًا في سبيلِ اللهِ؛ فإنَّهُ ينمي لَهُ عملُهُ إلى يومِ القيامةِ، ويأمنُ فتنةِ القبرِ، وسمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ: المجاهدُ من جاهدَ نفسَه"، مضيفًا "نحن نجدد العهد لبلادنا وقادتنا على أننا مستعدون لنيل الشهادة في أي لحظة في سبيل الدفاع عن تراب مصر الغالية ودحر التطرف وتصحيح المفاهيم الخاطئة بوسطية واعتدال مهما كلفنا هذا من تضحيات وصدورنا مفتوحة لاستقبال الرصاص بحب وثقة في نصر الله تعالى لمصر وجيشها وقائدها في معركته الفاصلة في شمال سيناء الطاهرة".
أرسل تعليقك