أهل الله في دمياط بين قصص المحبين وعداء المسؤولين

تحتل مساحة لا تتجاوز المترين يغلفها باب خشبي وحائط يقطعه نافذة زجاجية صغيرة، تطلعك من الخارج على جثمان يغطيه قماش مزركش بعدد من آيات القرآن الكريم و أسماء الله الحسنى في منتصف ميدان سوق الحسبة الذي يعتبر أقدم ميادين محافظة دمياط.
 
 ويعود نسل العارف بالله سيدي عبد الرازق ، شيخ صوفي من أصل مغربي إلى الإمام علي ابن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء ، وفقًا للافتة المعلقة على المقام وروايات الأهالي .
 
قالت " نصرة " سيدة أربعينية تفترش الرصيف المقابل للمقام "دة شيخ مبروك واللي بييجي عليه مايكسبش "  فور سؤالها عنه بدأت في سرد إجاباتها التي تبدو وكأنها معدة مسبقًا ، قائلة " منذ سنوات عديدة وأنا أتوافد على السوق للعمل وأرى الوافدين إلى هنا يأتون من كل مكان ويشعلون الشموع ويقرأون الفاتحة على روح سيدي عبد الرازق " .
 
وتكمل " تكاثرت الأقاويل عن كرامات الشيخ فالبعض يقول إن دعائه كان مستجابًا لا يرد ، والبعض الآخر يقول إنه كان يستطيع شفاء المرضى ومعرفة المستقبل " .
 
وأكدت نصرة خلال حديثها أن من يحاول المساس بمقام عبد الرازق سوف يصاب باللعنة التي لم تتضح ماهيتها تحديدًا .
 
ويحيط بالمقام عدد من الباعة الجائلين يفترشون الأرصفة ومن بينهم بائع حلوى يدعى عم صالح  ، ويتذكر تفاصيل عدد من محاولات البعض بالنيل من المقام على حد تعبيره قائلًا  " منذ 5 سنوات قام عدد من الشباب بمحاولة كسر المقام و وسرقة الضريح كما قاموا بإشعال النيران ، ولكن الأهالي  تمكنوا من إنقاذ المقام والإمساك بالفاعلين وتسليمهم للشرطة " .
 
وتشير بعض الروايات إلى أن السيد عبد الرازق كان يقيم  ويعمل في سوق الحزبة ، والذي كان يعتبر مركز الأشخاص المسمين بالمحتسبة أو المحتسبون ، و كانت مهمتهم مراقبة التجار والتزامهم بالأسعار والموازين، ويبحثون عن مظلمة أرباب السوق ورواده، فضلًا عن جمع الضرائب ونصيب بيت مال المسلمين، ومجازاة المخالفين وإصدار الأحكام ضدهم ، وكانوا يفعلونها بشكل مجاني ، وذلك في عصر دولة المماليك ، ثم انقرضت بعد ذلك أيام الدولة العثمانية .
 
وأصدر أحمد سلطان محافظ دمياط وفي عام 1998 - آنذاك – قرارًا بإزالة المقام لتوسعة الميدان، وقبل تنفيذه بأيام تراجع بعد رؤية الشيخ عبد الرازق في منامه، ومطالبته له بعد إزالة المقام ، وفق ما أفاد مصدر  في ديوان عام محافظة دمياط  وتداول تلك الرواية عزز لدى مريدين الشيخ إيمانهم بكراماته .
 
وقال محمد سيد أحد التابعين للطريقة الصوفية، والمسؤول عن رعاية المقام ، " إن سيرة صاحب المقام الحسنة كانت سببًا لجعله مقصدًا للوافدين من مختلف أنحاء محافظة دمياط ، والمحافظات الأخرى يأتون للتبرك و الدعاء وإشعال الشموع "
 
 ويوضح " أن الإقبال على المقام يرجع إلى اعتقاد بعض الأشخاص في أن الدعاء على مقربة من الضريح قد يجعل احتمالية استجابة دعواهم أكبر وأسرع "
 
وقال الشيخ إبراهيم حمص، وكيل المشيخة الصوفية العامة للطرق الصوفية في دمياط " إن أتباع الطريق الصوفية في محافظة  دمياط الذي يصل عددهم إلى5 آلاف شخص تقريبًا ، يشرفون على إقامة مولد السيد عبد الرازق في يوم 27 من رمضان من كل عام  "
 
ويكمل " نحاول تحري الصدق قبل إقامة احتفال بمولد شيخ معين حتى وإن كان من سبقونا من أتباع الصوفية يقيمون لهم موالد ونتأكد من حسن سيرته أولًا " .
 
وأكد " حمص " أن الهدف الأسمى من المولد إحياء ذكرى الولي، ومن ثم لاعتبار المولد فيه منافع للناس تتمثل في جهة مؤقتة لكسب الرزق و ترويج بضاعة للتجار، علاوة على حلقات الذكر وقراءة القرآن الكريم .