قنا - إسراء حسن
كانت سنوات عمرها التي جاوزت التسعين عامًا، وزوجها حافظ القرآن الكريم، الذي رحل عنها قبل 30 عامًا، تاركًا لها 5 أولاد و3 إناث، حافزًا لها كي تخلد اسمها في ذاكرة ووجدان أبناء محافظة قنا على وجه العموم، وأبناء قريتها "النجاحية" بشرق نيل نجع حمادي، وتكتبه بحروف من نور، وهي تتبرع بآخر ما ورثته عن زوجها من مساحة قيراط إلا ربع من الأرض، لتحقق حلمها ببناء مسجد لأهل قريتها، والذي شاءت إرادة المولى عز وجل أن يتحول إلى أكبر مجمع خيري لعلاج المرضى خاصة مرضى الفشل الكلوي.
وكانت "آمنة محمد ربيع"، ابنة قرية النجاحية، متزوجة من الشيخ أحمد حفني، الذي حفظ القرآن الكريم، وكان يملك كتّاب لتعليم الأطفال القرآن الكريم وأمور دينهم، رحل عنها في أوائل الثمانينيات، تاركًا لها 8 أبناء، 5 من الذكور و3 إناث، وكلهم متزوجين، داخل القرية إلا ابنة فقط، متزوجة خارج القرية، تتنقل بينهم من وقت لآخر، وتعيش معهم.
آمنة، التي يحبها الجميع، لعملها الطيب داخل القرية، لا تمتلك إلا معاش التضامن، وقطعة أرض، مساحتها قيراط إلا ربع، في منطقة حيوية، بمدخل القرية، كانت تأمل بأن تختم حياتها، بإنشاء مسجد، إلا أنها حفّزت الجميع، وتحول حلمها، إلى صرح طبي كبير، يخدم مرضى الفشل الكلوي، بعد تبرع رجال أعمال، وملاك مجاورين لقطعة الأرض، لإقامة مبنى على مساحة 300 مترًا، تكلّف قرابة 4 ملايين جنيهًا، عن طريق التبرعات.
وتحوّل حلم آمنة، اليوم إلى حقيقة، شهد لها الجميع، بعد أن افتتح اللواء عبد الحميد الهجان، وعدد كبير من القيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية، ورجال الدين الاسلامي والمسيحي، ولآلاف بحضور آلاف المواطنين، مجمع أهل الخير، والذي ويضم وحدة للغسيل الكلوي مجهزة على أعلى مستوى تضم 11 سريرًا و11 ماكينة غسيل كلوى وتستقبل 33 مريضًا بشكل يومي، كما يضم المجمع مسجد ومدرسة لتعليم القرآن الكريم وحضانة للأطفال.
وفور دخول الحاجة آمنة، سرادق الاحتفال، وهي على كرسي متحرك، برفقة إحدى بناتها، ورجال القرية، عمّت الفرحة على الجميع، وتقدم محافظ قنا، بالشكر للسيدة صاحبة الفضل نيابة عن أهل القرية في انشاء هذا الصرح الطبي العملاق داخل قريتهم، وأصر على النزول لها من المنصة لتهنئتها مؤكدًا على فضلها في افتتاح أحد أبرز الأعمال الخيرية في المحافظة.