كفر الشيخ -سمر محمد
يلجأ إليها الفقراء عندما يمرون بضائقات حياتية ومالية، فيعتقدون أنهم قادرون على حل المشاكل وفك الكرب والنحس وعقد الزواج، هم أولياء الكرامات، كما يعتقدون أنهم قادرون على الشفاء، فبطول محافظة كفر الشيخ ينتشر 12ضريحًا، أما ضريح "سيدي غازي"، الذي يقع في مدينة سيدي غازي التابعة للمحافظة.
ويعد "سيدي غازي" من أشهر المساجد في قرى مركز كفر الشيخ، وهو منسوب لمحمد المغازي الكبير، وقد اشتهر بهذا الاسم لكثرة غزاوته، وقد ولد في مدينة فاس في المغرب عام 583 هـ ،ووفد إلى مصر في عهد بيبرس البندقداري .
ومن جانبه، أكد محمد غراب، أحد أكبر مفتشي الآثار في كفر الشيخ، أنه توفي عام 694 هـ، وكان عمره آنذاك 111 عامًا، وتنتسب إليه طريقة صوفية هي المغازية الخلواتية وهي إحدى الطرق المعروفة ولها شيخ سجادة باسم شيخ السجادة المغازية معتمد من المجلس الأعلى في مصر، والمسجد والقبة قامت ببنائهما خوشيار هانم أم الخديوي إسماعيل عام 1284 هجرية، كما هو مثبت على النص التأسيسي للمسجد .
وأضاف غراب، أن للمسجد مئذنة عثمانية الطراز تأخذ قمتها شكل القلم الرصاص، أما القبة الضريحية فهي ملساء من الداخل والخارج وأسفلها الضريح المغطى بمقصورة خشبية بديعة الصنع، وعلى التركيبة داخل المقصورة ستر كتب عليه ما نصه "جددت هذا الستر الشريف سعادة والدة أفندينا إسماعيل باشا عام 1285هـ ".
من ناحية أخرى، أوضح حمدي علي، أحد أبناء المنطقة، أن الضريح يأتي إليه مواطنين من كل حدب وصوب قاصدين التبرك وفك الكرب وإزالة الهم، مشيرًا إلى أنك عندما تقصده لدقائق تخرج مرتاح البال، دون هموم أو كرب .
"ضريح المغربي"
يقع في الشاطئ الشرقي لنهر النيل فرع رشيد في مدينة فوة التابعة لمحافظة كفر الشيخ، ضريح سيدث سالم بن علي الأنصاري الجابري "المغربي" وكنيته "أبوالنجاة"، وهو من أهل القرن السادس الهجري، ويُعد أستاذًا للشيخ عبدالرحيم القناوي، الذي ذهب إلى مدينة فوّة ليتعلم على يد سيدي سالم أبوالنجاة.
وبُنى ضريح سيدي سالم أبوالنجاة عام 1181هـ/ 1767م، وفقًا لكتابات أحد المرسوميْن المثبتين على جدار القبة من الخارج، وهو مؤرخ في عام 874ه، ويأتى إليه مواطنين من كل حدب وصوب قاصدين التبرك وإزالة آثار الحسد لأنه أحد أولياء الله الصالحين، كما يؤكد محمد غراب، مشيرًا إلى أنه كانت تُقام لسيدي أبوالنجاة "حضرة" يوم الخميس من كل أسبوع يقصدها مئات البشر لكنها توقفت منذ أعوام قليلة، بناءً على تعليمات وزارة الداخلية.
"ضريح أبو المكارم"
في مدينة فوة وعلى الشاطئ الشرقي لنهر النيل فرع رشيد يقع ضريح سيدي محمد ظهير الدين الشهير بأبي المكارم، وهو ابن محمد بن أحمد, ويمتد نسبه إلى السيد حسن الأكبر أخو السيد أحمد البدوي من سيدنا الحسين بن علي، ولد في 930هـ ، والتحق بالأزهر الشريف وصار شيخًا له عام 970هـ، ثم استقال وحضر على شيخة سيدي عطية أبي الريش في مدينة دمنهور ثم رحل إلى مدينة فوة، وفتح بها الطريقة الأحمدية وكان أول من جمع الناس على حلقة الذكر ، وله العديد من الكرامات وتوفى عام 980 هـ ودفن في جامعه الحالي .
ويقام له مولد سنوي في شهر نوفمبر من كل عام بعد مولد سيدي إبراهيم الدسوقي ويقبل عليه الآلاف للاحتفال بمولده، وكان المسجد الذي دفن فيه يقيم فيه حلقات درس لتعليم القرآن والحديث وصحيح البخاري، وكان هذا المسجد يرجع إلى ما قبل وفاته حيث توجد لوحة رخامية تأسيسية مؤرخة بعام 740 هـ أعلى المدخل الأيمن، ما يؤكد أن مسجدًا أقدم من المسجد الحالي كان موجودًا في عصر دولة المماليك البحرية في حكم الناصر محمد بن قلاوون، أما المسجد الحالي فقد جدد في العصر العثماني وبعد وفاة ظهير الدين أبو المكارم ودفنه به .
وللمسجد ثلاث واجهات هي الجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية، ويفتح بالرئيسية منهم وهي الشمالية الغربية ثلاثة مداخل وجميعها معقودة بعقود ثلاثية ومزينة بزخارف الطوب المنجور، وأهم وأكبر هذه المداخل هو أوسطها.
والمسجد من الداخل عبارة عن مساحة مستطيلة مقسمة إلى خمسة أروقة بواسطة أربع بائكات من الأعمدة الرخامية تحمل أعلاها عقودًا مدببة تسير موازية لجدار القبلة، وجدار القبلة يحتوي على ثلاثة محاريب أكبرها الأوسط وواجهته مزينة بزخارف الطوب المنجور .
"ضريح سيدي إبراهيم الدسوقي في دسوق"
في منتصف مدينة دسوق وفي ميدان سيدي إبراهيم الدسوقي يقع مسجد وضريح القطب الإبراهيمي، وهو العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي بن عبدالعزيز أبو المجد بن قريش، وينتهي نسبه إلى سيدنا زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه هي السيدة فاطمة بنت عبدالله ابن عبد الجبار أخت أبي الحسن الشاذلي، ولد الدسوقي في التاسع والعشرين من شهر شعبان عام 653 هــ / 1250م.
ويذكر الإبراهيمي عن نفسه في كتاب الجوهرة، أنه بني له خلوة في بلدة دسوق وأنه دخل الخلوة وهو عنده ثلاثة أعوام وأقام فيها 20 عامًا، ولم يخرج إلا وهو عنده ثلاث وعشرون عامًا عند وفاة والده، ولقد كان الدسوقي يترسم خطى خاله أبي الحسن الشاذلي صاحب الطريقة الشاذلية، ودرس اللغة والدين وحفظ القرآن والحديث وأصول الفقه على مذهب الإمام الشافعي وهو ما يزال طفلًا صغيرًا، ولما شب عن الطوق واشتد عوده بدأ يفد عليه في خلوته من المريدين وأصحابه وكان من أبرزهم السيد أبوالنصر .
ولما سمع السلطان بيبرس البندقداري بعلم الدسوقي وتفقهه وكثرة أتباعه والتفاف الكثيرين حوله أصدر قرارًا بتعينه شيخًا للإسلام، فقبل المنصب وقام بمهمته دون أن يتقاضى أجرًا بل وهب راتبه من هذه الوظيفة لفقراء المسلمين، كما قرر السلطان بناء زاوية يلتقي فيها الشيخ بمريديه يعلمهم في أصول دينهم ، وظل الدسوقي يشغل منصب شيخ الإسلام حتى توفى السلطان بيبرس ثم اعتذر عنه ليتفرغ لتلاميذه ومريديه.
وكان للدسوقي مكاتبات يرسلها إلى الأمراء وغيرهم لقضاء حوائج الناس، فيها من المواعظ ما يبهر الألباب من العلوم والحقائق والأسرار وحلاوة اللفظ والهيبة التي تجدها عند ذكرك لكلامه واستماعك إياه، وكان شأنه إذا أراد أن يكتب افتتح الكتابة بقوله " هذا مما فتح الله به من فواتح الغيب من معرفة النفس في حضرة القرى "، فوقع أنه غلظ القول في رسالة أرسلها للسلطان الأشرف خليل بن قلاوون فغضب السلطان من كلام الدسوقي.
وبعث إليه السلطان بعض أمرائه، فلما نصب خيمته على شاطئ النيل واستدعى الدسوقي فأرسل له أن أجلس في خيمتك فلم يقدر على الحركة، فمكث فيها أيامًا وأبطأ على السلطان خبر قاصده، فأرسل إليه سباعًا بسبع عظيم، فلما قدم السبع على المكان الذي فيه الدسوقي انقطع الطوق في رقبته ومن السلسلة من يد السباع، فأمر الشيخ بتعليقها في المحراب الذي يصلي فيه، فخشي السباع على الدسوقي وما علم الحال، فقال له الدسوقي دعه فإنه لا يفترس إلا الغافل، فله يسلسله بعد ذلك وبعد ذلك حضر له السلطان الأشرف معتذرًا وسأله أن يطلب بلادًا من بيت المال يوقفها عليه فقال له الدسوقي هذه الجزيرة إذا دبر أمرها كفت الفقراء، وبشره الدسوقي بالنصر على الصليبيين، ففتح الله على يد الأشرف عكا، وبعد ذلك يكتب الأشرف للدسوقي " مملوكك خليل".
عاش من العمر 43 عامًا وتوفي في 696هـ
أما مسجده فمر بمراحل عديدة ومختلفة على مر العصور ، ففي حياة سيدى إبراهيم الدسوقي كان في البداية عبارة عن خلوة صغيرة يختلي فيها، ولما سمع السلطان بيبرس البندقداري بعلم الدسوقي وتفقهه قرر السلطان بناء زاوية يلتقي فيها الشيخ بمريديه يعلمهم في أصول دينهم، وعندما زار السلطان الأشرف خليل بن قلاوون "690 – 693 هـ" القطب الدسوقي أمر بأن يبنى له زاوية صغيرة بجوار الخلوة، ولم يتبق من هذه المرحلة أي شيء في المسجد، وفي العصر المملوكي الجركسي أمر السلطان قايتباي "872 – 901هـ" بتوسعة المسجد وتجديده وبناء قبة ضريحيه تليق بالشيخ الدسوقي، وكان به نحو 50 عمودًا رخاميًا تحمل عقودًا يرتكز عليها السقف الخشبي وأضاف منبرًا، وكتب على المحراب "أمر بإنشاء هذا الجامع الشريف السلطان قايتباي عز نصره"، وأقام للمسجد مئذنة كانت تثير العجب وأقام قبة على الضريح وكان بالقبة قفص خشبي بداخلة صندوق الضريح "يقصد أوليا من ذلك المقصورة الخشبية".
وذكر الجبرتي بأن إسماعيل ابن إيواظ المتوفي عام 1135هـ / 1723م قام بإنشاء مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي في دسوق، وفي عهد الخديوي إسماعيل تم عمل عمارة عظيمة للمسجد وتم رسم المسجد أيام تولي علي باشا مبارك الأوقاف المصرية وتمت عمارته وكان له مئذنتان وذلك عام 1293هـ / 1876م ، كما قام إبراهيم باشا بن إسماعيل بتجديد كسوة ثمينة للضريح، وتمت العمارة في عهد الخديوي توفيق عام 1303هـ / 1885م على مساحة 3000م2 .
وفي عام 1969م في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تم تجديد المسجد بهدم الميضأة التي تتقدم المسجد من الناحية الجنوبية الشرقية وزيادة المسجد من جهة القبلة وأصبحت مساحة المسجد 6200م2، وتم استبدال السقف الخشبي بسقف خرساني وتم تغطية صحنه الأصلي وهدم المحراب القديم، وافتتح هذا التجديد وهذه الزيادات الرئيس الراحل أنور السادات عام 1978م.
ويغطي الضريح الشريف لسيدي إبراهيم الدسوقي حالياً مقصورة نحاسية بديعة الصنع تم إضافتها في عهد الخديوي إسماعيل، أما المقصورة الخشبية التي كانت على المقام فتم نقلها على مقام سيدي أبي العمران وسي شقيق سيدي إبراهيم ووارث طريقته .
ويقام للدسوقي مولدًا هو الأشهر في تاريخ كفر الشيخ كل عام، يأتي إليه وفود من كافة الدول العربية والإسلامية، ويشهد توافد المئات من المواطنين يوميًا للتبرك به وفك المس وعقد الزواج.