كفر الشيخ ـ سمر محمد
لم يعرف أبناء محافظة كفر الشيخ، المشتهرين أو العاملين فى مجال صناعة "السفن والمراكب" عبر التاريخ معاناة كتلك المعاناة التي عرفوها خلال سنوات قليلة ماضية، تحطمت أحلامهم بعد إهمال الدولة لهم، مهنة تركها أبناءهم وكرهوها لعدم جدواها، فبعد أن كان البحر هو الرفيق الأول لصيادي كفر الشيخ، أصبح الأن هو العدو الأول لهم فهجروا مهنة الصيد بعدما نهب "الحيتان" خيرات بحيرة البرلس، وأثر ذلك على صناعة المراكب والسفن.
وكانت مراكبهم المصنوعة محليًا وسيلتهم الوحيدة، لكسب الرزق وتوفير حياة كريمة لأبناءهم، ولذلك برع أبناء مدينة برج البرلس وقريتي برج مغيزل والجزيرة الخضراء التابعتين لمركز مطوبس في صناعة السفن والمراكب البحرية والسياحية، واشتهروا بصناعة المراكب والسفن الشراعية الخشبية منذ قديم الزمان.
وبرع أبناء المحافظة في مهنة صنع المراكب والسفن، حيث وشاع ذكرهم إلى الدول الأخرى كأوروبا واليونان وتونس وقبرص وكان من أبرز أسباب براعتهم في هذه المهنة هو احتياجهم الحقيقي لهذه السفن حيث كانوا يعتمدون عليها كثيرًا عندما كان البحر مصدر الرزق الأول لهم فكانوا يمارسون صيد الأسماك .
وكشف عبدالرازق نافع، أحد اشهر أصحاب صناعة المراكب والسفن في كفر الشيخ، أن المهنة في طريقها للاندثار بعدما هرب الصيادون من البحر نظرًا لقة الرزق، وكان الصيادين يلجاون إلينا لتصنيع المراكب التي يسافرون بها سواء في المياه الإقليمية أو الدولية لبعض الدول في رحلات صيد، إلا أنه مع قله الرزق أصبحت المهنة مُهددة بالانهيار.
وأضاف عبد الرازق أن هناك أنواع من المراكب وكل نوع مخصص للاستخدام في شيئ معين فهناك الفلوكة التي تعمل بالشراع الصغير وتستخدم أشكالًا عديدة للصيد بالشباك وهناك السمبك وهو زورق صغير وخفيف لصياد واحد يعمل به منفردًا وهناك أنواع فلايك أخرى تستخدم في نصب شبك الترقيد أو شبك اللفة والشوري إضافة إلى المراكب الكبيرة والشراع المثلث والمراكب التي تستخدم كشاحنات لنقل العديد من الأسماك والاستخدامات الأخرى كنقل البوص الذي يستخدم في الكثير من الصناعات.
وأوضح عوض الدسوقي، أحد العاملين في ورشة لتصنيع المراكب والسفن، أن العمل في المهن لم يعد يُجدى الأن بسبب إحجام الصيادين وأصحاب المراكب عن شراءها، مؤكدًا أن المراكب الحديدية هي التي تُجني ربحًا قليلًا عن المراكب الخشبية. وأضاف الدسوقي، أن صناعة السفن الخشبية تستلزم الأمانة والمهارة، لأن أي خطأ في التصنيع يؤدي بالسفينة إلى الغرق، وتبدأ مهمة التصنيع بتوفير المواد الخام، ثم البدء في وضع التصاميم المتعلقة بنوعية السفينة، فتوضع القاعدة الأمامية أولاً، ثم القاعدة الخلفية، بعد ذلك توضع الألواح الجانبية، ثم الأضلاع الداخلية، ثم يتم عمل السطح، ومن ثم تكملة الجوانب، وبعد الانتهاء من ذلك نقوم بعمل التشطيبات التي تأخذ وقتًا كبيرًا في العادة. وبعد الانتهاء منها تمامًا تتم صناعة الشراع من أحد أنواع النسيج الذي يسمى "الغزل" ويتم تفصيل الشراع بالشكل المناسب وتقوى حوافه بالحبال السميكة، وتتم خياطة جميع حواف الشراع لضمان تماسكه.
وتابع أشرف عبدالله، أحد العاملين في ورش تصنيع المراكب والسفن قائلًا "يختلف الوقت اللازم لبناء سفينة أو مركب، كون هذا الأمر يعتمد على نوعيتها ومواصفاتها، إضافة إلى حجمها وعدد العاملين بها فهناك مراكب كبيرة تأخذ عام كامل في التصنيع وأخرى تأخذ 6 أشهر. وواصل عبدالله قائلًا "بالرغم من استمرارية وجود المراكب في المنطقة، إلا أنها لم تعد تصنع من الخشب، حيث أن البعض يفضل الحديد، لكنها إندثرت ولم يعد يذكرها أحد، إلا بقية من الجيل مازالوا يضربون بعرقهم في الخشب "ناحتين" بذلك أجمل القوارب البحرية المصغرة، لتبقى كرمز. وطالب العاملون في صناعة السفن الجهات التنفيذية بإعادة إحياءها حيث أنها كانت توفر الالاف من فرص العمل .