القاهرة – أحمد عبدالله
يمر على البرلمان المصري يومًا استثنائيًا بامتياز واحد أكثرهم خطورة وتأثير، بعد ثورة 30 يونيو/حزيران ، حيث أن المجلس الذي يترأسه على عبدالعال بعدما انتفض على واقع التفجيرات الدامية ضد الكنائس الأحد، استيقظ الأثنين ليتخذ مجموعة من القرارات المؤثرة وغير المسبوقة.
ورصدت "مصر إلىوم" أبرز محطات إلىوم الفارق ، والتي بدأت بدخول البرلمان طرف لمناقشة اتفاقية "تيران وصنافير" التي شهدت رأي قضائي صريح بحسم تبعيتهم إلى مصر ، والموافقة على تسريع إجراءات التقاضي بقانون "الإجراءات الجنائية" ، واستعجال قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وإعلان مراقبة مواقع التواصل الإجتماعي.
وبدا الاثنين هادئًا للغاية داخل أروقة البرلمان حتى انتصفت الظهيرة ، حيث أن أحد من النواب لم يأت باكرًا ، واقتصرت الحركة والنشاط داخل البرلمان صباح الاثنين ، الأحداث المتطرفة ، وإعلان الطوارئ في البلاد ، على موظفين وعمال البرلمان، لتصل إلى المجلس أولى الأخبار اللافتة ، وزيري الداخلية والعدل يعتذران عن الحضور إلى المجلس بسبب إنشغالها ، رغم توجيه الدعوة لهما رسميًا من قبل "اللجنة العامة" في البرلمان ، برئاسة عبدالعال مساء الأحد.
وبدأت أولى لجان البرلمان "القوى العاملة" لتحمل خبر "تأجيل تمرير علاوة الموظفين بسبب الأحداث، حيث أكد وكيل اللجنة محمد وهب الله أن الأحداث المتطرفة أت لتعديل في جدول الجلسات العامة والتي كان من المقرر أن يناقش فيها عموم النواب مسألة العلاوة ، محل الجدل، لرفض الحكومة زياداتها، وأن الأربعاء المقبل هو المقرر لمناقشتها ، كما وجه نواب لجنة الصحة اللوم والتعنيف إلى الحكومة ممثلة في وزارة الصحة، حيث أكد النواب أن هناك حالة "تعتيم" من جانب الوزارة على "فيروس غامض" في منطقة شبرا الخيمة، وأن الأعلام أول من تحدث عن المسألة ولازالت الحكومة مصرة على النفي.
وتأخرت الجلسة العامة للبرلمان لمدة ساعتين كاملين، ثارت فيهم تكهنات بأن رئيس المجلس علي عبد العال ذهب بصحبة رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل ، إلى مقر رئاسة الجمهورية، لمناقشة أمر سيتضح فيما بعد أنه لن يقتصر على تسلم البرلمان إعلان رئيس الجمهورية حالة الطوارئ.
وعاد عبدالعال إلى المجلس ليفجر مفاجأة مدوية من العيار الثقيل ، حتى قبل أن يعلن وصول قرار إعلان الطوارئ ، فقد أحيلت اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المعروفة باتفاقية تيران وصنافير، إلى اللجنة التشريعية لبدء مناقشتها، وهو ما أثار ردود أفعال متباينة بين النواب، حيث بدى البعض غير مستغرب ، وكشف آخرون عن حالة ذهول، وصلت إلى تلويح أحدهم بالاستقالة حال تم تمرير الأتفاقية وهو النائب هيثم الحريري.
أعلن عبد العال بعد همهمات النواب وتساؤلاتهم الجانبية بشكل خفي، دعوة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، للحضور إلى المجلس من أجل عرض رؤية الحكومة في شأن طلب إعلان حالة الطوارئ، ليرفض بعدها رئيس البرلمان تعليق أي من النواب على حادث الكنائس، مكتفيًا بقوله "الحزن بادي على الوجوه، ليقطع بذلك الطريق على نواب إئتلاف 25-30 المعارض، واللذين تحفزوا لشن هجوم على وزارة الداخلية واتهامها بالتقصير الأمني في التفجيرات المتطرفة".
وقدم النائب الصحافي عبدالرحيم شكاوى عدة أبرزها "انتهاك الدستور" ، بسبب مصادرة عدد من صحيفته الخاصة ، التي احتوت على مطالبة بإقالة وتغيير وزير الداخلية، عبدالرحيم علي ، مضيفًا "إلى هذا الحد الاستهانة بالدستور، إلى هذا الحد تصادر صحيفة لأنها تحدثت عن تقصير أمني، وطالبت بإقالة وزير الداخلية، وصل الحد المسموح بالانتقاد في مصر إلى أن تصبح أقل من الوزير، أهذا يعقل" ، كما
انتقد عدم حضور وزيري الداخلية والعدل ، إلى البرلمان ، كما أعلنت اللجنة العامة في المجلس في وقت سابق ، قائلًا "اتحداكم أن يحضر وزير الداخلية إلى مجلس النواب".
وتوالت بعد ذلك سلسلة من القرارات الهامة، التي بدأت بالموافقة على تعديلات قانون التظاهر، والتي جاءت فلسفتها لتمنح مزيد من الصلاحيات للقضاة لمنع أو إرجاء أو تعديل مسار أو مكان التظاهرة، واتاحة الفرصة أمام وزير الداخلية أو مدير الأمن التقدم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية، في المحكمة الابتدائية المختصة لإلغاء أو إرجاء التظاهرات، حال توافرت دلائل عن وجود ما يهدد الأمن والسلم.
ووافق البرلمان بعدها على تعديل قانون الإجراءات الجنائية ، والمقدم بمعرفة الأغلبية البرلمانية المؤيدة تحت القبة ، "دعم مصر" من خلال النائب صلاح حسب الله، وهو القانون الذي سبق وأن طالب بتعديله الرئيس السيسي عقب اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وعقب تفجيرات الكنيسة البطرسية في ديسمبر/كانون الأول الماضي ، ويهدف التشريع لتسريع إجراءات التقاضي لمواجهة الظروف الطارئة وأبرزها قضايا التطرف ومعالجة الثغرات التي تعمل على مد التقاضي.
ووجه عبدالعال "تهديدات مبطنة" إلى الصحافة والإعلام في البلاد ، بتحذيرهم من أن قانون الطوارئ الذي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي العمل به سيشمل كل ماينشرونه ويبثونه ، لافتًا إلى أن القرار الذي تم تطبيقه منذ الساعة الواحدة ظهر الاثنين، يتطلب من المؤسسات كافة الالتزام به ، حرصًا على المصلحة العليا للوطن، وفي حالة الطوارئ تطبق على وسائل الإعلام والصحافة ، موضحًا أن قانون الطوارئ ينص على ضبط الأداء الإعلامي والصحافى للحفاظ على الأمن في الشارع المصري ، وأي شخص سيخرج عن منظومة الطوارئ سيتم تطبيق القانون عليه.
وأشار عبدالعال إلى أن القانون ينظم إليات العمل حول مواقع التواصل الاجتماعي وأي استعمال سيئ لها سيضع أصحابها تحت طائلة القانون ، كما أن الدول الأوروبية كافة تنظم إليات العمل الإعلامي والصحافي ، مؤكدًا احترام الدولة لحرية الصحافة والإعلام، لكن البعض يحاول الخروج عن القانون وهو أمر غير مقبول ، ليركز حديثه بشكل أكثر وضوحًا على موقعي "فيسبوك" و"يوتيوب" وغيرهما من المواقع التي تبث أخبارًا للتواصل بين المتطرفيين سيتم مراقبتها جيدًا في ظل حالة الطوارئ ، ليعلن بعدها أن قانون الهيئات الإعلامية سيتم إقراره رسميًا من رئيس الجمهورية خلال اليوم أو غد على الأكثر، مطالبًا النواب بسرعة إعداد قانون تنظيم الصحافة.
وإختتم عبدالعال حديثة ، لافتًا إلى انسحاب النائب القبطي جون طلعت من الجلسة العامة اليوم، اعتراضًا على إدارة الجلسة وعدم منحه الكلمة للتعليق على حادث انفجار كنيستي طنطا والاسكندرية الأحد ، فيما قال طلعت إن الموضوعات التي طرحت للمناقشة في بداية الجلسة، تمثل استهانة بالقضية والأحداث التي وقعت وكان يجب مناقشة الحادثتين في الجلسة.