القاهرة- محمد التوني
شنّ برلمان 30 يونيو في مصر، برئاسة الدكتور علي عبد العال، حملة متواصلة لاقتفاء أثر جماعة الإخوان المسلمين، التي وصلت إلى حكم مصر في أعقاب ثورة 25 يناير، في معاداة لكل مؤسسات الدولة. فعندما تولّت جماعة الإخوان الحكم برئاسة محمد مرسي العياط المحبوس حاليا، لم تترك مؤسسة من مؤسسات الدولة إلا وطالتها سهام الجماعة، سواء كان القضاء أو الإعلام والداخلية والأزهر الشريف، وهو ما ترتب عليه حالة رفض شعبي، دفع الشعب المصري إلى الخروج في 30 يونيو/حزيران وتم إزاحة الجماعة من الحكم، وإيداع قادتها في السجون.
ويبدو أن برلمان 30 يونيو لم يتعلم الدرس، مِن أن مَن يعادي الجميع لن يكتب له النجاح، فدأب برلمان الدكتور علي عبد العال، منذ أولى جلساته في يناير/كانون الثاني قبل الماضي، على مهاجمة الإعلام، ووصل الأمر إلى اتهام الإعلاميين بالعمالة والخيانة، وكثير من الصحف تم مصادرة أعداد منها، فضلا عن وقف برامج تليفزيونية لم يرق مقدموها لأعضاء البرلمان المصري.
عداء البرلمان للإعلام لم يكن لتجاوزات ممنهجة ضد الدولة كما ادعى الدكتور علي عبد العال ونوابه خصوصا من أعضاء ائتلاف دعم مصر، لكن كان العداء في صورة انتقامية من وسائل الإعلام، التي فقط تقوم بدورها في انتقاد بعض سياسات البرلمان. ولم يفوِّت "عبد العال"، وعدد من النواب، فرصة أو مناسبة، إلا وصب سخطه وهجومه على وسائل الإعلام بأشكالها كافة، ووصل الأمر به إلى أن حمَّل الإعلام مسؤولية بعض الحوادث الإرهابية التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة.
ولم يتوقف صدام برلمان علي عبد العال عند الإعلام، بينما وصل الأمر إلى القضاء، على الرغم من الإشادات المتكررة من المجلس بنزاهة واستقلالية القضاء، إلا أنه يبدو أن البرلمان ينطبق عليه مقولة "اسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك استعجب"، ففي الوقت الذي يتغنى فيه البرلمان بنزاهة واستقلالية القضاء، لم يعط المجلس لنفسه فرصة لمراجعة أصحاب الشأن في القانون الخاص بهم، وتم تمرير القانون دون الرجوع للهيئات القضائية.
ولم يفكر البرلمان في تصحيح الموقف، بينما لم يلتفت كذلك لملاحظات مجلس الدولة والتي كانت واضحة بأن التعديلات كافة التي أدخلت على القانون جاءت بالمخالفة لنصوص الدستور، وتتعارض مع مبدأ استقلال القضاء، وكذلك مبدأ الفصل بين السلطات.
وتم تمرير القانون، دون الأخذ بمطالب عدد كبير من أعضاء المجلس بالتصويت على القانون نداء بالاسم، إعمالا للائحة البرلمان، خصوصا وأن القانون من القوانين المكملة للدستور، التي تستوجب موافقة ثلثي الأعضاء. ويجهز البرلمان معركة أخرى مع الأزهر الشريف، بطلها هذه المرة النائب محمد أبو حامد، الذي تقدم بمشروع قانون الأزهر الشريف، يعطي الحق لرئيس الجمهورية في اختيار شيخ الأزهر، بل ومحاسبته، بالمخالفة للدستور الذي نص كذلك على استقلالية مؤسسة الأزهر.