القاهرة - أحمد عبدالله
ألقى رئيس مجلس النواب المصري، الدكتور على عبد العال، كلمة، بمناسبة الاحتفال بمضى 150 عامًا على الحياة النيابية المصرية، صباح الأحد، في مدينة شرم الشيخ. وقال: "يحتفل مجلس النواب اليوم بمضى 150 عامًا على الحياة النيابية المصرية، بإنشاء أول مجلس نيابي مصري يمتلك صلاحيات نيابية، عام 1866، واسمحوا لى أن أتوجه بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، لتفضله بافتتاح ورعاية احتفاليتنا، والشكر موصول لضيوف مؤتمرنا، الذين تحملوا مشقة الحضور والمشاركة، وشرفونا بحضورهم، ومصر إذ تحتفل معكم اليوم بهذه المناسبة، فإنها لا تسترجع ماضيها، وكفاح شعبها على طريق الديمقراطية فحسب، بل تبعث أيضًا برسائل إلى العالم بأسره، بأنها ماضية فى طريقها، مدافعة عن قيمها، متمسكة بثوابتها".
وأكمل بالقول: "مضى على الحياة النيابية المصرية 150 عامًا، تقف شاهدةً على وقائع ذات أثر بالغ في الحياة السياسية والنيابية في مصر، مصر التي عرفت التنظيم السياسي لأول دولة فى التاريخ، وقدمت للإنسانية أقدم النظم التشريعية والإدارية، وفي التاريخ الحديث، في عام 1919، اندلعت الثورة المصرية، مطالبة بالحرية والاستقلال، وإقامة حياة نيابية ديمقراطية، واستنادًا إلى ذلك الواقع، تم وضع دستور للبلاد، عام 1923، أخذ بالنظام النيابيث البرلماني، محاكيًا بذلك أحدث النظم البرلمانية الأوربية، السائدة في ذلك الوقت، حيث نظم جميع قواعد الديمقراطية، والحكم الرشيد، فتضمن مبدأ الفصل بين السلطات، مع التعاون بينها، وقرر مبدأ تلازم السلطة مع المسؤولية، فجعل الوزارة مسئولة أمام البرلمان ، كما أخذ بنظام المجلسين، الشيوخ والنواب، وأكد على احترام الحقوق والحريات، وقرر استقلال القضاء.
وأضاف: "وبعد قيام الثورة في 23 يوليو / تموز 1952، كان واحدًا من نتائجها إصدار دستور جديد للبلاد، عام 1956، والذى على أساسه تم تشكيل أول مجلس نيابي، بعد إعلان الجمهورية، أطلق عليه اسم "مجلس الأمة"، ثم جاء دستور 1971، ليطور من دعائم النظام النيابي الديمقراطي، فأقر نظام التعددية الحزبية، حيث شهدت هذه الفترة انتخابات تشريعية، على أساس تعدد المنابر، وفي عام 1980، أُنشئ مجلس الشورى، بموجب تعديل دستوري، تم فيه توسيع دائرة المشاركة السياسية والنيابية، بما يحقق التكامل بين غرفتىّ البرلمان، ويطور من أدائهما، مضيفًا بالقول: "لقد شهدت مصر، في مرحلة ما بعد ثورتي 25 يناير / كانون الثاني 2011، و30 يونيو / حزيران 2013، تطورات سياسية مهمة، وحراكًا جماهيريًا فاعلاً، أسفر عن دستور جديد للبلاد، أقره الشعب في 18 كانون الثاني عام 2014، ليرسم قواعد بناء دولة ديمقراطية حديثة، تقوم على التعددية، ونبذ الطائفية، لا تنتقص من الحقوق، ولا تجور على حريات الأفراد، وتدافع عن استقلال القضاء".
واستطرد بالقول: "وأتت نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في ظل الدستور، لتؤكد على طبيعة هذه المرحلة، ومتطلباتها الأساسية، وأهمها وضع السياسات والبرامج التنفيذية، التي تمكن لانطلاقة جديدة في العمل والإنتاج، وتعيد رسم ملامح مصر الحديثة، وفقًا لما جاء في الدستور الجديد، وفي ظل رقابة برلمانية واعية، وشهد العالم على نزاهة هذه الانتخابات، وأشاد بها، وأكد أنها تطور مهم وتاريخي في العملية السياسية المصرية، والحياة النيابية، التي تمتد بجذورها إلى 150 عامًا مضت، ولقد مكن هذا الدستور المرأة، بتوسيع نطاق الخيارات والبدائل أمامها، لانخراطها فى عملية صنع القرار السياسي، وها نحن نرى اليوم تمثيلاً متميزًا للمرأة في البرلمان ، حيث وصل عددهن إلى 90 نائبة، كما مكن هذا الدستور للشباب، وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأضاف رئيس مجلس النواب بالقول: "لا شك أن الحديث عن الشباب هو حديث عن المستقبل، خاصة أنهم الشريحة العمرية الأكبر فى مصر، وهو توجه تحقق بالفعل على أرض الواقع ، بوجود 60 نائبًا في مجلس النواب تحت سن الـ 35 سنة، و125 نائبًا من سن 36 إلى 45 سنة، كما شغل عدد منهم مواقع معاونين للوزراء والمحافظين، وكذلك كفل الدستور تمثيل الشباب فى المحليات، التي هي الأقرب لمشكلات وهموم المواطن المصري، وهكذا، يتضح بجلاء أن مصر قد أتمت، بتشكيل مجلس النواب، إعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية، وبالرغم من تعرض مصر لتحديات داخلية وخارجية هائلة، خلال هذه الفترة، كان من الممكن أن تؤدي إلى إسقاط الدولة، وإشاعة الفوضى والإرهاب فى البلاد، إلا أن ذلك لم يدفع مصر إلى اتخاذ أي تدابير استثنائية، ولم تتأخر مصر عن القيام بدورها، القومي والإقليمي والدولي، في السعي لحل المشكلات العالقة في المنطقة، ومد يدها لدول العالم في إرساء قيم الأمن والسلام، ومكافحة أشكال العنف والإرهاب.
وأكد "عبد العال بالقول: "إن الاستقرار هو ثمرة التنمية، فعلينا متابعة تنفيذ خطط التنمية المستدامة، وضمان تطبيق التشريعات المتعلقة بتحقيق هذه الأهداف، داخل كل دولة من دولنا، وتعديل تلك التشريعات كلما استلزم الأمر، ولعل أبرز التحديات التى تواجه التنمية المستدامة ظاهرة الإرهاب، التي أدى انتشارها إلى أن أصبح العنف واجهة رئيسية في العالم، وأصبحت خطرًا داهمًا يهدد أمن واستقرار الجميع، فلقد أتى الإرهاب على بعض البلدان، بسفك الدماء، وتفجير المساكن والمركبات والمرافق، وهو إفساد وإجرام، تأباه الشرائع السماوية جميعها، وعلى الدول والقوى الأجنبية، التي تتدخل بغير وعي في شؤون المنطقة، مدفوعة بمصالحها، الانخراط فى حوار جاد، والدخول في عملية تشاورية وتوافقية، تستهدف إعادة الاستقرار إلى ربوع المنطقة، والحفاظ على مؤسسات دولها من خطر التفكك، والعمل بكل جد على التوعية بسماحة الأديان السماوية، والقيم الإنسانية، التى تنبذ سفك الدماء بغير حق، أو إهدار القيم والمبادئ، وتعمل على تجفيف منابع الإرهاب، واجتثاثه من جذوره.وهذا ما يدعونا جميعًا، كبرلمانيين، أن نولى هذه الظاهرة اهتمامًا خاصًا، بإعادة النظر فى تعريف الإرهاب، وصوره وأشكاله المختلفة، وتحديد الأساليب القانونية لمواجهته، وتحديثها أولاً بأول، وذلك كله بما يحفظ التوازن بين ضرورات المواجهة، ومتطلبات الدولة القانونية".
وأوضح رئيس البرلمان المصري بالقول: "بحكم مسؤولياتنا تجاه شعوبنا، علينا أن نعبر عن رؤيتنا لصالح الشعوب التي نمثلها، وأحسبُ أن هذه الرؤية يجب أن تعتمد على مجموعة من الثوابت والمحاور، من أهمها:
أولاً: أن البرلمان كمؤسسة منتخبة يجب أن يبقى دومًا مدافعا عن التجربة السياسية، والقيم الديمقراطية فى البلاد، حاميًا للدستور والقانون، مفعلاً لصلاحياته الرقابية والتشريعية، مؤكدًا على مبدأ الفصل بين السلطات، وحماية مؤسسات الدولة، والذود عن مصالح الشعب.
ثانيًا: إن البرلمان يجب أن يكون داعمًا للحقوق والحريات، رافضًا كل أشكال الإقصاء، مؤكدًا على ضمان حقوق المرأة، وذوي الاحتياجات الخاصة، متعهدًا برفض كل أشكال التمييز الديني أو الطائفي.
ثالثًا: التأكيد على رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بأي صورة من الصور، وضرورة احترام سيادتها، ومطالبة الدول المعنية، بالتوقف عن سياسة التحريض.
رابعًا: التأكيد على ديمقراطية العلاقات الدولية، وعدم السماح بانفراد دول معينة بإصدار القرار، الذي يتحكم فى مستقبل البشرية، وحقوق الشعوب.
خامسًا: التأكيد على احترام الشرعية الدولية، نصًا وروحًا، وعدم ازدواجية المعايير، وهنا يجب العمل على نزع أسلحة الدمار الشامل، تحت إشراف الأمم المتحدة.
سادسًا: التأكيد على أهمية استفادة جميع شعوب العالم بالثورة التكنولوجية، وجعلها محورًا للتنمية، وتضييق الهوة بين من يملكون تكنولوجيا للتقدم، وبين المحرومين منها.
سابعًا: حل مشكلة الديون، التى تضعف مسيرة الدول النامية، وتعطل آمالها فى الحياة الكريمة.
ثامناً: تعميق دور الدبلوماسية البرلمانية، في العلاقات الدولية، والعمل على تطوير الاتحاد البرلماني الدولي، ليكون أكثر فعالية، في تحقيق البعد البرلماني للتعاون الدولي".
واختتم حديثه بالقول: "مرة أخرى، أكرر سعادتنا البالغة بتشريف السيد الرئيس، بافتتاح هذه الاحتفالية، ونرحب أيضًا بضيوف مصر الكرام، ونرجو لهم طيب المقام في مدينة شرم الشيخ، تلك المدينة الساحرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".