القاهرة - محمود حساني
تُسدل محكمة النقض ، خلال أسابيع قليلة ، الستار على أكثر من 250 طعنًا مقدمة من مرشحين خاسرين في حق 150 نائبًا في البرلمان، ابرزها طعن المرشح الخاسر الدكتور عمرو الشوبكي ، ضد البرلماني أحمد مرتضى منصور عن دائرة الدقي والعجوزة ، والتي كان مقرر أن تفصل فيها يوم 15 آذار/ مارس الجاري ، إلا إنها قررت تأجيلها لاستكمال باقي عمليات فرز أصوات الناخبين ،ويواجه البرلماني " سعيد حساسين " عن دائرة كرداسة التابعة لمحافظة الجيزة ، أكثر من 13 طعنًا مقدمة من مرشحين خاسرين.
ويعد الطعن المقدم من قائمة" نداء مصر " ، ضد قائمة " في حب مصر " ، والمطالب بإلغاء نتيجة فوزها عن قطاع جنوب ووسط وشمال الصعيد ، هو الأهم والأبرز ، نظرًا لكون هذه القائمة ، والتي يتزعمها البرلماني سامح سيف اليزل ، يُشكل أعضائها أغلبية داخل البرلمان ، وينبثق منها رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال ، ووكيل المجلس السيد محمود الشريف ، ورؤوساء اللجان النوعية ، ويرى خبراء وفقهاء قانونيون حال صدور حكماً من محكمة النقض يقضي بإلغاء نتيجة فوزها ، قد يكون البرلمان معرضاً بأكمله إلى الحل .
ويعد الفصل في عضوية أعضاء البرلمان ، اختصاص أصيل لمحكمة النقض ، تختص به دون غيرها ، وهو حق مخول لها بموجب الدستور المصري المعدل في عام 2014 ، والذي نص في المادة 107 بقوله "تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب، وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخاب، وتفصل فى الطعن خلال ستين يومًا من تاريخ وروده إليها. وفى حالة الحكم ببطلان العضوية، تبطل من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم ، وتعد الأحكام اصلادرة من محكمة النقض- أعلى سلطة قضائية في البلاد- أحكاماً نهائية وواجبة النفاذ بمجرد صدورها أو الاخطار بها ، وغير قابلة للطعن عليها بأي وسيلة قانونية.
وفي ظل البرلمانات السابقة ، كان الفصل في عضوية أعضاء البرلمان ، من اختصاص محكمة النقض ، غير أن الأحكام الصادرة منها لم تكن لها حجية ، حيث كانت تنص اللائحة الداخلية آنذاك ، للمجلس النواب الحق في تنفيذ الأحكام الصادرة منها أو عدم تنفيذها ، حيث شهدت البرلمانات السابقة ، ولعل أبرزها برلمان "2005 و2010 " ، صدور العديد من الأحكام القاضية بالغاء عضوية مئات النواب أغلبهم من أعضاء الحزب الوطني المنحل ، غير أن هذه الأحكام لم تكن تنفذ وكان يتصدى لها رئيس المجلس الأسبق الدكتور فتحي سرور بمقولته الشهيرة " المجلس سيد قراره " .
وأوضّح رئيس محكمة جنايات سوهاج الأسبق ، المستشار أسامة عبدالعزيز ، أن لمحكمة النقض لها الحق في إلغاء عضوية النائب إذا خالف شرط من الشروط الواجب توافرها في المرشح ، كتأدية الخدمة العسكرية ، وتقديم إقرار بالذمة المالية ، وشهادة طبية تثبت خلوه من إي مرض من الأمراض المانعة لترشح ، أو أن تكون العملية الانتخابية شهدت عوار أو أخطاء من شأنها التأثير على نتيجة الانتخابات ، في هذه الحالة لا يكون أمام محكمة النقض سوى قبول الطعن المقدم أمامها وألغاء عضوية ذالك المرشح ، ومن ثم لا يكون أمام البرلمان ، سوى تنفيذ هذا الحكم بمجرد الإخطار ، الذي بدوره يخطر اللجنة العليا للانتخابات ، لفتح باب الترشح من جديد في تلك الدائرة، وأضاف: حال صدور حكم ببطلان عضوية أحد النواب ، فإن النتائج التي ترتبت على اكتسابه العضوية والأعمال الصادرة منه ، تظل صحيحة ، فأحكام محكمة النفض لا تنفذ بأثر رجعي وإنما تنفذ منذ تاريخ صدورها .
ويرى استاذ القانون الدستوري في جامعة أسيوط ، ثروت عبدالعال ، أن المشرع أحسن صنعًا عندما جعل الفصل في عضوية النواب من اختصاص محكمة النقض ، وجعل دور المجلس قاصرًا فقط على تنفيذها ، خلاف دستور 1971 ، الذي توسّع في سلطات المجلس ، وأعطى له الحق في تنفيذ هذه الأحكام أو عدم تنفيذها .
وأكد عبد العال انه حال قبول الطعون المقدمة أمام محكمة النقض ، يتعين على الفور إتخاذ إجراءات تنفيذها ، والدعوة من جديد لفتح باب الترشح في تلك الدوائر ، أمام حال الفصل في عضوية الثلثين قد يكون البرلمان معرّضًا للحل بأكمله .