القاهرة-أحمد عبدالله
وقعت حالة تباين شديد بين نواب البرلمان المصري على إثر الإعلان عن عقد اتفاقية ضخمة في مجال الطاقة وتحديدًا الغاز الطبيعي، مع الطرف الإسرائيلي بقيمة 15 مليار دولار لمدة عشرة أعوام، فبينما رأي نواب في لجنة الطاقة بالبرلمان أن الصفقة تخص "القطاع الخاص" وأنها حتمية لتحول البلاد إلى "مركز إقليمي للطاقة"، أكد آخرون أن عقد أولى الصفقات في هذا المجال مع "إسرائيل" تقديرًا خاطئًا.
ودافع وكيل لجنة الطاقة في البرلمان، حمادة غلاب، عن الصفقة التي أبرمتها مصر مع إسرائيل بشأن استيراد الغاز الطبيعي، وقال إنها وقبل كل شيء تمت بمعرفة إحدى شركات "القطاع الخاص"، وأن الدور الحكومي اقتصر على إعطاء تأشيرة الموافقة فقط، معتبرًا أن تلك الاتفاقيات تضيف إلى رصيد مصر كمركز إقليمي للطاقة في المنطقة، وأن الحديث عن عدم صحة عقد الاتفاقية لايساعد البلاد في بلوغ طموحها الدخول ضمن منظومة الطاقة الدولية.
وتابع غلاب، في تصريحات خاصة لـ"مصر اليوم"، أن البلاد سيعود عليها النفع جراء هذه الاتفاقية، لأنها أولًا ستقوم بتشغيل مصانع "إسالة الغاز" الذي نستورده على غير حالة الإسالة، كما أن الكميات الواردة ستعبر من خلال الأنابيب والخطوط المملوكة للدولة ولها أجر خاص يتم تحصيله من القطاع الخاص، وبالتالي فعديد من الاستفادات المادية والمعنوية والفنية من تلك الصفقة.
وأشار غلاب إلى وجهات نظر مغلوطة بشأن الأمر، وأن حالة تعبئة شعبية تتم من خلال وسائل إعلام معادية لمصر، لاتنشر إلا الخطأ والمثير من الأخبار والتحليلات، مؤكدًا أن البرلمان بصدد عقد اجتماعات برلمانية خاصة بتلك الاتفاقية لأنه قد ورد بشأنها طلبات إحاطة غاضبة من نواب بالبرلمان، وأن الحكومة سيتم استدعائها ويكون لها حق الرد.
فيما فتح النائب محمد بدراوي عوض، عضو مجلس النواب، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية، النار على اتفاق الغاز الذي أبرم مؤخرًا بين شركات للقطاع الخاص بمصر ودولة إسرائيل، لتصدير الغاز الطبيعي لمصر، وجاء في تعليقه على الاتفاقية، أنها عبث من الحكومة، وعلى البرلمان الانعقاد الطارئ لنظر هذه الكارثة، لأننا بهذه الطريقة نعمل على دعم الكيان الإسرائيلي بـ15مليار جنيه من جيوب المصريين، لافتًا إلى أن قانون سوق الغاز الجديد سمح بمشاركة القطاع الخاص، ولكن ليس من الحنكة أن تكون أول اتفاقية جراء هذا القانون لدولة مثل إسرائيل، وأن تقوم بدور السمسرة لصالح هذه الدولة، قائلًا "مصر مش هتقوم بدور السمسرة في سوق الغاز"، مبينًا أن هذه الاتفاقية ضخمة جدًا، بـ15مليار جنية من جيوب المصريين لصالح الشعب الإسرائيلي مثلما تحدث رئيس وزرائه نتنياهو، وهذا عبث بحق الشعب المصري، مطالبًا بانعقاد البرلمان الطارئ لنظر هذا الأمر، متابعًا "الحكومة شريكة في اتفاق شركات القطاع الخاص والكلام عن أنه شغل شركات خاصة دون علم الحكومة مش صحيح...وكفاية لحد هنا عبث".
وقالت، الإثنين، الحكومة الإسرائيلية إنها وقعت صفقة "تاريخية" بمليارات الدولارات لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، وأعلنت شركة "ديليك دريلينغ" الإسرائيلية عن توقيع عقد لمدة عشرة أعوام، بقيمة 15 مليار دولار، لتصدير الغاز الطبيعي لمصر، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن الاتفاق لن يعزز اقتصاد وأمن إسرائيل فحسب، لكنه سيعزز أيضًا علاقاتها الإقليمية، واصفًا الاتفاق بأنه "يوم عيد".
وأضاف نتنياهو: "أرحب بهذه الاتفاقية التاريخية التي تم الإعلان عنها للتو، والتي تقضي بتصدير غاز طبيعي إسرائيلي إلى مصر. هذه الاتفاقية ستُدخل المليارات إلى خزينة الدولة، وستُصرف هذه الأموال لاحقًا على التعليم، والخدمات الصحية، والرفاهية لمصلحة المواطنين الإسرائيليين."
وجاء أول تعليق رسمي مصري على الصفقة على لسان المتحدث الرسمي لوزارة البترول المصرية حمدي عبدالعزيز، الذي شدد على أن وزارته ليس لديها تعليق على أي مفاوضات أو اتفاقيات تخص شركات القطاع الخاص بشأن استيراد أو بيع الغاز الطبيعي، وقال في بيان إنه "سيتم التعامل مع أي طلبات تصاريح أو تراخيص ستقدم من قبل القطاع الخاص وفقًا للوائح المطبقة".
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد افتتح في مطلع فبراير الجاري حقل "ظهر" للغاز الطبيعي، الذي اكتشفته شركة "إني" الإيطالية عام 2015، ويعد أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في مصر والبحر المتوسط، وقالت وزارة البترول المصرية إنه من المتوقع أن يرتفع إنتاج الغاز في حقل "ظهر" من 400 مليون قدم مكعب يوميًا، إلى مليار قدم مكعب في منتصف 2018. وسوف يساهم هذا المشروع الضخم في تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتداول الغاز والبترول بحلول العام المقبل.
ويبلغ إجمالي استهلاك مصر من الغاز الطبيعي نحو ستة مليارات قدم مكعب يوميًا، تستحوذ الكهرباء منها على نحو 65 في المئة، وتعوض "إيجاس" الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك باستيراد ما يتراوح بين 800 مليون و 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز، بإجمالي 220 مليون دولار لنحو ثماني شحنات شهريًا.
وتهدف وزراة البترول للوصول إلى ما يتراوح بين 6.3 إلى 6.5 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز، وذلك قبل منتصف العام الجاري، وهذا ما تسعى مصر لإنتاجه من حقل ظهر الذي سيوفر على البلاد نحو مليار دولار سنويًا.