منع إقامة موائد الرحمن في الميادين

 أثار قرار منع إقامة موائد الرحمن في الميادين والشوارع في مصر دون ترخيص، حالة من الغضب في الشارع المصري ومجلس النواب، كونها الملاذ للفقراء والمحتاجين وغير القادرين على تناول الإفطار في منازلهم.
وتمثلت أبرز الشروط الخاصة بإقامة موائد الرحمن في رمضان التي وضعتها وزارة التنمية المحلية، هو التقدم بطلب مدموغ من الحي التابع له، والتي ستقام المائدة في حيزه، وكتابة تعهد بأن تقام المائدة في مكان بعيد عن الطريق العام ولا تعطل حركة المرور، والحصول على موافقة بتوقيع من قطاع الحماية المدنية، لتأمين أرواح ضيوف المائدة من حدوث أي حرائق أو طوارئ، وكتابة تعهد بالتعاون مع هيئة النظافة بالحي، لمنع تراكم القمامة، والحفاظ على المكان، والحصول على الترخيص في غضون 3 أيام من تقديم الطلب مستوفيا التوقيعات والتعهدات السابقة، وأن يفضل إنشاؤها في الملكيات الخاصة، وعدم إقامتها أمام منشأة حكومية كالمدارس والمستشفيات.

بدأت الأزمة بعد التصريحات الصحافية التي خرج بها اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، بمنع إقامة موائد للرحمن، وفسر هذا القرار بعد هجوم ضارٍ على بعض مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية بأنه يقصد وصول الوجبات عن طريق مساعدات للأهالي في منازلهم.

وأشار إلى أن ما قاله حول منع موائد الرحمن تم فهمه بطريق الخطأ؛ حيث إن ما يقصده هو وصول المساعدات التي يهبها الأغنياء في هذا الشهر الكريم لمنازل الفقراء دون أن تُجرح مشاعرهم؛ فمنهم من يستحي الذهاب إلى هذه الموائد.

وتابع المحافظ أنه لم يمنع إقامة الموائد في بورسعيد، ولكنه وجه النصح والإرشاد إلى استبدالها بوصول وجبات هذه الموائد أو ما يقابلها من نقود إلى الفقراء؛ مشيرا إلى أنه بالفعل تمت الاستجابة لهذه الدعوة من قبل بعض رجال أعمال المحافظة.

من جانبه، طالب النائب سعيد حساسين، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب السلام الديمقراطي، الدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية، بالتراجع الفوري عن تعليماته حول إجراءات حصول المواطنين الراغبين في إقامة موائد الرحمن على التراخيص، بما لا يخالف التعليمات الصحية والأمنية وتكليفه للأحياء بقيام مفتشين لمراقبة الموائد وجودة الأطعمة بالتنسيق مع مديرية التموين والطب البيطري.

وقال "حساسين" في بيان عاجل قدمه للدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى وزير التنمية المحلية، إن التعليمات التي أصدرها الوزير ستقضي على إقامة موائد الرحمن في شهر رمضان المعظم، لأنها تتضمن شروطا تعجيزية خاصة خطوات الحصول على تصريح إقامة مائدة الرحمن.

وأكد فايز أبوخضرة، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، أن موائد الرحمن تعيد الألفة والروح الجميلة بين المواطنين، معلنًا رفضه قرار منع موائد الرحمن إلا بشروط، حيث إنها تفيد عددًا كبيرًا من عابري السبيل والفقراء.

وأشار "أبو خضرة" إلى أن بعض المسؤولين في السلطة التنفيذية يستكثرون على المصريين الفرحة والبهجة، في الشهر الكريم، وهذا القرار لا يختلف كثيرًا عن قرار منع مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح فجميعها قرارات شاذة لا أهمية لها.

ولفت أبوخضرة إلى أن موائد الرحمن محببة للمصريين، ولا يقوم بها رجال أعمال فقط، بل إن بعض المواطنين متوسطي الحال قد يقومون بعمل موائد مصغرة يقدمون الطعام فيها لأعداد بسيطة، كل على قدر استطاعته.
وقال أبو خضرة، إنه يجب تكثيف موائد الرحمن في المناطق الشعبية والأكثر احتياجاً وليس في المناطق المرفهة، وذلك لتجنب إهدار الطعام.

وقال النائب عمرو أبواليزيد، إن موائد الرحمن تظهر في مصر بحلول شهر رمضان بمساهمة أهل الخير، ولا داعي لإصدار قرارات ليس لها قيمة، لافتًا إلى أن هذا القرار يعتبر نوعًا من أنواع التعنت الإداري وهناك العديد من القرى والنجوع والمناطق شديدة الفقر في مصر تحتاج لإقامة عدد هائل من موائد الرحمن طوال الشهر الكريم.

وأضاف أبواليزيد أن هناك عددًا كبيرًا من الفقراء والمحتاجين في أمسّ الحاجة لتنظيم تلك الموائد، ولا يجب حرمانهم منها، ولا المبالغة في فرض شروط تضر بالفقراء والمحتاجين، وشدد على ضرورة عدم وضع عراقيل قد تفقدنا إحدى روحانيات الشهر الكريم.

ورصد "مصر اليوم"، وجود عدد من موائد الرحمن بالقاهرة، حيث التقى عددًا من المواطنين الذين أكدوا أنها أكثر ما يميز شهر رمضان في "لمته للناس"، معتبرين أنها ملاذ كل محتاج وعابر سبيل للحصول على وجبة جيدة في الشهر الكريم.

وقال أشرف علي، مواطن، إن مائدة الرحمن من أكثر ما يميز الشهر الكريم، ولا يجب إلغاؤها بأي شكل وتحت أي ظرف لأنها ملاذ كل محتاج وفقير يرغب في تناول "لقمة جيدة".

وأكد شعبان السيد، أحد مرتادي مائدة الرحمن، أنه يشعر في مائدة الرحمن بـ"اللمة الحلوة" بين المواطنين، فهي تشعره بقيمة رمضان وكرمه على الفقراء والمحتاجين.

ولفت مجدي يونس، أحد مرتادي المائدة، إلى أن عددًا كبيرًا من الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل وغير القادرين على تناول الإفطار في منازلهم وكذلك المغتربين، يلجأون لمائدة الرحمن في رمضان، للحصول على وجبة جيدة، وأي محاولة للتضييق على من يقيمونها، فهي محاولة لمحاربة الفقراء.

وظهرت موائد الرحمن في مصر في عصر أحمد بن طولون، وجاءت فكرتها عندما كان لديه عدد كبير من العمال يقومون ببناء مسجده الشهير، حيث كانوا يعملون حتى المغرب، وبدأ في عمل تلك الموائد لجمع العمال والفقراء، لتنتقل إلى الأحياء الراقية في الآونة الأخيرة، وهي ظاهرة إيجابية لتعزيز روح التعاون والخير بين المصريين.​