مجلس النواب المصري

كشفت مصادر برلمانية أن مجلس النواب "البرلمان"، يسير بقوة إلى محاربة "مشايخ الفتن" ومواجهة فوضى الفتاوى عبر عدد من مشاريع القوانين، في محاولة لضبط مشهد انفلات آراء بعض المشايخ، الذي يجتاح بعض الفضائيات في مصر.

وأضافت المصادر أن لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، حددت غرامة مالية كعقوبة لكل مَن يتحدث في الشأن الديني بوسائل الإعلام دون الحصول على ترخيص، وذلك ضمن بنود مشروع قانون "تنظيم الظهور الإعلامي لعلماء الدين".

ويأتي هذا في وقت ما زالت لجنة "لشؤون الدينية" تناقش مشروع قانون "تنظيم الفتوى العامة"، إلا أن مشروع القانون يواجه خلافًا، بعدما أرسلت هيئة كبار العلماء بالأزهر أخيرًا بعض التعديلات عليه، أبرزها رفضها أن "يكون للإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف أي اختصاص بالنسبة للفتوى العامة"، وهو ما يثير غضب وزارة الأوقاف التي تتمسك بوجود إدارتها بالقانون وعدم حذفها.

وتعاني مصر من ظاهرة الفتاوى العشوائية، بعد أن كثُر «المفتون» في الفضائيات ووسائل الإعلام‏، ولم تعد البرامج الدينية و"التوك شو"، وقفًا على الحديث في أمور السياسة والعبادات والأخلاق، بل تصدى دخلاء ممن لا تتوافر فيهم شروط الفتوى، إلى القضايا الكبرى والفتاوى المصيرية.

ويُشار إلى أن قانون «تنظيم الظهور الإعلامي» مقدَّم من أكثر من 81 نائبًا في البرلمان، وينص القانون الجديد على أنه "على كل مؤسسة إعلامية التحقق من حصول عالم الدين على ترخيص سارٍ قبل السماح له بالظهور إعلاميًّا للحديث في الشأن الديني".

وحدد القانون غرامة لا تقلّ عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه، لكل مَن قام بالتحدث في وسائل الإعلام، دون الحصول على ترخيص، أو أثناء إيقاف أو سحب الترخيص، وتُضاعَف العقوبة في حالة العود مرة أخرى للظهور.

كما حدد القانون الجديد شروط الحصول على الترخيص لظهور علماء الدين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، للحديث في شؤون الدين؛ بأن يكون مصري الجنسية، وحاصلًا على مؤهل علمي من جامعة معتَرَف بها، له صلة بالعلوم الدينية الشرعية، واجتياز امتحان إجازة الخطابة الدينية، وألا يكون قد سبق الحكم عليه في جنحة أو جناية تفقده الثقة والاعتبار، واجتياز الاختبارات التي تحددها لجنة "الشؤون الدينية".

كما ينص القانون أيضًا على إيقاف الترخيص أو سحبه، إذا أبدى رأيًا مخالفًا لصحيح الدين، أو منافيًا لأصوله أو مبادئه الكلية المعتبرة، إذا ترتب على آرائه إشاعة الفتنة بين أبناء الأمة.

ووافقت لجنة «الشؤون الدينية» في البرلمان على أن "تُعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه كل قناة فضائية أو مؤسسة إعلامية استضافت عالم دين غير حاصل على ترخيص، وتضاعف الغرامة في حالة الظهور مجددًا، واشترطت ضرورة الحصول على رأى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام "المسؤول عن القنوات الفضائية" في ذلك الأمر".

وقالت المصادر ذاتها التي تحدثت مع جريدة "الشرق الأوسط"، "إن قانونَي تنظيم الفتوى العامة، وتنظيم الظهور الإعلامي، يخدمان الصالح العام، ويحافظان على السلم وأمن المجتمع".

ويرى مراقبون أن «القانونين يكتسبان أهمية خاصة الآن، لأنه لا يوجد قانون يجرم الظهور الإعلامي لغير المتخصصين، ولا يمنع أي إعلامي أو شخصية من التحدث في قضايا دينية، مما خلق فوضى وجدلًا... وأن وجود تشريع منظم للإعلام الديني يمثل أهمية كبرى في ظل حالات الجدل والفوضى والخطاب الديني المتشدد، الذي نعاني منه حاليًا، وهو ما يسبب بلبلة لدى بعض المصريين.

وأضافت المصادر البرلمانية، أن "هناك عدة أسباب تقود لانتشار مثل هذه الفتاوى المثيرة، كونها تصدر من شخص غير مؤهل، وليس لديه قدرة على فهم النصوص واستنباط الأحكام من الشريعة الإسلامية، فضلًا عن أن هناك مَن يتعمد استغلال السرعة التي تتم بها عملية إطلاق الفتاوى الفضائية للسؤال عن قضايا عديمة الجدوى لتحقيق أغراض سيئة، بحيث تثار الإجابات عن هذه الأسئلة بوصفها فتوى دينية، سعيًا إلى تشويه سماحة الدين... ومن هنا تأتي ضرورة تحجيم الآراء التي تصدر في الفضائيات".