كوالالمبور-مصراليوم
يبدو أن رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق الذي هزم في الانتخابات وسط اتهامات بأنه نهب أموالا حكومية، سيواجه مشكلات قضائية جديدة فيما تتصاعد الدعوات لفتح تحقيق جديد في فضيحة سابقة مروعة تتعلق بمقتل عارضة أزياء شابة.
وترتكز الفضيحة السابقة على اتهامات بأن مسؤولين ماليزيين قبضوا رشى طائلة في صفقة شراء غواصات سكوربين عام 2002 من فرنسا عندما كان نجيب وزيرا للدفاع.
وأثارت هذه القصة الذهول لسنوات في ماليزيا إلى أن استخدم النظام السلطوي السابق نفوذه لتجاهلها بنهاية الأمر، رغم بعض الأصوات التي تصر على أن نجيب (64 عاما) وزوجته روسمة منصور متورطان بشكل كبير فيها.
لكن نجيب أطيح به في انتخابات في 9 ايار (مايو)، وتعهدت الحكومة الجديدة التحقيق ليس فقط في اتهامات ضده باختلاس أموال الصندوق السيادي "ا ام دي بي" لكن أيضا رفع الغطاء عن فضائح أخرى لم يتم البت فيها، في عهد الحكومة السابقة التي نخرها الفساد.
وقالت سينثيا غابريال رئيسة "مركز مكافحة الفساد والمحسوبية" (سي-4) وهو منظمة ماليزية غير حكومية "نحن متفائلون كثيرا بالخطوات السريعة حتى الآن في ما يتعلق بصندوق "ا ام دي بي" وفي أن الحكومة تنظر إلى الفساد السابق بجدية".
واضافت "في هذا الاطار، فإن فضائح مثل سكوربين لا يمكن تجاهلها. الضغط يتزايد وستكون المسألة أكثر إثارة".
وما يخشاه نجيب في الوقت الحالي، اتهامات بأنه اختلس مع اسرته ومقربين منه مليارات الدولارات. ومنعته السلطات من مغادرة ماليزيا، وضبطت الشرطة مبالغ كبيرة ومجوهرات وسلعا فاخرة في منزله وأماكن أخرى.
لكن فضيحة الصندوق السيادي تبدو صغيرة في نواح عدة مقارنة بصفقة سكوربين، التي يدخل فيها الجنس والغواصات وقتلة فارون، وعارضة منغولية عملت مترجمة.
تتركز القضية على اتهامات بأن مصنع الغواصات الفرنسي "دي سي ان اس" دفع "عمولة" تفوق 114 مليون يورو (134 مليون دولار) إلى شركة وهمية مرتبطة بعبد الرزاق باغيندا، أحد معاوني نجيب المقربين قام بالوساطة في الصفقة البالغة قيمتها 1,1 مليار دولار.
ويقول معارضو نجيب إن الدفعات هي رشى.
وعشيقة عبد الرزاق، المنغولية التنتويا شاريبو، التي قيل إنها طلبت مبلغا من المال لقاء عملها مترجمة في المفاوضات، قتلت بإطلاق النار وتم نسف جثتها بمتفجرات قرب كوالالمبور في 2006.
وبرزت اتهامات بأن نجيب وروسمة متورطان في عملية القتل التي نفذها اثنان من الحراس الشخصيين في الحكومة. ونفى نجيب بشكل قاطع أي تورط. واضطر ايضا لأن ينفي علنا إقامة أي علاقة غرامية مع التنتويا.
وطويت القضية بعد أن برأت محكمة ماليزية في 2008 عبد الرزاق من تهمة التحريض على القتل، ما أثار اتهامات بعملية تستر كبيرة لحماية نجيب الذي اصبح رئيسا للحكومة بحلول ذلك الوقت.
لكن تبدو في الافق شخصية رئيسية يحتمل أن تغير مسار القضية.
فقد صرح سيرول ازهر عمر المدان إلى جانب حارس شخصي آخر في قتل عارضة الازياء، لصحيفة ماليزية السبت انه مستعد لكشف هوية الشخص الذي امره بتنفيذ جريمة القتل.
وكان سيرول تمكن قبل القاء القبض عليه، من الفرار إلى استراليا عام 2015 حيث يعتقد إنه في السجن.
وقال لموقع ماليزياكيني الاخباري "انا مستعد لمساعدة الحكومة الجديدة في توضيح ما تسرب شرط ان تمنحني الحكومة عفوا كاملا".
واضاف انه والحارس الشخصي المدان ضحية "اشخاص مهمين" ولكن بسبب وجود عائلته في ماليزيا امتنع عن كشف تفاصيل ما حدث.
اطلق سراح المعارض الماليزي البارز انور ابراهيم الاسبوع الماضي في اعقاب الانتخابات، ومن المتوقع أن يصبح فيما بعد رئيسا للوزراء. وقال الخميس لوكالة فرانس برس إن سيرول وشريكه في القتل ازيلاه هادري يجب أن يحصلا على محاكمة جديدة.
وقال انور (70 عاما) في مقابلة "في ذلك الوقت كان القضاء مخترقا".
واضاف "لا اعلم إلى أي مدى كان نجيب ضالعا أو لا، لكنه بالتأكيد متورط بشكل ما".
وأكد أن كل اثر لالتنوتيا لدخولها ماليزيا قبل اغتيالها، تم التخلص منه، مضيفا "لا بد إنه قرار من موقع عال".
وتبذل جهود في محاكم فرنسية يمكن أن تكشف المزيد.
وقالت مصادر قضائية فرنسية العام الماضي لوكالة فرانس برس إن المحققين هناك وجهوا الاتهام لمديرين تنفيذيين فرنسيين اثنين مرتبطين بصفقة سكوربين، اضافة إلى عبد الرزاق.
في اعقاب الانتخابات الماليزية دعت منظمة سي-4 علنا لاجراء تحقيق فوري في ممارسات نجيب وآخرين في ما يتعلق بالغواصات ومقتل التنتويا، ووصفت القضية بأنه "واحدة من أكبر سرقات الحكومة (السابقة)".
وتقر غابريال بأن عدد الفضائح من فترة الحكومة السابقة، ومنها صفقات اراض تمت عن طريق الاحتيال، ونهب مصادر الخشب ووفيات اخرى مشكوك بها طالت منتقدي الحكومة في سجون الشرطة، يمكن أن تؤخر تحقيق العدالة لالتنتويا.
ولا تزال شخصيات في الادارة السابقة إلى جانب الحكومة الحالية.
وقالت غابريال "قد يكون الامر شائكا، لكن إذا كانوا الان حقا يدعمون دولة القانون، يجب عدم ادخار اي جهد".
ويمكن أن ينطوي نبش الحقيقة في قضية سكوربين على مخاطر.
في 2008، وجه محقق خاص تولى القضية هو ب. بالاسوبرامنيام الاتهام للعديد من المسؤولين الحكوميين منهم نجيب، في عملية القتل. وسرعان ما سحب اقواله، وأعلن في وقت لاحق إنه تعرض للتهديد وفر إلى الهند.
وعاد إلى ماليزيا عام 2013 متوعدا بكشف كل تفاصيل الفضيحة فيما كان نجيب يخوض انتخابات حاسمة، لكنه توفي بعد اسبوعين. وقالت السلطات إنه تعرض لازمة قلبية مفاجئة.