موسكو- مصر اليوم
قال محلل جيوسياسي روسي، إن روسيا يمكن أن تكون وسيطا مثاليا في حل النزاع حول جزر سبراتلي المتنازع عليها بين الصين وفيتنام في بحر الصين الجنوبي الذي يزداد عمقا-بين الدولتين غير القادرتين على التوصل إلى تسوية سياسية وتعملان على الحشد العسكري في المنطقة بدلا من ذلك، وذلك لأن موسكو تعتبر شريكا لكل من بكين وهانوي. وأوردت وكالة أنباء "سبوتنيك الروسية"، اليوم الأحد، أن النزاع على جزر سبراتلي يشتد.. وقال دبلوماسيون ومسئولون عسكريون غربيون إن أجهزة الإستخبارات أكدت أن هانوي حركت قاذفات صواريخ متحركة من البر الرئيسى لفيتنام إلى خمس منشآت منفصلة في ارخبيل سبراتلي.. حيث تقع منشأت صينية في الجزر المجاورة ضمن نطاقها.
كما هو متوقع، فقد أصدرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية ردا عنيفا، محذرة من أن هذه الخطوة ستكون "خطأ فادحا"، ومشيرة إلى أنه على فيتنام أن تتذكر وتستخلص بعض الدروس من التاريخ، في إشارة إلى الحرب التي استمرت لثلاثة أسابيع بين الصين وفيتنام عام 1979. ويتألف أرخبيل سبراتلي من أكثر من مائة جزيرة صغيرة، وتبلغ المساحة الإجمالية لها أقل من خمسة كيلومترات مربعة، أكبرها جزيرة تايبينغ (المعروفة أيضا باسم ايتو أبا والعديد من الأسماء الأخرى) وتبلغ مساحتها حوالي 46 هكتارا.. ويمتد الأرخبيل تمتد على مساحة إجمالية تبلغ أكثر من400 ألف كيلومتر مربع.
وقال الكاتب الروسي بوريس ستيفانوف "أن كل من فيتنام والفلبين والصين وتايوان وماليزيا وبروناي تدعي ملكية الجزر".. مشيرًا إلى أن مناقشة قرار هانوي وضع قاذفات صواريخ في المنطقة يعتبر الاحتجاج الأكبر الذي تقوم به فيتنام في هذا الصدد خلال السنوات الأخيرة. وأضاف "أن سبب هذا بوضوح هو قرار التحكيم الصادر من محكمة العدل الدولية بلاهاي في 12 يوليو لمصلحة الفلبين بعدم شرعية مطالب الصين بأرخبيل سبراتلي".
وتعليقا على نشر فيتنام للصواريخ اقترح الباحث بمعهد دراسات الشرق الأقصى فاسيلي كاشين أن هذا الإجراء لا يعني في الواقع إلا القليل جدا بالمعنى العسكري التقليدي. . مضيفا أنه في المعركة الحقيقية فإن نجاة هذه الأنظمة سوف يتوقف على قدرتها على تحركها بسرعة لتجنب الرد الإنتقامي.. ووفقا لذلك فإن الهدف، من وضع تلك النظمة في جزر لا تزيد ابعادها عن 100 متر في 100 متر بحيث لا يكون هناك مجال للمناورة بمعنى الكلمة ، ليس إلا بيانيا". كما هو متوقع، فقد ردت وزارة الخارجية الصينية على نشر الصواريخ بالقول "إن بكين "تعارض بحزم احتلال [فيتنام] لأجزاء من جزر والجيود المرجانية بارخبيل سبراتلي الصيني – وفقا للخارجية الصينية - [و] القيام بعمليات بناء وانتشار عسكري غير قانوني".وفقا لكاشين.
ومع ذلك، قال ستيفانوف إنه من الجدير بالذكر ومن أجل العدالة "فإن الصين في قسمها من جزر سبراتلي تبني منشآت ذات الاستخدام المزدوج والتي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. وعلاوة على ذلك، فإنه منذ عام 2013، فإن الصين لا تزال تنفذ وبشكل واثق أنشطة هندسية للبناء في الأرخبيل، وبناء الجزر الاصطناعية وتعميق الممرات المائية، وخلق مرافق جديدة للرسو.. وبطبيعة الحال فإن الصين قالت إن البنية التحتية التي تبنيها في الأرخبيل ذات أغراض سلمية – وتعنى بعمليات البحث والإنقاذ، فضلا عن البحث العلمي في الملاحة. وأشار محللون أجانب إلى أنه مع ذلك فإن هدف الصين الرئيسي هو تعزيز القدرات العسكرية للصين في المنطقة. وعلى وجه التحديد، فإن الصين حاليا تستكمل بناء مهبط للطائرات على أحد الجزر الاصطناعية السبعة التابعة لها بالأرخبيل".
وأعرب المحلل عن امتنانه من أنه لا تزال الحرب بين الصين وفيتنام غير محتملة، في الوقت الراهن.. وقال "إذا وضعت الصين الكثير من الضغط على فيتنام، فإن الأخيرة من المحتمل أن تتوجه إلى الولايات المتحدة لطلب الحماية، والتي من الواضح هذا شيء لا تريده الصين. وأضاف ستيفانوف أن "المشكلة كالمعتاد لها علاقة بالنفط" .. حيث أنه وفقا لوزارة الطاقة الأمريكية، فإن الأرخبيل يحتوي على ما يعادل نحو4ر5 مليار برميل من النفط، وأكثر من 55 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. وما هو أكثر من ذلك، فإن المنطقة لديها قيمة كمنطقة لصيد الأسماك".
وتابع أنه "وكما نرى فإن الأرخبيل المتنازع عليه هو الطريق البحري الرئيسي للصين من أجل الوصول إلى أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط.. وأن حوالي 60 بالمائة من إجمالي التجارة في الصين ونحو 80 بالمائة من وارداتها من النفط والغاز، تمر عبر المنطقة.. وببساطة فإن الصين لا يمكنها أن تخسر السيطرة على هذه المنطقة، وأن من سيأتي غيرها في السيطرة على الأرخبيل سوف يكون قادرا على منع معظم طرق النقل البحري للصين، ولذلك فإن الصين على استعداد لشراء الأرخبيل لإخراج المدعين الأخرين، وأيضا ما يمكن تخمينه، فإنها ليست متحمسة السماح للولايات المتحدة لتكون بمثابة (طرف ثالث) في المفاوضات".
وقال ستيفانوف إن الولايات المتحدة بالمقابل، ليست متحمسة حول احتمال تعزيز الصين لمكانتها في بحر الصين الجنوبي.. وفي الواقع، من الناحية المثالية، ترغب واشنطن في رؤية حرب بين الصين وتحالف الخمسة الآخرين المطالبين الأرخبيل، وإذا حدث هذا، فإنه سوف يتم وقف التجارة البحرية في الصين، والولايات المتحدة يمكن أن تسعد بذلك وتبيع الأسلحة للمتحاربين.
وأضاف ستيفانوف أنه "من الواضح أن واشنطن تأمل في التقارب مع هانوي والصداقة الممنهجة ضد بكين هو بالضبط نفس ما تستخدمه ضد روسيا: وتطويق الصين بدول غير صديقة موالية للولايات المتحدة" . وفي الوقت ذاته، أشار الصحفي إلى أن "هانوي أيضا تسير بخطى ثابتة في التقرب من موسكو ودول الاتحاد الاقتصادية الأورواسيوية، حتى في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن ربط ذلك باتفاقية التجارة والشراكة عابر المحيط الهادي".. مضيفا أنه بقدر ما أن نزاع بحر الصين الجنوبي مقلق إلا أن موقف روسيا بسيط جدا، ونزيه".. على حد قوله.
وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الشهر الماضي أن "روسيا ليست طرفا في النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، ولن تنجر لها، ونحن نقف إلى أي طرف كمسألة مبدأ، ونحن نعتقد وبحزم أن إشراك طرف ثالث في هذه الخلافات سوف يعمل فقط على اشعال التوترات في المنطقة. وينبغي أن تعقد مشاورات ومحادثات بشأن النزاعات الإقليمية في هذه المنطقة مباشرة من قبل الأطراف المعنية بالشكل الذي يرونه مناسبا لهم".
وأشار ستيفانوف إلى أن روسيا غير معنية بالصراع ولكنها تحتفظ بعلاقات شراكة مع جميع الأطراف المعنية" بما في ذلك مساعدة البلدان عسكريا لضمان الحفاظ على التوازن الاستراتيجي العسكري."ويهدف هذا التكتيك على وجه التحديد إلى منع الصراع العسكري من الحدوث..وفي حين أن موسكو قد لا تكون العاصمة الدبلوماسية أو السياسية اللازمة للمساعدة في حل النزاع بين جميع أطراف النزاع حول سبراتلي، فإن عقودا من العلاقات الودية بينها وبين الدولتين قد تكون مجرد ما تحتاجه الصين وفيتنام في حيادية الوسيط.. ومن يمكن أن يكون وسيطا غير موسكو إذا كان الطرفان يبحثان عن وسيط نزيه – وسيط لا يوجد لديه مصلحة في النزاع.