بغداد - مصر اليوم
وصل وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الاربعاء الى بغداد في زيارة مفاجئة في إطار جولته في الشرق الاوسط الهادفة لطمأنة حلفاء واشنطن إزاء الدعم في الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية رغم اعلان انسحاب القوات الاميركية من سوريا.
وتأتي هذه الزيارة بعد حوالى أسبوعين على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى العراق لتفقد القوات الأميركية من غير أن يلتقي أي مسؤولين عراقيين، ما أثار انتقادات في العراق.
وبغداد هي المحطة الثانية من جولة إقليمية يقوم بها بومبيو وبدأها الثلاثاء في العاصمة الأردنية عمان.
وقام ترامب في 26 كانون الاول/ديسمبر بزيارة مفاجأة للقوات الاميركية في العراق استمرت ساعات، كانت زيارته الأولى لمنطقة نزاع منذ انتخابه قبل عامين، واغتنم هذه المناسبة لتبرير قراره سحب القوات الاميركية من سوريا.
والتقى بومبيو رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وزير الخارجية محمد علي الحكيم .
وأكد لكل منهم "دعم الولايات المتحدة لجهود الحكومة الجديدة لضمان الاستقرار والامن والازدهار لكل العراقيين".
من جانب آخر بحث "مواصلة التعاون" بين الجيشين "لضمان أن هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية ستكون دائمة في كل المنطقة".
ثم استقبله بعد ذلك الرئيس العراقي برهم صالح الذي اعتبر أن العراق "بحاجة إلى الدعم الأميركي" كما قال، معبرا عن امتنانه "للدعم الأميركي منذ سنوات" لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية على وجه الخصوص.
وأضاف أن "تنظيم الدولة الإسلامية هزم عسكريا لكن المهمة لم تنته".
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الذي أجرى محادثات الثلاثاء في تركيا، قال إن الولايات المتحدة ستتحقق من أن تنظيم الدولة الاسلامية قد هُزم بالفعل قبل مغادرة سوريا.
ورفض بومبيو الكشف عن أي جدول زمني للانسحاب.
وتحاول الادارة الاميركية طمأنة حلفائها الغربيين والاقليميين منذ اعلان الرئيس دونالد ترامب المفاجىء قراره سحب حوالى ألفي جندي ينتشرون في سوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وتبديد مخاوفهم وباتت تتحدث عن انسحاب "بطيء" يتمّ "على مدى فترة من الزمن".
- بين واشنطن وطهران-
تعد مسألة تواجد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا التي تشترك مع العراق بحدود تمتد مئات الكيلومترات أغلبها مناطق صحرواية تنتشر فيها خلايا نائمة ، أمراً شديد الأهمية بالنسبة لبغداد.
ورغم إعلان السلطات العراقية "النصر" على تنظيم الدولة الإسلامية في كانون الاول/ديسمبر 2017، ما زال التنظيم يحتفظ بخلايا وجيوب صغيرة في مناطق جبلية وصحراوية وخصوصا قرب الحدود مع سوريا المجاورة، ويظل قادرا على شن هجمات.
وقتل اثنان وأصيب آخرون بجروح في هجوم بسيارة مفخخة عند المدخل الشمالي لمدينة تكريت (175 كلم شمال بغداد)، وفقا لمصادر أمنية.
بالاضافة الى الاردن والعراق، يزور وزير الخارجية الاميركي في سياق جولته مصر والبحرين والامارات وقطر والسعودية وسلطنة عمان والكويت، وفقا لوزارة الخارجية الاميركية.
وفي كل محطة من جولته، يرتقب ان يعمد بومبيو الى طمأنة محاوريه بعد اعلان ترامب الذي اعتبر ان "الولايات المتحدة لا يمكنها أن تبقى شرطي العالم".
لكن ترامب أكد أنه لا ينوي "إطلاقا" سحب القوات الأميركية من العراق بل يرى "على العكس" إمكانية لاستخدام هذا البلد "قاعدة في حال اضطررنا للتدخّل في سوريا".
لكن هذا التواجد لا يزال موضع نقاش في البلاد خصوصا مع تقارب كتل رئيسية مع ايران.
وفي الوقت نفسه تدفع المكاسب العسكرية والسياسية التي تحظى بها كتل سياسية عراقية موالية لإيران، الى تجدد النقاش حول تواجد الاميركيين في البلاد.
وهو الامر الذي دفع الى تصاعد الاصوات من جديد، للمطالبة بجدولة خروج القوات الاميركية على أعقاب زيارة الرئيس الاميركي الأخيرة.
ويحتل العراق موقعاً مهما في الشرق الأوسط الذي يتم اعادة تشكيله، ويرى خبراء بإن السيناريو الذي تخطط له إيران هو فرض نفوذها على الممر البري بما يسمح بالوصول الى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان.
ويلعب العراق بالاضافة الى سوريا دوراً ، على امتداد هذه المحور البري الذي يمكن استخدامه لعبور بضائع ومسافرين.
- "ضغوط على ايران"-
وفقا لمسؤول عراقي رفيع، تقوم بغداد بالاضافة لكونها الارضية للاستثمار في إعادة إعمار سوريا، بدور الوسيط في إعادة العلاقات بين سوريا و قطر.
بدوره يسعى الأردن الى مضاعفة لقاءات المسؤولين رفيعي المستوى مع العراق، في ظل زيارة مرتقبة للملك عبد الله الثاني الى بغداد.
وأستطاع العراق بتحسين علاقاته مع دول الجوار والاعتماد على الدعم الأميركي ومساندة متواصلة من إيران منذ سقوط نظام صدام حسين اثر الغزو الذي قاده الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، مواصلة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن في ظل أولوية واشنطن المتمثلة بالحد من نفوذ إيران والذي تعتبره "مزعزعا للاستقرار"، فأن بغداد ستطالب بوضع خاص. وبالفعل حصل العراق على إعفاءات واشنطن من العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، عبر تعهد بتقليل اعتماده او وضع نهاية لاعتماده على استيراد الطاقة من أيران.
وتخطط بغداد الى تمديد هذه المهلة الزمنية، فيما وعد بومبيو خلال محادثاته في عمان بأنه "في الأيام والأسابيع المقبلة سترون أننا نضاعف جهودنا الدبلوماسية والتجارية لتشكيل ضغط حقيقي على إيران".
فرانس 24