القاهرة - مصر اليوم
تصدر فضيلة الإمام الأكبر شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب غلاف عدد مجلة "لوبوان" الفرنسية الصادر هذا الاسبوع تحت عنوان "الرجل الذي يمتلك مفاتيح الاسلام"، حيث أجرت معه حوارا حصريا بالقاهرة تحدث فيه عن جهود الأزهر لنشر قيم التسامح و الوسطية للاسلام الرافضة للعنف و مكافحة التنظيمات المتطرفة مثل "داعش". كما أبرزت المجلة الفرنسية الدور الكبير والمؤثر الذي تضطلع به مؤسسة الأزهر الشريف بوصفها أعلى مؤسسة إسلامية سنية في العالم الاسلامي و تحظى بمكانة كبيرة على مستوى العالم.
وقالت الصحيفة إن شيخ الازهر يسعى لسد الفراغ في العالم الإسلامي وعقد العزم أن يتصدى للاحتكار الإعلامي الذي يمارسه أبو بكر البغدادي أمير داعش "الشيطاني". ولفتت "لوبوان" إلى أن الإمام الأكبر الدكتور الطيب يدعو إلى المصالحة بين الشرق والغرب، وإلى كونه يتقن اللغة الفرنسية حيث درس في جامعة "السوربون" عام 1973.
كما وصفت "لوبوان" بالتاريخية الزيارة التي قام بها شيخ الأزهر الشهر الماضي إلى الفاتيكان والتي سمحت بتحقيق المصالحة بين الجانبين (بعد عقد من القطيعة). وخصصت الصحيفة أجزاء كبيرة من عددها الحالي لجهود جامعة الازهر، وقالت عنها إن تسعى لتكون صوتا للإسلام المستنير، كما سلطت الضوء على جهود مرصد الازهر باللغات الاجنبية للرد على مزاعم داعش و كذلك إقامة مركز عالمي للفتاوى لخدمة المسلمين في العالم.
وحول ممارسات داعش باسم الإسلام، اعتبر فضيلة الإمام الاكبر الدكتور أحمد الطيب إنه من الظلم الحكم على الإسلام من خلال أقلية مسلمة تم التلاعب بها لتنفيذ خطة غريبة تماما عن الاسلام. وقال الطيب إن الاسلام - كما تعلمناه وندرسه في الأزهر وكما توارثناه منذ عشرة عقود من مرجعياتنا - حرم سفك دماء الاخر أي كان دينه ولا يجيز للمسلمين حمل السلاح إلا للدفاع عن أرواحهم ووطنهم. ولم نقرأ أبدا في تاريخ الاسلام ان مسلما قد اجبر غير مسلما على الاختيار بين الموت و اعتناق الدين الاسلامي.
ولفت شيخ الأزهر إلى أن كلمة "السيف" لم تذكر سوى مرة واحدة في القرأن، معربا عن أمله أن يتمكن من تصحيح الأفكار المحرفة باسم الاسلام. وحول الإسلام الذي يتم تدريسه في الأزهر، أجاب الطيب بأنه لا يوجد سوى مقاربة واحدة لأنه لا يوحد سوى إسلام واحد كشف عنه النبي "محمد" و شرحته "السنة".
وقال شيخ الأزهر: "إذا حكمنا على كل الأديان وفقا فقط لسلوكيات بعض معتنقيها، فلن تسلم أي ديانة من اتهام بالإرهاب.. وهل أنا في حاجة إلى تذكيركم بان الحروب الصليبية تمت باسم المسيح؟" وأكد الأمام الأكبر أنه حين تقدم مجموعة إرهابية على قتل الآخرين باسم الإسلام أو المسيحية، فعلى الناس تفهم أن الدين في هذا السياق يؤخذ رهينة لتنفيذ أهداف و سياسات هي موضع تنديد بالنسبة له.
وحول تواجد التيار السلفي داخل الأزهر، قال شيخ الأزهر إنه يتابع - عن كثب - أي مذهب لا ينقل صحيح الدين لحماية المجتمع من أي أفكار محرّفة، مؤكدا أنه جاري العمل - ليلا ونهارا - لابراز القيم الحقيقة للإسلام ويجتهد علماء الأزهر للرد على المشكلات التي يواجهها الناس في العالم اليوم. وتابع:"نحن نؤمن في الازهر بضرورة تجديد الخطاب الديني على أساس منهجية الاعتدال (بين التقاليد و الحداثة) و تلك هي أفضل طريقة لمكافحة التطرّف السلفي.
ونوه فضيلة الإمام الأكبر بأن مؤسسة الأزهر نجحت في السنوات الماضية في حماية الكثير من الشباب من الوقوع في فخاخ التطرّف.
وأضاف: "ربما تذهلون إذا قلت لكم أنه لا يوجد أي إرهابي تابع للقاعدة أو لداعش قد تعلم في الأزهر..ربما تجدون بعض الشباب المتحمس و لكنهم لم يرتكبوا أبدا جرائم ارهابية. و هذا يؤكد ان منهجية الازهر بعيدة عن اي فكر محرف (عن صحيح الدين).
وحول دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إجراء ثورة داخل الأزهر، قال الطيب إن الازهر تفهم جيدا أن هذا النداء يعكس ثقة الرئيس في مؤسسة الأزهر وقدرتها على التعامل مع العالم الحقيقي وذلك بإعادة النظر في الخطاب الديني و مناهج التدريس. وأوضح أن مؤسسة الأزهر أطلقت - بالفعل - سياسة للتجديد منذ سبتمبر 2010 عندما تولى مسؤولية مشيخة الأزهر، مشيرا إلى الانتهاء من جزء كبير من الخطة الموضوعة في هذا الصدد.
وأضاف أن الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الأعوام الخمسة الاخيرة ربما تكون حجبت ما تم انجازه. على جانب أخر، قال الإمام الأكبر إن الأزهر حرص - دائما - على البقاء بعيدا عن السياسية، مؤكدا أن حيادية الأزهر العلمية والفكرية على مدى تاريخه ضمنت إشعاعه في مختلف الدول الإسلامية. وأكد فصيلة الإمام الأكبر أن الازهر - في الوقت ذاته - ليس منعزلا عن شواغل الأمة و المسلمين و يدعم قضاياهم بافضل السبل في كل ارجاء العالم.