مفتي الجمهورية

شهد الرأى العام المصري، بلبلة كبيرة نتيجة تعذر رؤية هلال شهر شوال لعام 1440 هجرية، إلا أن دار الإفتاء المصرية تعاملت مع الأمر بكل جدية ودقة وباستخدام أحدث الأساليب في رؤية الهلال من عدة مناطق على مستوى الجمهورية لإعلان الرؤية بكل وضوح للعامة وهى أن شهر رمضان لهذا العام ثلاثين يوما.

ومع هذه الضجة الكبيرة التى شهدتها السوشيال ميديا، إلا أن دار الإفتاء اكتسبت أمرا إيجابيا لا يلمسه الكثيرون وهو انتشارها الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي وقربها من 8 ملايين متابع على صفحتها على فيسبوك.

وفور إعلان دار الإفتاء رؤية الهلال بأن الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان المبارك، وفي غضون خمس دقائق فقط وصل عدد المشاركين لمنشور إعلان الرؤية حوالي 15 ألف، ووصل فيديو البث المباشر لفضيلة المفتي عن إعلان الرؤية حوالي مليون إلا ربع.

كما اعتلت دار الإفتاء ترند جوجل في مؤشرات البحث وزادت صفحتها في عدد المتابعين لها على فيس بوك حوالي 250 ألف متابع.

وقالت دار الإفتاء المصرية، إن القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة نصت على أن الشهر القمري هو الأصل الذي تبنى عليه العبادات والأحكام المرتبطة بالأشهر، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: 189]، وقال عز وجل: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [التوبة: 36]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم في شأن هلال رمضان: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وجاء ذلك فى الإجابة عن سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية مضمونة «ما الحكمة الشرعية في اعتبار الشهر بالحساب القمري لا الشمسي؟»، والحكمة من ذلك هو أن الشهر بالتقويم القمري يمكن تحديد بدايته من خلال رؤية الهلال في بداية كل شهر قمري، بينما لا يمكن تحديد بداية للشهر في التقويم الشمسي، فالتقويم الشمسي لا يعتبر حسابًا للأشهر بقدر ما هو حساب للفصول وتقسيمٌ للأشهر على هذه الفصول؛ لأن قاعدته هي دوران الأرض حول الشمس، وهذا محدد للفصول؛ فلا يتغير شكل الشمس بزيادة ولا نقصان، ولا يعرف أولها ولا آخرها ولا تختلف رؤيتها، وكذلك أشهرها لا يعرف أولها ولا آخرها إلا خواص الحُسَّاب، وليس لها مواقيت غير الفصول الأربعة.

وأشارت دار الإفتاء الى أن التقويم القمري أكثر دقة؛ لأنه يستعمل ظواهر فلكية واضحة أمام عموم الناس وخواصهم، والسنة القمرية واضحة البداية والنهاية، وهي اللحظة الأولى من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي الحجة، أما السنة الشمسية فهي غير محددة البداية في كل عام؛ حيث يبلغ طولها 365.24189814 يومًا أو 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و45.2 ثانية. ولذلك علق الشرع الأحكام التعبدية على الأهلة؛ لظهور العدد المبني عليها، وسهولة ويسر اليقين فيها. ومِن الحِكَم اللطيفة أن العبادات المؤقتة بشهر معين كالصوم والحج تدور في الفصول المختلفة، ولو لم تكن كذلك لصام الناس أبدًا في الصيف مثلًا.