قمة أوروبية استثنائية تحسم موقف اليونان

أمهل زعماء دول منطقة اليورو، اليونان أيامًا لتقديم خطة إصلاح مفصلة والتفاوض في شأنها مع الدائنين على أن يُحسم الموقف الأحد في قمة استثنائية تعقدها دول الاتحاد الأوروبي الـ 28، ووعدت اليونان بالبدء بإصلاح نظامي التقاعد والضرائب اعتبارًا من الأسبوع المقبل كما طلبت الجهات الدائنة مقابل قرض من منطقة اليورو لثلاثة أعوام لإنقاذ نظامها المالي المهدد بالانهيار.

وأكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أنه "إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق فهذا سيعني نهاية المفاوضات بما سيترتب على ذلك من عواقب تشمل أسوأ السيناريوهات التي سيكون الجميع فيها خاسرين"، وحددت قمة دول منطقة اليورو التي اختُتمت ليل أول من أمس جدول المفاوضات في الأيام الثلاثة المتبقية.

ويرتقب أن تقدم اليونان صباح الخميس خطة مفصلة حول الإصلاحات الضرورية وتقديرات قيمة القروض التي ستحتاجها في الأمدين القريب والمتوسط، وستُبحث الخطة مع الدائينين الثلاثة (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) الجمعة على أن تُحال نتائج المفاوضات إلى مجلس وزراء المال لدول منطقة اليورو بعد غد السبت تمهيدا القرار الذي قد تتخذه القمة الأحد.

ودافع رئيس الحكومة اليونانية عن رغبة بلاده في الحفاظ على عضويتها الكاملة في منطقة اليورو، واعترف في كلمة ألقاها أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بمسؤوليات بلاده في الوضع الذي تجتازه، وأكد أن "اليونان لا تمتلك خيارًا آخر سوى طلب المساعدة للخروج من المأزق" وتفادي المواجهة مع أوروبا "والقيام في المقابل بتغيرات جوهرية في ذهنية الطبقة السياسية وأوساط الأعمال في اليونان".

وطالب تسيبراس خلال قمة منطقة اليورو بتمكين بلاده من مساعدات مالية في الأمدين القريب والمتوسط، وكان أشار في كتاب أرسله الأسبوع الماضي إلى حاجة بلاده إلى قروض لا تقل عن 29 مليار يورو في غضون عامين، وشددت القمة على أهمية "أن تكون الخطة ذات صدقية" ورفضت الخوض في مسائل شطب الديون أو إعادة هيلكتها أقله في المرحلة الراهنة، وتستند اليونان إلى استنتاجات موضوعية توصل إليها صندوق النقد الأسبوع الماضي ورأى فيها أن "من غير المنطقي التفكير في أن اليونان ستكون يوماً قادرة على تسديد ديونها" التي بلغت 322 مليار أو 177 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وذكر مصدر في منطقة اليورو أن اليونان قدمت طلبًا رسميًا الأربعاء للحصول على قرض مدته ثلاثة أعوام من آلية الاستقرار الأوروبية لكنها لم تحدد في خطابها حجم التمويل المطلوب، ووعدت اليونان بالبدء بإصلاح نظامي التقاعد والضرائب اعتباراً من الأسبوع المقبل، وأكد وزير "المال" يوكليد تساكولوتوس في رسالة إلى منطقة اليورو "نقترح أن نطبق على الفور مجموعة إجراءات اعتبارا من مطلع الأسبوع المقبل وتشمل إصلاح نظام الضرائب والتقاعد إذا كان القرض من آلية الاستقرار الأوروبية جاهزًا".

وتتمثل آلية الاستقرار الأوروبية في صندوق مساعدة أوروبي وضع لضمان استقرار العملة الموحدة، واقترح وزير "المال" اليوناني "التطبيق الفوري منذ الأسبوع المقبل لتدابير من اجل إصلاح قطاعات الضرائب والتقاعد"، كما تعهد باتخاذ "تدابير إضافية لتعزيز الاقتصاد وتحديثه"، وأكد أن مقترحات أثينا سترسل " الخميس على أبعد تقدير" إلى شركائها لتعرض في اجتماع مقرر لوزراء المال في منطقة اليورو.

وبيّن توسك للبرلمان الأوروبي، غداة قمة منطقة اليورو "إذا عجزنا عن التوصل إلى اتفاق فهذا سيقود إلى إفلاس اليونان وانهيار النظام المصرفي اليوناني، وسيواجه الشعب اليوناني مزيداً من المعاناة، ولا شك في أن أوروبا ككل ستتأثر بما سيترتب على الصعيد الجيوسياسي"، وشدد على أن هامش التحرك أضحى منعدمًا تقريبًا، وذكر "إذا توهم أحد غير ذلك فهو ساذج".

وشددت قمة أول من أمس على أن منطقة اليورو تملك ترسانة من الآليات التي تقيها العواقب التي قد تترتب عن خروج اليونان من منطقة العملة الواحدة، وتحدثت المستشارة الألمانية انجيلا مركل عن "تصميم قادة منطقة اليورو على اتخاذ كل التدابير الضرورية لضمان الاستقرار المالي في منطقة اليورو"، وعقدت اجتماعاً ثلاثياً مع تسيبراس والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وقال الأخير إن النقاشات كانت "صريحة حيث أكدنا من ناحية أولى احترامنا نتائج استفتاء الشعب وهناك من ناحية ثانية 18 بلدا آخر عضواً في منطقة اليورو وأن القرار في شأنها لا يرتبط بسيادة دولة بمفردها بل بسيادة مشتركة بين الدول أعضاء العملة الواحدة الـ 19".

وحذر الرئيس الفرنسي من عواقب خروج اليونان من منطقة اليورو لأن الخسائر ستكون شديدة بالنسبة لليونان وكذلك بالنسبة إلى الدول التي أقرضت اليونان وفي مقدمها ألمانيا وفرنسا، وتخمن تقديرات أن معدل ما أنفقه كل مواطن فرنسي على القروض التي قدمتها بلاده إلى اليونان وصلت إلى 650 يورو وأن الألماني قدم 740 يورو.

وأكد هولاند "إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق فالعواقب ستكون وخيمة"، ولم يستبعد في نهاية القمة صعوبة الاتفاق و"إذا استحال التفاهم سيجري البحث عن خيار آخر"، وهذا الخيار لن يكون سوى بدء مسار خروج اليونان من عملة يورو.

وأشار مسؤول حكومي إلى إن اليونان أصدرت مرسومًا وزاريًا بتمديد عطلة المصارف المستمرة منذ ثمانية أيام عمل بينما تسعى أثينا إلى إقناع شركائها باتفاق مساعدة جديد، وتكافح البنوك كي تظل أجهزة الصرف الآلي ممتلئة بالنقود لتأمينها للزبائن الذين لا يحق لهم سحب أكثر من 60 يورو يوميًا وهَو ما يستنزف تدريجًا الاحتياطات النقدية المتبقية في النظام المصرفي، وكانت اليونان أصدرت الأسبوع الماضي مرسومًا بفرض قيود رأسمالية وإغلاق المصارف بعدما جمّد البنك المركزي الأوروبي تقديم تمويل طارئ ضروري إثر انهيار المحادثات بين أثينا ودائنيها.