ضحايا الابتزاز على مواقع التواصل

يعتبر موقع التواصل الاجتماعي "انستجرام" أكثر المنصات التي يحاول مستخدموها الحفاظ على خصوصيتهم، إذ يتخصص في عرض الصور والفيديوهات الشخصية التي يود أصحابها مشاركة معارفهم فيها، لذا لا يضيفون لقائمة متابعيهم إلا حسابات يعرفون أصحابها جيدًا لتبادل الثقة وخاصة الفتيات، وهذا ما اعتادته " س.مجدي" صاحبة الـ 25 عامًا، فمنذ عدة أشهر بعث لها حساب يحمل اسم " منال. ج" وكان بينهم العديد من الحسابات المشتركة لذا واقفت على المتابعة.

تذكر "س" أنه سرعان ما بدأت بينهم المراسلات وتبادل الصور، وبرهنت الأخرى في أكثر من موقف أنها تعرف "س" جيدًا ورأتها في كلية تجارة جامعة بنها حيث كانت تدرس لكن لم تحدثها، من هنا نشأ بينهما جسر من الثقة، وتبادلا الصور الخاصة التي لم تعتد مشاركتها مع الغير وأرقام الهواتف، مضى أسبوعان على التواصل، حتى وردها اتصال من رقم مجهول يهددها باستخدام صورها للنشر على الفيس بوك وإرسالها لأشقائها وأبناء عمومتها، ظنت أنه مجرد تهديد إلا أنها وصلها رسالة على تطبيق " واتس آب" به مجموعة من الصور لم ترسلها سوى لمنال، وحينما حاولت التواصل معها وجدت أنها أغلقته من هنا علمت أن المبتز هو منال نفسها.

ظلت في حيرة من أمرها، هل تخبر والديها أم ترضخ لتهديده، لم يمر سوى يومين حتى أرسل لها رسالة مفادها أنه قام بإنشاء حساب على فيس بوك ونشر عليه صورها إن لم ترسل له مبلغ ألف جنيه على الفور، باعت خاتم لديها واستجابت لطلبه، لكن سرعان ما ابتزها مرة أخرى حتى أخبرت إحدى صديقاتها وتعرفت على صور منال ليتبين أنها تعرف صاحبة الصور الأصلية، تواصلت معها فكانت هي الأخرى ضحية له، فقامتا بتدشين مجموعة سرية على "فيس بوك" لجمع ضحياه فبلغ عددهم خمسة من نفس دائرة المعارف، لجأنَّ لمباحث الإنترنت حيث ساعدتهن الجهات الأمنية في الوصول إليه في غضون عشرة أيام.

حملة «اتكلمي»

ليست تلك الواقعة الأولى التي تتعرض فيها الفتيات فيها للابتزاز والاستغلال عن طريق الإنترنت، لذا أطلق المجلس القومي للمرأة الأيام الماضية، حملة «اتكلمي.. احمي نفسك وغيرك» للتوعية بسبل الوقاية من الممارسات السلبية على الإنترنت والحماية من مخاطر الاستخدام الخاطئ في البيئة الرقمية من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المختلفة خاصة المرتبطة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وانعكاساتها اجتماعيًا ونفسيًا وكيفية التعامل معها، والمساهمة في العمل على مناهضة العنف والجرائم الإلكترونية لاسيما ضد الفتيات والنساء، وزيادة استخدام برامج الأمان والحماية، وتوجيه المواطنين للتعرف على سبل وخدمات الدعم المتاحة في ذلك.

وتذكر الدكتورة صفاء حبيب أن الحملة جاءت بعد نشر عدة فتيات قصص تعرهضن لانتهاكات منها الجنسي ومنها المعنوي يستخدم فيها المجرمون برامج لاختراق حسابتهن الشخصية وسرقة بياناتهن، بينهن من تتعرض للتحرش الالكتروني أيضًا، وتسببت لهنَّ في تأثير نفسي واجتماعي كبير.

لهذا الغرض أطلق المجلس الحملة برعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لزيادة الوعي لدى فئات الشباب والفتيات والمراهقين والمراهقات وذوي وذوات الإعاقة مع الاهتمام بإشراك الآباء والأمهات عبر قنوات التواصل الاجتماعي المختلفة.

وتكمل " صفاء" أن الحملة قائمة على توفير محتوى توعوي بالسلامة على الإنترنت والحماية من المخاطر الإلكترونية وتطويعه للاستخدام في حملة تثقيفية توعوية من قبل المجلس القومي للمرأة تحمل رسائل مباشرة بالأخطار الإلكترونية، وسبل الوقاية منها، والتعريف بوسائل الدعم المتاحة من قبل الوحدات التابعة للمجلس القومي للمرأة متمثلة في خطوط النجدة، ووحدات الدعم والإرشاد النفسي لضحايا الجرائم الإلكترونية.

قطع التواصل وإخبار الأهل

يوضح المهندس خالد شريف مساعد وزير الاتصالات السابق وعضو لجنة حقوق المستخدمين بالجهاز القومي للاتصالات أن هناك قواعد يجب اتباعها للتعامل مع الابتزاز بحكمة دون خسائر، أولها عدم التواصل نهائيًا مع الشخص المبتز، فقطع التواصل نهائيًا وغلق جميع الطرق التي يمكن للمبتز الدخول منها إليك، حتى لو كنت تتعرض أو تتعرضين للتهديد، يوحي بعدم الخوف وهو مايقطع عليه تفكيره وكذلك إغلاق جميع حسابات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وجميع وسائل الاتصال على الإنترنت، وإن تحتم إغلاق الهاتف نهائيًا،

يرى "شريف" أن إخبار الأهل خاصة مع الفتيات أمر ضروري لعدم كسر الثقة والخضوع للمجرم حتى لو أرسل لهم رسائل الابتزاز، يلي ذلك التواصل مع الشرطة والجهات المختصة بالتتبع ومواجهة المبتزين ومكافحة الابتزاز الإلكتروني وأهمها مباحث الاتصالات والإنترنت.

من الناحية القانونية يذكر المستشار وئام صلاح أنه وعلى الرغم من صدور قانون تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 في مصر إلا أن المشرع لم ينص فيه على جريمة الابتزاز الإلكتروني على الرغم من تجريمه الدخول غير المشروع على المواقع والصفحات والحصول على البيانات الشخصية لمستخدمي الموقع والصفحات ومعالجتها إلكترونيًا وكذا الاعتداء على الحياة الخاصة، إذ أن نصوص قانون العقوبات الحالي كفيلة بالعقاب على الابتزاز الإلكتروني، بل قد تتعدد الجرائم في حق المبتز، إذ يسند إليه إحدى جرائم تقنية المعلومات بالإضافة إلى جريمة التهديد المنصوص عليها في قانون العقوبات وعندئذ، تطبق عقوبة الجريمة الأشد طبقا للمادة 32 عقوبات.

المادة 326 من قانون العقوبات نصت على أن كل من حصل بالتهديد على إعطائه مبلغا من النقود أو أي شيء آخر يعاقب بالحبس، ويعاقب الشروع في ذلك بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين، ونصت المادة 327 على أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشه بالشرف وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن.