بورينو - كارلا أبو شقرا
تُعرف القردة بأنها مخلوقات لطيفة تتأرجح على أشجار الغابات للوصول إلى الثمار التي تعتمد عليها في غذائها إلا أن الباحثين اكتشفوا أن قرود إنسان الغاب ربما تكون غير سلمية وسط اعتقاد بأنها من آكلي اللحوم. وأجرى باحثون دراسة لملاحظة القرود في غابة "Sabangau Forest" في بورينو، معبّرين عن دهشتهم بعد أن شاهدوا قردًا ينتمي إلى نوع "إنسان الغاب" يأكل سنجابا، وتعد هذه الحالة الأولى لرؤية قرود إنسان الغاب وهي تأكل اللحوم.
وأفاد باحثون آخرون، في وقت سابق بوجود حالات نادرة من قرود إنسان الغاب وهي تمارس الصيد وتأكل لحوم الثدييات الصغيرة الأخرى بما في ذلك حيوان "لوريس" في سومطرة عند ندرة الموارد الغذائية، ويعتقد العلماء أن قرد إنسان الغاب يتغذى على اللحوم الراكدة ولا يلجأ إلى قتل السنجاب حيث لا توجد علامات على الدم أو الصراع، ويعتبر هذا الاكتشاف إشارة إلى شيوع تناول اللحوم بين عائلة القردة العليا أكثر مما كان يعتقد سابقا وهي الصفة التى ربما تعود إلى تاريخنا التطورى.
وبيّن الباحث المتخصص في القردة العليا في جامعة كامبريدج، الدكتور بن باكلي، "يعتبر الحادث مثيرًا للدهشة لأن قرود إنسان الغاب هي في الغالب من آكلي الفاكهة، وأحيانا تأكل الحشرات مثل النمل الأبيض أما أكلها للحيوانات الفقارية فهور أمر نادر الحدوث، وهذه هي أول مرة نشاهد قرود إنسان الغاب تأكل اللحوم خلال 16 ألف ساعة من ملاحظة القرود منذ بداية المشروع في غابات Sabangau في عام 2003". وأضاف الباحث "جدير بالملاحظة أن الحادث كان بحثًا عن لحوم راكدة بالفعل حيث أنه من غير المرجح أن يطارد قرد إنسان الغاب، مخلوقًا رشيقًا مثل السنجاب، ويعتبر النبش من السلوكيات غير المعهودة لدى الحيوانات الرئيسية لأنها عمومًا تتجنب الجيف التي يمكن أن تسبب لها الأمراض".
وتوضح الدراسة كيف أمضى قرد إنسان الغاب 40 دقيقة في تناول وجبته ومضغ كل جزء من الذبيحة بما في ذلك العظام والجلد والفراء والذيل لكنه ابتعد عن الأحشاء، وبعد تناول السنجاب اتجه القرد إلى تناول أوراق الشجر، وعلى عكس الحالات السابقة من قرود إنسان الغاب تميز هذا القرد بأنواع من المواد الغذائية في الأنحاء كافة للاختيار من بينها.
وشاهد الباحثون في عام 1999 قرود إنسان الغاب تصطاد حيوان "لوريس" في خمس مناسبات في غابات سومطرة، ولا يعتقد الدكتور باكلي أن تناول قرود إنسان الغاب للحوم نتيجة قلة توافر الأغذية الأخرى، وأبرز "ربما يرجع الأمر إلى التفضيلات الشخصية بين الحيوانات، وإذا كان تناول اللحوم يعتبر استراتيجية التغذية في وقت عدم توفر الأغذية الأخرى فسينتشر الأمر أكثر من ذلك، وهناك مناطق من الغابات تعاني من ندرة شديدة في الفاكهة، فضلا عن وقوع حادث التهام السنجاب في حالة توفر الفاكهة، ولذلك فلا أعتقد أن الأمر له علاقة بتوفر الفواكهة من عدمه".
وأضاف "من المتوقع أن الحادث كان نوعًا من الانتهازية، كما لو كان قرود إنسان الغاب تبحث عن مصدر جديد للطعام مثل تجريب نوع جديد من الفاكهة على سبيل المثال، ويعتبر هذا أمر نادر الحدوث لتغيير فهمنا عن سلوك التغذية لدى قرود إنسان الغاب".
وتابع "ربما يعطينا هذا فكرة عن كيفية نشوء تناول اللحوم في فصائلنا، ويشير إلى بداية تناول اللحوم لدى السلف المشترك بيننا وبين إنسان الغاب منذ حوالى 12 مليون عام قبل انفصالنا عن الشمبانزي، ويقدم هذا دليلا إضافيًا على أن أكل اللحوم قد يكون مشتركا بين القردة العليا ولم يظهر في سلف أكثر حداثة من الإنسان والشمبانزي والبابون".