القاهرة ـ مصر اليوم
يضع منتخب تونس لكرة القدم سمعته القارية في الميزان قبل انطلاق مشاركته ضمن النسخة الثالثة والثلاثين من كأس أمم أفريقيا والتي يستهلها الأربعاء بمواجهة منتخب مالي على ملعب مدينة "ليمبي" في افتتاح مباريات المجموعة السادسة.وتحتفظ ذاكرة كأس أمم أفريقيا بالعديد من الأحداث المثيرة والفارقة التي تخللتها مشاركات تونس في النهائيات، والتي بلغ عددها 20 مشاركة بعد أول ظهور لنسور قرطاج في النسخة الثالثة التي استضافتها إثيوبيا في العام 1962.
وعلى مدى 60 عاما، من المشاركات القارية، تراوحت حصيلة منتخب تونس بين الإنجازات اللافتة والخيبات المريرة والأرقام القياسية والمشاركات المتواضعة لكن نسور قرطاج استطاعوا أن يدونوا اسم تونس ضمن السجل الذهبي للمسابقة مرة واحدة على الأقل وذلك عندما أحرزوا اللقب في دورة 2004.بعد ثلاث سنوات من إنشاء الاتحاد التونسي لكرة القدم في 27 مارس من العام 1957، سجل منتخب نسور قرطاج حضوره في محفل "الكان" لأول مرة وذلك في أثيوبيا (1962) والتي شهدت مشاركة أربعة منتخبات قبل أن تنهي تونس المسابقة في المركز الثالث بعد الهزيمة في المباراة الأولى أمام أثيوبيا (2 ـ 4) ثم الفوز في اللقاء الترتيبي على أوغندا (3ـ 0).
وفي 1965 منح الاتحاد الأفريقي لكرة القدم تونس شرف تنظيم النسخة الخامسة من النهائيات التي شهدت بلوغ منتخبي تونس وغانا الدور النهائي، ولكن أصحاب الأرض فشلوا في استغلال امتياز البلد المستضيف وخسروا النهائي أمام "البلاك ستارز" (3ـ 2).وابتعد منتخب تونس عن واجهة الكرة الأفريقية لفترة طويلة إذ غاب عن دورات 1968 و1972 و1976 و1976 قبل أن يظهر من جديد في نسخة سنة 1978 وهي السنة التي تأهل فيها نسور قرطاج لنهائيات كأس العالم (الأرجنتين).
وفي تلك النسخة من أمم أفريقيا، بلغت تونس الدور نصف النهائي وخسرت أمام غانا البلد المستضيف آنذاك بهدف دون رد، لكن المفاجأة حصلت في المباراة الترتيبية عندما انسحب لاعبو منتخب تونس من مباراتهم أمام نيجيريا في الدقيقة 42 عندما كانت النتيجة متعادلة (1 ـ 1).وكان لاعبو تونس احتجوا على هدف التعادل الذي سجله منتخب نيجيريا وغادروا أرض الملعب ليقرر الحكم إيقاف المباراة قبل أن يتخذ الاتحاد الأفريقي عقوبة في حق تونس بحرمانها من المشاركة في النسخة الموالية 1980.
خيبة ثم تتويج تاريخي
وعاد منتخب تونس للمشاركة في "الكان 1982" بعد استيفاء العقوبة حيث أنهى المسابقة التي احتضنتها ليبيا في المركز السابع، ثم عجز من جديد عن بلوغ النهائيات وذلك في دورات 1984 و1986 و1988 و1990 و1992.وفي مارس 1994 استضافت تونس النسخة 19 من كأس أمم أفريقيا والتي علقت عليها الجماهير التونسية آمالا عرضية لكنها منيت بخيبة مريرة بعد الإقصاء المدوي منذ الدور الأول والفشل في تحقيق أي فوز وهي سابقة لم يعرفها أي منتخب مستضيف في تاريخ النهائيات.
وشكل خروج نسور قرطاج آنذاك من الباب الصغير للكان نكسة للكرة التونسية، ولكن بعد عامين فقط استطاعوا إثبات نفسهم بقوة في نهائيات جنوب أفريقيا وقدموا عروضا لافتة جدا وبلغوا نهائي المسابقة قبل أن يخسروا اللقب في الأمتار الأخيرة أمام منتخب جنوب أفريقيا (0 ـ 2).وحول تلك المشاركة التاريخية اعتبر مدافع منتخب تونس السابق، فريد شوشان أن الوصول للدور النهائي كان أكبر إنجاز في تاريخ الكرة التونسية حتى ذلك الوقت.
وقال شوشان في تصريحات لسكاي نيوز عربية: "دورة 1996 شهدت مشاركة كبار القارة الأفريقية أمثال الكاميرون ومصر وجنوب أفريقيا وغانا والكوديفوار والجزائر، ورغم أن أغلب لاعبينا كانوا من الشبان وكانت تعوزهم الخبرة فإننا استطعنا إثبات أنفسنا وهزم منتخبات كبيرة حتى الوصول للمباراة النهائية أمام جنوب أفريقيا الذي فاز علينا بصعوبة كبيرة مستغلا عاملي الأرض والجمهور."في دورة 2000 في نيجيريا وغانا وصل المنتخب التونسي للدور نصف النهائي قبل الخسارة من الكاميرون (0ـ 3) لكن الإنجاز الأعظم في تاريخ الكرة التونسية كان في نهائيات 2004 التي احتضنتها تونس أيضا، عندما توج منتخب نسور قرطاج باللقب القاري الأول في تاريخ تونس والذي جاء بعد عشر مشاركات سابقة.
وأحرز المنتخب التونسي اللقب بعد الفوز في نهائي المسابقة على نظيره المغربي (2ـ 1) بعد أن أزاح من أمامه في الأدوار السابقة منتخبات غينيا ورواندا والكونجو الديمقراطية والسنغال ونيجيريا.ويرى نجم منتخب تونس السابق أنيس العياري أن نسور قرطاج استفادوا كثيرا من دعم الجماهير على امتداد مراحل تلك البطولة ليحرزوا اللقب القاري الأول في تاريخ تونس.وفي تصريح لسكاي نيوز عربية، قال العياري الذي كان أحد صانعي تتويج تونس بلقب نسخة 2004: "لا ننكر القيمة الكروية لأغلب لاعبي ذلك الجيل الذي يعتبر مفخرة للكرة التونسية ولكن لا بد من الاعتراف أيضا أن الحظ حالفنا وأن الجمهور وقف سندا قويا لنا، ذلك المنتخب استطاع أن ينحت اسم تونس بأحرف ذهبية في تاريخ "الكان" عن جدارة واستحقاق."
ويضيف بخصوص مشاركة تونس في نهائيات 2022: "حظوظ نسور قرطاج قائمة للعب الأدوار الأولى لكن الطريق نحو اللقب طويلة وشاقة، بإمكان تونس بلوغ المربع الذهبي وهذا طموح مشروع رغم وجود منتخبات كبيرة جدا مثل الجزائر والكوديفوار والكاميرون والمغرب."ومنذ إنجاز 2004، لم تحقق تونس نتائج لافتة في أمم أفريقيا إذ انسحبت من الدور الأول في نهائيات 2013 وربع النهائي في 2008 و2010 و2015 و2017 ونصف النهائي في النسخة الماضية 2019.لكن رغم ذلك، نجح منتخب تونس في تحقيق رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ "الكان" وذلك بتأهله للنهائيات للمرة 15 على التوالي (بين 1994 و2021) وهو ما لم يحققه أي منتخب آخر في أفريقيا.
قد يهمك أيضأ :